19 مارس 2019
السيسي وصناعة الوهم
أحمد القاعود (مصر)
يبقي السؤال المطروح بدون إجابة: من يقود الرأي العام المصري، المؤيد والمعارض على حد سواء؟
تقول الخبرة المكتسبة من سنوات تالية للثورة المصرية أن نظام الدولة العميقة الذى أسس للانقلاب العسكري، لم ينجح فى شيء، مثلما نجح فى استخدام العلاقات العامة والدعاية، فوظف الأحداث لصالحه، بينما أخفق فى كل ما عداها.
تمكن عبد الفتاح السيسي، مذ شغل منصب مدير المخابرات الحربية من فهم طبيعة التعامل مع الشعب المصري، وكيف تصبح الدعاية ذات سطوة بالغة على العقول، تشكلها كما تشاء وتتلاعب بها كما تريد، فصنع (السيسي) الوهم وصدره للمصريين، من خلال رسائل اتصال صارخة ومكررة، جعلت الهروب منها أمرا بالغ الصعوبة، خصوصاً وأن النفوس لازالت خاضعة لموروثات قيمية، تشكلت فى بيئة حاضنة للاستبداد والفساد.
ولم تقتصر رسائل الوهم والعبث على نظام الانقلاب العسكري، إذ على الرغم مما يحظى به معارضو السلطة من قدر مقبول ومعتبر من الفهم والقدرة على النقاش والتفكير، لتكوين وجهة نظر مستقلة وقادرة على تبين الجيد من الرديء فى مستنقع الانقلاب العسكري، فإنها خضعت لسطوة رسائل تدور حول مصطلحات، ظاهرها النبل والقيمة الأخلاقية، باطنها البذاءة.
بشر السيسي، منذ مجيئه، بعهد من الحرية والرخاء، والمشروعات الوهمية التى تستهلك إعلامياً، وتكون مادة لتخدير أنصاره، وهو ما جسده الخطاب الدعائي للسلطة العسكرية الحاكمة، فكل ثلاثة أشهر تقريبا يتم الإعلان عن مشروع قومي جديد يعتبر خلاصا للشعب المصري من مأسيه، ويتم استهلاكه إعلاميا ستة أشهر لاحقة.
خلال ذروة الانحطاط القيمي والأخلاقي، وقت تنفيذ المذابح المريعة بحق المصريين فى الشهور التالية للانقلاب، أُعلن فى مؤتمر ضخم، حضره قائد الانقلاب ورئيسه المعين وقتها، عن اكتشاف الجيش علاجا لمرض الايدز وباقي الفيروسات الكبدية التى يعاني منها قطاع واسع من المصريين، وهو ما تحوّل فضيحة عالمية للنظام.
لم تخجل السلطة العسكرية أو القائمين عليها، وإنما استمرت فى الدعاية للمشروع والإعلان عن توقيتات زمنية له، وكعادتها فى تحقير الشعب، باعت الوهم لعشرات الآلاف من المرضى، ومن يتعلقون فى حبل أمل قد ينتشلهم من مصير بغيض ناتج عن أمراض الحقبة العسكرية.
هكذا تلاعب ويتلاعب السيسي بعقول الجماهير المؤيدة له كل عدة أشهر، لكنهم قرروا إيقافه مع انتخاباته البرلمانية فلم يحضروها وأعلنوا أنهم سئموا الاستغفال.
فى المقابل، يتم طرح قضية الاصطفاف بين الفترة والأخرى عند الجمهور المعارض للحكم العسكري، فأصبحت القضية مكررة حد الملل، فلا اصطفاف يبنى من تجار شعارات أو فى استديوهات مكيفة، وإنما ينشأ ويتكوّن فى ميادين الثورة، حيث تتجانس الألوان والأشكال وتنصهر، لتنادي بقيم معيارية واحدة يمكن اعتبارها أساسا للتعايش بين كل الفئات، حتى وإن اختلفوا على فروع أو هوامش.
قضية الاصطفاف باتت تستغل لصرف الأنظار عن القضية الأساسية، هي إسقاط الحكم العسكري، بمساهمة رافضين للانقلاب يخضعون أجندتهم لمجموعة من التجار والطامعين فى لقطة إعلامية أو استضافة فضائية، متناسين صناعة أجندتهم التى يجب أن يتصدرها، الأسرى والمطاردون والعاملون الحقيقيون على إسقاط النظام العسكري.
