السيسي في ختام جولته الأوروبية: ليبيا أولاً

28 نوفمبر 2014
دعا هولاند السيسي لمواصلة المسار الديمقراطي (آلان جوكار/فرانس برس)
+ الخط -

حملت جولة الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، الأوروبية، عناوين شتّى، لكنها تمحورت في شكل أساسي على "محاربة الإرهاب" و"تحديث الجيش المصري"، في شكلٍ يُظهر طغيان الحاجات الأمنية على كل ما عداه. فقد التقى الرئيس المصري، أمس الخميس، رئيس مجلس الشيوخ جيرار لارشيه، الذي أجرى معه جولة أفق، "حول ملفات المنطقة والحرب على الإرهاب والعلاقات الثنائية". حسب ما ذكر مصدر فرنسي لـ "العربي الجديد".

ودعا الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند، الرئيس المصري، خلال لقائهما في قصر الاليزيه، يوم الأربعاء، إلى المضي بـ "المسيرة الانتقالية بشكل ديمقراطي". وكشف هولاند عن "رغبة مشتركة في العمل معاً من أجل مكافحة الإرهاب، ومن أجل عودة الحق والقانون إلى ليبيا، وتجنّب أن يُصبح جنوبها معقلاً للإرهابيين، يهدد المنطقة". وكان السيسي، قد عقد مباحثات، الأربعاء، مع وزير الدفاع جان إيف لودريان، ركّزت على التعاون الأمني وسبل تحديث الجيش المصري.

ووصفت صحيفة "لوموند" زيارة السيسي بـ "الكلاسيكية"، ورأت أنها "تأتي في وقت يستلزم فيه تعزيز العلاقات الثنائية، مع التركيز على الأمن الإقليمي والاقتصاد، وهي رهانات السيسي". وعن الوضع السياسي في مصر، تنقل "لوموند"، عن مصدر فرنسي مسؤول، أن "الخطاب الفرنسي يؤيد مسار الانتقال الديمقراطي، وهذا لا ينفي أنه تمّ توجيه خطاباتٍ في مسألة احترام حقوق الإنسان، للطرف المصري".

وترى الصحيفة أن "عودة السيسي إلى الواجهة كانت بفضل تأديته دور الوساطة في حرب غزة، ومطالبته بإعطاء دفعة جديدة للمبادرة العربية 2002. كما أن الملف الليبي، الذي يحظى بالأولوية لدى المسؤولين الفرنسيين، قرّب أكثر بين الطرفين".

وتحدثت الصحيفة عن مواقف مصرية متشددة من الملف الليبي، وكتبت أنه "إذا كان الطرفان يُظهران للعلن الدعم عينه للمبعوث الأممي في ليبيا برناردينو ليون، وعلى الرغم من تعزيز التعاون الأمني بين البلدين، فإن الخلافات لا تزال موجودة. فمصر متشددة في مواقفها تجاه الإسلاميين وتريد فرض موقفها على الأطراف الأخرى الفاعلة في هذا الملف الإقليمي، تحديداً الجزائر، التي تطالب بوساطة موسعة".

وأما صحيفة "لوفيغارو" اليمينية، فبعد نشرها الإعلان الإشهاري المُرحّب بالسيسي في فرنسا، والذي دفع ثمنه، نقداً، رجل الأعمال المصري محمد نبيل حلاوة، عادت، أمس الخميس، لتؤكد أن "الأزمة الليبية كانت في صلب محادثات السيسي مع هولاند".

واعتبرت أن "فرنسا مدّت البساط الأحمر للماريشال السيسي، الذي حظي بلقاء مع هولاند، ومع وزير الخارجية لوران فابيوس ومع لودريان". وذكرت أن "الانتقادات الفرنسية لقمع قوات الأمن المصرية المعارضين، خفّت حدتها كثيراً، من أجل منح الأفضلية للصراع المشترك ضد التهديد الجهادي، الذي تُعتبر ليبيا مسرحه الأول، بنظر الطرفين".

