نكبة العرب

16 مايو 2018
+ الخط -
تعود الذكرى السبعون للنكبة العربية وإعلان دولة إسرائيل على أرض العرب في وضع لم تكن يتخيل مؤسسو الكيان أنه سيتحقق في أي يوم، إذ تحتفل الدولة النشاز والغريبة عن المنطقة بعيدها في أكبر عواصم العرب، وذلك في قلب ميدان التحرير الذي شهد أحداث ثورة يناير قبل سبع سنوات.
الاحتفال علانية في قلب ميدان التحرير في القاهرة بمثابة وفاة للثورة المصرية التي كان أحد أسبابها الأساسية علاقة حسني مبارك بإسرائيل، وإهانة متعمدة من الكيان للشعب المصري ورسالة مفادها "نقول لكم إننا نحتفل بنكبتكم في أهم ميادينكم"!
يتزامن الاحتفال العلني والأول من نوعه بحالة من الحول أصابت الحكم العربي، والخليجي منه خصوصا، فقيادات ما يسمّى بمحور الاعتدال أو مثلث الإجهاز على الربيع العربي وثوراته ووأد أحلام جماهيره، تعتبر إسرائيل صديقا وحليفا في مواجهة قوى الشر والإرهاب. ومن جديد هذه التصرفات المؤلمة للنفسية العربية تصريح وزير خارجية البحرين الذي أعلن على حسابه في "تويتر" تأييده الضربات الإسرائيلية ضد القوات الإيرانية أو السورية باعتبارها مصدر تهديد وخطر للوجود الإسرائيلي.
سبقت ذلك حملة دعاية ضخمة لتأييد موقف الولايات المتحدة الأميركية بقيادة رئيسها رجل الأعمال، دونالد ترامب، دعاية تعلن صراحة وقوفها إلى جواره في الانسحاب من الاتفاق النووي، بينما كانت الدول والأنظمة الحقيقية في أوروبا ترفض هذا الانسحاب، وتدعو إلى الإبقاء عليه.
حالة الحول التي أصابت الأمة العربية، بحكامها وأنظمتها، والتي جعلتها ترى العدو صديقا والصديق والجار عدوا، خارجيا كان أو ضمن مكونات شعبها كحركات الاسلام السياسي، سيكون لها تأثير بعيد المدى على هذه المنطقة ومستقبلها.
وليس أكثر بؤسا من تصريحات ولي العهد السعودي الأمير، محمد بن سلمان، بأن على الفلسطينيين أن يقبلوا بالسلام والحلول العربية وإلا يخرسوا للأبد!
حالة تماهي بعض دول الخليج مع العدو الإسرائيلي مؤسفة ومخزية، وسبب أساسي فى ظهور حركات تنتهج العنف، ولها مبرر قوي تستطيع أن تجذب به الأتباع والأنصار بأن هذه الأنظمة عميلة، وتعمل لصالح عدو الأمة. وتطبيع الأنطمة الخليجية مع أعدائها واستخدام القسوة والعنف المفرط تجاه شعوبها وإهمالهم وإنفاق مليارات الدولارات على تمويل حروب وقنوات دعاية في أمور وقضايا تعزز الدمار بالعالم العربي أمر غير مقبول، إذ كانت هذه الأموال المهولة كفيلةً بأن تنتشل العالم العربي كاملا من ويلات الفقر والانحدار الذي أوصلته إليه أنظمته الحاكمة، فالمبلغ الذي منحته السعودية للرئيس ترامب عندما زار الرياض، وهو مبلغ ابتدائي، حيث قدر بـ 450 مليار دولار، كان كفيلا بإنشاء مؤسسات تعليم من مرحلة رياض الأطفال وحتى الجامعة، بالإضافة إلى مؤسسات صحة عملاقة في كل أرجاء العالم الإسلامي، وليس العربي فقط.
إن تكلفة صاروخ واحد مما يطلق على اليمن أو راتب شهري لأحد المذيعين المؤيدين للحكم في مصر، أو دعم يحصل عليه سياسي واحد معاد للإسلاميين في تونس، كفيل بإنشاء مدرسة تعلّم عشرات الآلاف، وتنهض بواقع الأمة البائس.
ستبقى إسرائيل، مهما حاول خليجيون والتحالف العربي الصهيوني عدوا لنا، ولن تستطيع أن تغير هذه الفكرة أو هذا المفهوم، كما أن تلك الأنظمة ستخسر كثيرا جراء ما تفعله بحق العرب، لقلبها حقائق تربت عليها الأجيال.
D0014942-4C8E-4480-8BCE-3609F1487805
D0014942-4C8E-4480-8BCE-3609F1487805
أحمد القاعود (مصر)
أحمد القاعود (مصر)