تقول الخبرة المكتسبة من سنوات تالية للثورة المصرية أن نظام الدولة العميقة الذى أسس للانقلاب العسكري، لم ينجح فى شيء، مثلما نجح فى استخدام العلاقات العامة والدعاية، فوظف الأحداث لصالحه، بينما أخفق فى كل ما عداها.
تمكن عبد الفتاح السيسي، مذ شغل منصب مدير المخابرات الحربية من فهم طبيعة التعامل مع الشعب المصري، وكيف تصبح الدعاية ذات سطوة بالغة على العقول، تشكلها كما تشاء وتتلاعب بها كما تريد، فصنع (السيسي) الوهم وصدره للمصريين، من خلال رسائل اتصال صارخة ومكررة، جعلت الهروب منها أمرا بالغ الصعوبة، خصوصاً وأن النفوس لازالت خاضعة لموروثات قيمية، تشكلت فى بيئة حاضنة للاستبداد والفساد.
ولم تقتصر رسائل الوهم والعبث على نظام الانقلاب العسكري، إذ على الرغم مما يحظى به معارضو السلطة من قدر مقبول ومعتبر من الفهم والقدرة على النقاش والتفكير، لتكوين وجهة نظر مستقلة وقادرة على تبين الجيد من الرديء فى مستنقع الانقلاب العسكري، فإنها خضعت لسطوة رسائل تدور حول مصطلحات، ظاهرها النبل والقيمة الأخلاقية، باطنها البذاءة.
بشر السيسي، منذ مجيئه، بعهد من الحرية والرخاء، والمشروعات الوهمية التى تستهلك إعلامياً، وتكون مادة لتخدير أنصاره، وهو ما جسده الخطاب الدعائي للسلطة العسكرية الحاكمة، فكل ثلاثة أشهر تقريبا يتم الإعلان عن مشروع قومي جديد يعتبر خلاصا للشعب المصري من مأسيه، ويتم استهلاكه إعلاميا ستة أشهر لاحقة.
خلال ذروة الانحطاط القيمي والأخلاقي، وقت تنفيذ المذابح المريعة بحق المصريين فى الشهور التالية للانقلاب، أُعلن فى مؤتمر ضخم، حضره قائد الانقلاب ورئيسه المعين وقتها، عن اكتشاف الجيش علاجا لمرض الايدز وباقي الفيروسات الكبدية التى يعاني منها قطاع واسع من المصريين، وهو ما تحوّل فضيحة عالمية للنظام.
لم تخجل السلطة العسكرية أو القائمين عليها، وإنما استمرت فى الدعاية للمشروع والإعلان عن توقيتات زمنية له، وكعادتها فى تحقير الشعب، باعت الوهم لعشرات الآلاف من المرضى، ومن يتعلقون فى حبل أمل قد ينتشلهم من مصير بغيض ناتج عن أمراض الحقبة العسكرية.
هكذا تلاعب ويتلاعب السيسي بعقول الجماهير المؤيدة له كل عدة أشهر، لكنهم قرروا إيقافه مع انتخاباته البرلمانية فلم يحضروها وأعلنوا أنهم سئموا الاستغفال.
فى المقابل، يتم طرح قضية الاصطفاف بين الفترة والأخرى عند الجمهور المعارض للحكم العسكري، فأصبحت القضية مكررة حد الملل، فلا اصطفاف يبنى من تجار شعارات أو فى استديوهات مكيفة، وإنما ينشأ ويتكوّن فى ميادين الثورة، حيث تتجانس الألوان والأشكال وتنصهر، لتنادي بقيم معيارية واحدة يمكن اعتبارها أساسا للتعايش بين كل الفئات، حتى وإن اختلفوا على فروع أو هوامش.
قضية الاصطفاف باتت تستغل لصرف الأنظار عن القضية الأساسية، هي إسقاط الحكم العسكري، بمساهمة رافضين للانقلاب يخضعون أجندتهم لمجموعة من التجار والطامعين فى لقطة إعلامية أو استضافة فضائية، متناسين صناعة أجندتهم التى يجب أن يتصدرها، الأسرى والمطاردون والعاملون الحقيقيون على إسقاط النظام العسكري.