وتتابع "إلا أن الأمور ليست بالبساطة التي يمكن تصوّرها، فإذا كانت القاهرة وباريس تتقاسمان نفس القلق، فإن رؤى إيجاد حلّ للأزمة مختلفةٌ أحياناً". وتعتبر أنه "إذا كانت مصر تخشى على حدودها على سيناء، فإن المخاوف الفرنسية تتركز على الجنوب الليبي، الثقب الأسود الواسع، الذي جعل منه المقاتلون الجهاديون قاعدتهم الخلفية للنشاط في منطقة الساحل".

ولم يتطرّق الرئيس الفرنسي، أمام الصحافة، "لإخلال مصر بواجباتها في موضوع حقوق الإنسان"، لا بل ركز على "وجوب العمل المشترك حتى تستطيع السلطات الليبية فرض سلطتها على مجموع الأراضي الليبية".
وتكشف "لوفيغارو" أن "مصر السيسي اختارت ورقتها في ليبيا، عبر دعم اللواء المتقاعد خليفة حفتر، حتى ولو اضطر الأمر إلى تسهيل الغارات الجوية التي قام بها حلفاؤه، الإقليميون، في شهر أغسطس/آب الماضي".

أما فرنسا، التي لا تختلف قراءتها للفوضى الليبية عن مصر السيسي، فقد أعلنت تفضيلها "حواراً سياسياً بين الأطراف الليبية، حتى يتمّ تجنّب الوصول إلى الحالة العراقية". غير أن "سيف الوقت مسلط، ولم يتبقّ سوى ستة أشهر، على الأرجح، لمنع الانهيار الكامل لليبيا"، حسب ما نقلت "لوفيغارو" عن دبلوماسي فرنسي. وتضيف أن "الموقف المصري الرسمي يذهب بعيداً، إلى درجة تفضيل تدخل دولي، في أسرع وقت، تحت شكل ضربات جوية غربية ضد مواقع الجهاديين في جنوب ليبيا".

وتعترف الصحيفة أنه "على الرغم من الهدوء الذي يسود، اليوم، العلاقات بين البلدين، فإن السيسي وجنرالاته يُذكّرون بالمسؤولية الفرنسية المؤكدة في انهيار الدولة الليبية، بعد التدخل العسكري الذي أدى إلى إطاحة العقيد معمّر القذافي في طرابلس".

وعنونت صحيفة "ليبراسيون" اليسارية، افتتاحيتها بـ "السيسي في باريس من أجل التسويق المعادي للجهاد". ورأت في الزيارة فرصة لتباحث الرئيسين المصري والفرنسي حول ليبيا وصفقات الأسلحة. ورأت أن "كل ما جرى هو عبارة عن حديث كثير عن ليبيا، وقليلٌ عن حقوق الإنسان"، في تلخيصها لمحادثات الرئيسين. وأشارت إلى أن "موضوع ليبيا تغلَّبَ في المحادثات على موضوع مواصلة مسلسل الانتقال الديمقراطي، الذي أفسده قمعٌ لا يرحم ضد الإخوان المسلمين".

ولفتت إلى أنه "لم يتمّ التطرق إلى أي تعاون عسكري بين البلدين، ولكنه ستتمّ مناقشة شراء مصر لطائرات رافال لتحل محل طائرات ميراج المتقادمة في الأسطول الجوي المصري". وذكّرت بصفقة الـ1.5 مليار دولار لشراء أربع سفن كورفيت فرنسية للبحرية المصرية، في الصيف الماضي.

وإذا كان السيسي استغل الزيارة لتوجيه نداء للسياح الفرنسيين للعودة إلى مصر، يُذكّرهم فيه أنه "لا يوجد شيء يخشونه وأن المصريين شعب يحب ضيوفه". فإن هولاند "لم يُعلّق على الأحكام الصادرة بالسجن لمدد تتراوح ما بين سنتين و5 سنوات ضد 78 متظاهراً طالبوا بعودة الرئيس المعزول محمد مرسي". لكن الصحيفة نقلت عن دبلوماسي فرنسي، تأكيده أن "هولاند ذكّر السيسي، بحصيلة القمع الذي طالَ الإخوان المسلمين، والذي أدى إلى مقتل أكثر من 1400 شخص وسجن 15 ألفاً آخرين".

المساهمون