بعد ثلاثة شهور من مناشدة السلطة الفلسطينية جامعة الدول العربية بتفعيل شبكة الأمان العربية بهدف إنقاذها من أزمتها المالية، تحوّلت المناشدات والخطوات العملية نحو الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة الأميركية.
وطالبت القيادة الفلسطينية الاتحاد الأوروبي بإعادة تفعيل "الصندوق الدوار" بهدف إقراض السلطة الفلسطينية عائدات الضرائب التي تقوم حكومة الاحتلال الإسرائيلي بقرصنتها، ما جعل السلطة تعيش أزمة مالية خانقة، جعلتها تعجز عن دفع رواتب ومستحقات موظفيها.
وقال مفوض العلاقات الدولية في حركة "فتح"، نبيل شعث، لـ"العربي الجديد": "خلال زيارة القيادة الفلسطينية للاتحاد الأوروبي، طلبنا منهم، رسميّاً، تفعيل "الصندوق الدوار".
وأضاف، أن هذا الصندوق، الذي قمت بتوقيع اتفاقية إنشائه عام 1995 عندما كنت وزيراً للتخطيط، يقوم بتقديم ذات المبالغ المالية التي تقوم حكومة الاحتلال بقرصنتها، على أن تتم إعادة المبلغ بعد أن تعيده إسرائيل إلى السلطة الفلسطينية.
وتابع: "نحن نتحدث هنا عن قرض ميسر، لا يخضع لأي فوائد من أي نوع، وهدفه إنقاذ السلطة الفلسطينية من الأزمة المالية التي تسببت فيها إسرائيل بخطواتها العقابية باحتجاز عائدات الضرائب الفلسطينية.
وأشار إلى أنه أطلق على هذا القرض اسم "الصندوق الدوار"، لأن "أي مبلغ يقدمه الأوروبيون من خلاله سيتم استرداده بعد إفراج إسرائيل عن أموالنا".
وتحتجز حكومة الاحتلال الإسرائيلي عائدات الضرائب الفلسطينية، التي تزيد عن 120 مليون دولار، منذ شهر ديسمبر/كانون الأول الماضي، بعد أن أعلنت السلطة الفلسطينية انضمامها إلى المحكمة الجنائية، وذلك بعد فشل تقديم مشروع إنهاء الاحتلال أمام مجلس الأمن.
ولفت شعث إلى أن "السلطة الفلسطينية لجأت إلى "الصندوق الدوار" على مدار عشر سنوات، أي من 1995 وحتى 2005، بشكل مستمر، وبعد ذلك لم نلجأ إليه لأن عقوبات إسرائيل خفت بشكل كبير، لكننا، اليوم، بحاجة إلى تفعيله".
وحول موعد تفعيله، قال المسؤول الفلسطيني: "بعد أن طلبنا من الأوروبيين تفعيله بشكل رسمي، يعملون حاليّاً على رصد المبالغ المالية المطلوبة فيه، وهذا يحتاج إلى وقت نتمنى ألا يطول، لأن الوضع بات لا يحتمل الانتظار".
وفيما إذا كان طلب تفعيل "الصندوق الدوار" يأتي بعد يأس الفلسطينيين من تفعيل جامعة الدول العربية لشبكة الأمان العربية التي التزمت بها الدول العربية، ولم تلتزم بذلك على الرغم من مناشدات الرئيس عباس، أجاب شعث: "نتمنى أن تفعل شبكة الأمان العربية قريباً، لإنقاذنا من الأزمة الخانقة، وفي حال تم تفعيلها، ورصد الأوروبيون الأموال لـ"الصندوق الدوار" سيكون ذلك أمراً جيداً وينقذ السلطة من أزمتها".
وفي السياق ذاته، أكد مصدر من اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية، لـ"العربي الجديد"، أن "أي أموال لن ترسل من الدول العربية لإنقاذ السلطة من أزمتها إلا بعد انتهاء الانتخابات الإسرائيلية في مارس/آذار القادم".
وتابع: "ما تم إرساله حتى الآن هو مساعدات من بعض الدول، مثل السعودية وقطر، لكن لم يتم تفعيل شبكة الأمان العربية التي نصت عليها قمم عربية سابقة، والتزمت بمساعدة السلطة بمبلغ 100 مليون دولار شهريّاً".
ويبدو أن توجه الفلسطينيين إلى الاتحاد الأوروبي أو الإدارة الأميركية علامة على أن القيادة الفلسطينية لم تعد تعوّل على الدول العربية لإنقاذها من أزمتها الخانقة، وباتت تطرق أبواب الأوروبيين والأميركيين بكثافة أخيراً.
وفي الإطار ذاته، جدد رئيس حكومة الوفاق الوطني، رامي الحمد الله، أمس، دعوته للإدارة الأميركية بضرورة إلزام إسرائيل بالافراج عن عائدات الضرائب.
والتقى الحمد الله، أمس الثلاثاء، في مكتبه برام الله، منسق مجلس الأمن القومي في البيت الأبيض لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا ومنطقة الخليج، فيليب جوردن، بحضور القنصل الأميركي العام في القدس، مايكل راتني، وأطلعه التطورات السياسية، وآخر الانتهاكات الإسرائيلية، وبشكل خاص استمرار احتجاز عائدات الضرائب الفلسطينية.
وأكد رئيس الوزراء الفلسطيني، في بيان صحافي، وصل "العربي الجديد" نسخة منه"، أن "استمرار إسرائيل في احتجاز عائدات الضرائب الفلسطينية يشكل خرقاً لكل المواثيق والمعاهدات الدولية، ويعمل على تعطيل قدرة حكومة الوفاق الوطني في تلبية احتياجات المواطنين"، مشيراً إلى أن "الحكومة اقترضت من البنوك لدفع 60% من رواتب الموظفين".
ودعا الإدارة الأميركية إلى "بذل أقصى الجهود لإلزام إسرائيل بوقف انتهاكاتها في حق شعبنا والإفراج عن أموال الضرائب"، مشدداً على ضرورة أن تقوم الدول المانحة بالالتزام بتعهداتها تجاه دعم الحكومة الفلسطينية في ظل المرحلة الحرجة التي تمر بها، وبشكل خاص تمكينها من الإسراع في عملية إعادة إعمار غزة.
اقرأ، أيضاً: شبكة الأمان العربية: انتظار فلسطيني منذ 2010