كشف تقرير حديث صادر عن الإدارة العامة للإحصاء الكويتية، عن قفزة كبيرة في أعداد الكويتيين العاملين في القطاعين الحكومي والخاص منذ بداية العام الحالي، إذ بلغ إجمالي الكويتيين العاملين في هذين القطاعين خلال النصف الأول من العام نحو 390 ألف مواطن بارتفاع نسبته 11%، مقارنة بـ350 ألف مواطن بالنصف الأول من 2018.
وأظهر التقرير أن أعداد المواطنين في سوق العمل الكويتية تنقسم إلى 310 آلاف مواطن في القطاع الحكومي، و80 ألف مواطن فقط في القطاع الخاص، وذلك نتيجة تفضيل القطاع الخاص تعيين الوافدين بنسب أكبر من المواطنين للعمل بشركاته.
وأوضح التقرير أن السبب الرئيسي وراء ارتفاع أعداد الكويتيين بسوق العمل الكويتية خلال النصف الأول من العام 2019، يرجع الى سياسة الإحلال الجديدة التي وضعتها الحكومة الكويتية بإنهاء خدمات الوافدين واستبدالها بالعمالة الوطنية محلهم، بالإضافة إلى رفع نسب توطين العمالة الوطنية، وهو ما أدى إلى استيعاب مزيد من العاملين بالقطاع الخاص.
وفي هذا السياق، قال أستاذ الاقتصاد في جامعة الكويت نواف الصانع لـ"العربي الجديد"، إن زيادة توطين العمالة الوطنية في سوق العمل بشكل عام، أمر جيد، ولكن يجب أن يكون توطيناً في محله، أي بتوفير الوظائف التي تناسب مخرجات التعليم والتخصصات التي يتخرج منها الطلاب، وليس توظيفهم في أماكن تخالف اختصاصهم فقط لأن الحكومة تريد رفع نسب العمالة الوطنية.
وأضاف الصانع: "للأسف، ما تسعى إليه الحكومة من زيادة نسب العمالة الوطنية في سوق العمل بقطاعيه العام والخاص لتخفيض نسب البطالة بين الشباب الكويتي، سيؤدي إلى نتائج عكسية، نتيجة توفير شركات القطاع الخاص وظائف لهم بغير تخصصاتهم سعياً لتحقيق النسب المقررة عليهم من العمالة الوطنية، وهو أمر يضعف سوق العمل ويؤدي إلى تراجع الإنتاجية". وشدد على ضرورة وضع ضوابط لتطبيق زيادة نسب العمالة الوطنية بقطاعات سوق العمل، حتى تستفيد السوق من الشباب الكويتي، كلٌّ وفق تخصصه، ولا يؤدي هذا القرار إلى التأثير سلباً على بنية الاقتصاد في المستقبل.
قد أظهر التقرير أن أكثر الوزارات الحكومية استيعاباً للعمالة الوطنية، هي وزارة التربية بعدد 90 ألف موظف كويتي وكويتية، بالإضافة الى وزارة الصحة بعدد 35 ألف موظف وموظفة، فيما جاءت أبرز القطاعات الخاصة استيعاباً للكويتيين، قطاع البنوك والشركات الاستثمارية، بالإضافة الى قطاعي التأمين والصحة.
وأشار التقرير إلى استقرار متوسط رواتب المواطنين العاملين في القطاع الحكومي الكويتي خلال النصف الأول من 2019 عند 54 ألف دولار سنوياً، أي بمتوسط شهري 4.5 آلاف دولار، وهو يعتبر من المعدلات العالية بين دول المنطقة. وبحسب بيانات وزارة المالية الكويتية، تدفع الكويت سنوياً نحو 40 مليار دولار على المعاشات، وهو ما يعادل تقريباً نصف مصروفات الموازنة الكويتية البالغة نحو 74 مليار دولار.
في المقابل، يقول التقرير إن متوسط رواتب الكويتيين في القطاع الخاص خلال النصف الأول بلغ 4 آلاف دولار شهرياً بمعدل 48 ألف دولار سنوياً، مشيراً إلى أن متوسط الرواتب يقل في القطاع الخاص نتيجة انخفاض البدلات التي تمنحها الشركات للعاملين بها مقارنة بالقطاع الحكومي.
وتحدث الخبير الاقتصادي أحمد الهارون لـ"العربي الجديد" عن ارتفاع أعداد العاملين الوافدين في القطاع الخاص أكثر من المواطنين، ويقول إن السبب يرجع إلى ابتعاد عدد كبير من المواطنين عن العمل في عدد من المهن الحرفية والمهن التي يرون فيها تقليلاً من شأنهم، وبالتالي يحل الوافدون محلهم فيها.
وأضاف الهارون أن الحكومة أصبحت مطالبة بتعديل ثقافة مواطنيها وترغيبهم بالعمل في المهن الحرفية، والمهن التي يعزفون عن ممارستها، حتى نقضي على البطالة بشكل كبير في البلاد، وخصوصاً أن الكويت تمتلك كفاءات وطنية قادرة على العمل بهذه المهن.
في المقابل، أكد التقرير أن أعداد الوافدين في سوق العمل الكويتية شهدت تراجعاً خلال النصف الأول من 2019 إلى 2.4 مليون وافد، بانخفاض 8 في المائة عن النصف الأول من العام الماضي حيث بلغ عددهم 2.6 مليون وافد، مشيراً إلى أن انخفاض أعداد الوافدين في سوق العمل يعود إلى انخفاض أعدادهم بالقطاع الحكومي إلى 90 ألفا فقط بنهاية يونيو/حزيران الماضي. ولفت التقرير إلى أن متوسط الراتب الشهري للوافدين في القطاع الحكومي الكويتي استقر خلال النصف الأول من العام الجاري عند 24 ألف دولار سنوياً، أي بمتوسط شهري يقدر بألفي دولار.