السودان واقتصاد الأزمة

20 مايو 2015
لابد للسودان من البحث عن مقومات للنهوض الاقتصادي(أرشيف/Getty)
+ الخط -
حال السودان لا يختلف كثيراً عن الدول العربية غير النفطية، وإن كان واقعه الاقتصادي أشد سوءاً من واقعه التنموي، خاصة على الفقراء، فالسودان يصنف ضمن الدول الأشد فقرًا على مستوى العالم، وحسب الإحصاءات بلغ معدل التضخم 25%، والبطالة نحو 20% من القوى العاملة، ووصول التضخم لهذا المعدل في ظل معدل فقر 46% من السكان، يجعل من تدبير أساسيات الحياة الضرورية أمر صعبًا، خاصة أن الحكومة رفعت مؤخرًا الدعم عن العديد من السلع، ولاسيما الوقود.
إن تعايش أي اقتصاد مع ظاهرتي البطالة والتضخم في آن واحد، يعد من مؤشرات الضعف، التي تنعكس آثارها بشكل كبير على معدلات النمو، وبالتالي باقي المؤشرات الاقتصادية الكلية.
الحديث عن الأزمة الاقتصادية في السودان له عمق زمني كبير، نظرًا للأوضاع السياسية التي مر بها، رغم امتلاكه للعديد من مقومات النهوض الاقتصادي، ومن الغريب أن هذا الواقع الاقتصادي السلبي يصحبه دائمًا الإعلان عن استثمارات عربية، خاصة في القطاع الزراعي.
إن زيادة الاستثمارات هي العلاج الناجع لتخلص أي اقتصاد من مشكلات البطالة والتضخم، ولكن على ما يبدو فإن هذه الاستثمارات العربية بالسودان تستخدم الميكنة الزراعية المتقدمة، وبالتالي لا يستعينون بالمزيد من العمالة السودانية، أو يتم الاستعانة بالعمالة الأجنبية لإدارة هذه المشروعات، أو أن مخرجات هذه الاستثمارات لا يستفيد منها السودان حيث يتم تصديرها للخارج.
وانفصال جنوب السودان، بقدر ما سمح للسودان ببعض الوفورات الاقتصادية، إلا أنه حرمه من العوائد النفطية، حيث احتفظ الجنوب بغالبية حقول النفط، كما أضاف مشكلات أخرى، تمثلت في الأعباء التي تتحملها السودان جراء الهجرة من الجنوب بسبب حالة الحرب الدائمة بين الفصائل المتناحرة هناك.
لابد للسودان من البحث عن مقومات للنهوض الاقتصادي، بعيدًا عن النموذج الريعي، الذي يعتمد على المضاربة في الأراضي أو العملات، أو الاعتماد على تحويلات العاملين بالخارج، أو الحصول على المنح والمساعدات.
فمرور الوقت في ظل غياب مشروع للتنمية، يعمق من إطالة معايشة السودان لأزمته الاقتصادية، ولابد من إعادة النظر في شروط استقدام الاستثمارات الأجنبية، خاصة العربية منها، بما يعود بنتائج إيجابية تغير من خريطة الفقر في البلاد.

المساهمون