السيسي يحرّك الأمن للتحكّم بانتخابات المحليات... تكرار سيناريو البرلمان

21 يونيو 2016
يسعى السيسي للسيطرة على مفاصل الدولة (دان كيتوود/Getty)
+ الخط -
يستعد النظام المصري الحالي برئاسة عبد الفتاح السيسي لخوض غمار المعركة الانتخابية الجديدة في المحليات، المقرر لها مطلع عام 2017. ويسعى النظام إلى السيطرة التامة على مفاصل الدولة من خلال التحكم بعملية إجراء الانتخابات، عبر وضع القوانين المنظمة، واختيار الأشخاص، واستبعاد آخرين. ويعتمد السيسي للتحكم في الانتخابات على الأجهزة الأمنية، وهو ما حدث في انتخابات مجلس النواب الماضية، ومتوقع تكراره، بشكل كبير، في انتخابات المحليات، وفقاً لسياسيين، وأعضاء بمجلس النواب الحالي، تحدثوا لـ"العربي الجديد".

وتأتي أهمية المحليات هذه المرة لما لها من صلاحيات شكليّة، كبيرة وواسعة، في مراقبة ومساءلة الجهات التنفيذية في المحافظات. وتكثّف الأحزاب السياسية استعداداتها لاختيار مرشحيها في انتخابات المحليات، وعقْد دورات تدريبية لكيفية التعامل مع المشاكل اليومية للمواطنين. ويأمل المصريون في تخفيف المجالس المحلية، التي كانت في السابق بالتعيين، من معاناتهم وطرح حلول للأزمات المزمنة التي تختلف بين محافظة وأخرى. بيد أن التخوفات من تدخلات الأمن المصري في ترتيب انتخابات المحليات على غرار انتخابات مجلس النواب، سبقت حتى مرحلة البدء في إعداد قانون الإدارة المحلية، وظهرت في يناير/كانون الثاني الماضي.

وبحسب مصادر سياسية، فإن الأمن المصري طلب من بعض الأحزاب إرسال أسماء مرشحيها، عقب الانتهاء من تلقي طلبات الترشح في مختلف المحافظات. وتقول المصادر لـ"العربي الجديد" إنها لا تعلم ما إذا خاطب الأمن كل الأحزاب حول إرسال أسماء مرشحيها، أو تلك المقرّبة من النظام الحالي وتتواصل بشكل مستمر مع الأمن، والتي يمكن أن تدخل ضمن قائمة موحّدة تعبّر عن النظام الحالي مثل قائمة "في حب مصر" التي كانت مدعومة من الأجهزة الأمنية ونظام السيسي.

وتلفت المصادر ذاتها إلى أن الهدف من إرسال أسماء المرشحين للكشف الأمني عنهم مرتبط بشكل أساسي بضمان السيطرة على المحليات، وليس لضمان عدم ترشح جماعة الإخوان المسلمين في الانتخابات، على حدّ تعبيرها. وتشدد على أن "الإخوان" لو أرادوا الترشح، فلديهم مقاعد الفردي، ولكن الأساس، بالنسبة للأمن، هو القوائم، لأنها وفقاً للقانون الجديد المنظورة أمام البرلمان، فإن نسبة الثلثَين من حظ القوائم، في تكرار تجربة انتخابات مجلس النواب.

وترجّح هذه المصادر أن يشدد الأمن في مراجعة أسماء مرشحي المحليات بالتعاون مع بعض الأحزاب، حتى لا تتكرر مسألة ضعف السيطرة على مجلس النواب، متوقعاً استبعاد أسماء كثيرة من مرشحي الأحزاب على القوائم. وتؤكد أن ائتلاف "دعم مصر"، في الأغلب، وفقاً لما يدور في الكواليس، سيسعى لتشكيل قائمة موحّدة من الأحزاب المكوّنة له، للسيطرة على ثلثَي مقاعد المحليات.





في المقابل، يؤكد القيادي في حزب المصري الديمقراطي، خالد راشد، عدم مخاطبة الأمن للحزب حول إرسال أسماء مرشحيه لانتخابات المحليات المقبلة. ويقول راشد لـ"العربي الجديد"، إنه في حال طلب الأمن المصري إرسال أسماء مرشحي الحزب، سيكون الرفض هو الرد بالتأكيد، خصوصاً أن موقف الحزب من تدخل الأجهزة الأمنية في الحياة السياسية سيعيد مصر سنوات طويلة إلى الوراء. وأبدى الحزب المصري الديمقراطي، في يناير/كانون الثاني الماضي، رغبته بعدم تدخل الأجهزة الأمنية في وضع قوائم خلال انتخابات المحليات المقبلة، مثلما حدث في الانتخابات البرلمانية. 

وفي تصريحات صحافية حديثة، أعلن نائب رئيس حزب حماة الوطن، محمد الغباشي، عن إجراء حزبه كشفاً أمنياً على أعضائه الذين سيُدفع بهم في انتخابات المحليات. وجاء كلام غباشي، في إطار حديثه عن معايير اختيار المرشحين، وقال إنه سيتم الاختيار بناءً على اجتياز الاختبارات الداخلية. ومن هذه المعايير، التواصل الشعبي، والتفاعل الجماهيري، وإيجاد حلول للمشاكل، في إطار الحرص على الأمن القومي، وفقاً له.

ويرى الخبير السياسي محمد عز أن الأمن المصري لن يترك انتخابات المحليات من دون تدخل، ويرجح تكرار سيناريو انتخابات مجلس النواب، من حيث التدخل في كل كبيرة وصغيرة. ويقول عز لـ"العربي الجديد" إن النظام الحالي يُعرف باعتماده على الأمن في السيطرة على السياسة والانتخابات، لكن الانتقادات تُوجّه في الأساس للأحزاب التي توافق على هذا التحكم.

ويضيف أن الأحزاب التي ترفض التدخلات الأمنية أو السير في كنف الدولة، يكون مغضوباً عليها، وتُستبعد من المشهد، ويُحاول إضعافها، في المقابل تقوية الأحزاب الموالية للنظام وتوسيع نفوذها. ويشدد عز على أن المنظومة السياسية تتيح بالأساس تحكم الأمن بها، لأن الأحزاب، بمعظمها، ضعيفة ولا يوجد لها سند شعبي كبير، وما تحصل عليه من أصوات في الانتخابات هو بسبب رؤى مزاجية تختلف من دورة انتخابية لأخرى. ويشدد على أن المحليات لها أهمية قصوى وفقاً للدستور والقانون، وبالتالي فإن السيطرة عليها بموالين للنظام الحالي أمر مهم للغاية.