وباءت محاولات الحراكيين لنقل اعتصامهم الأسبوعي إلى أمام المركز الوطني لحقوق الإنسان بالفشل، إذ حشدت السلطات الأردنية المئات من رجال الأمن العام وقوات الدرك بما تجاوز عدد المحتجين بين الدوارين الرابع والسادس، على امتداد ما يزيد عن كيلومترين ونصف، كما أغلقت الشوارع أمام حركة السير في العديد من الطرق الرئيسية والفرعية في المنطقة، مما تسبب بأزمة سير حادة.
ويبدو أنه قد صدر قرار رسمي لمنع وصول نشطاء الحراك إلى المركز الوطني لحقوق الإنسان، وإحباط أي محاولة لخروج الحراكيين والنشطاء من الساحة التي حددتها لهم الحكومة مقابل مستشفى الأردن قريباً من الدوار الرابع.
وتكشف الإجراءات الحكومية الأخيرة أن هناك محاولات حكومية لتحجيم المركز الوطني لحقوق الإنسان، ومنعه من الاستمرار بإصدار مواقف محايدة في تلك النزاعات والشكاوى التي يتقدم بها نشطاء سياسيون، احتجاجاً على ما يعتبرونه "تغولاً حكومياً على الحقوق السياسية للأردنيين، كالحق بحرية التعبير، والتجمع والتظاهر".
واتجهت السلطات الأردنية، في الفترة الأخيرة، إلى تشديد قبضتها الأمنية في مواجهة النشطاء والحراكيين، عبر قانون الجرائم الإلكترونية، في ظل خطاب جديد يحمل في طياته تهديداً، وتغييرات في الأجهزة الأمنية تصب في السياق نفسه.
ووصل عدد معتقلي الحراك الأردني، خلال الأيام الأخيرة، إلى 19 شخصاً.
ويخوض عدد من المعتقلين إضراباً عن الطعام، أبرزهم المعلم صبري المشاعلة المضرب عن الطعام منذ 32 يوماً، والمحامي نعيم أبو ردنيه منذ 14 يوماً، والمحامي فراس الروسان منذ 13 يوماً، والمعلم معاوية الشواورة منذ 11 يوماً، والناشط كميل الزعبي منذ 8 أيام، والناشط أحمد النعيمات منذ 7 أيام.
وتجنب المشاركون في فعاليات اليوم الاحتكاك مع رجال الأمن، الذين حاولوا تضييق الخناق عليهم، كما منعوهم من السير بشكل جماعي.
وأشار الحراكيون إلى أن فعالياتهم تستهدف "الفاسدين، وليس رجال الأمن"، مؤكدين إصرارهم على تنفيذ الفعاليات ومحاولة الوصول إلى المركز الوطني لحقوق الإنسان إلى حين تحقيق مطالبهم، مطالبين السلطات والحكومة بـ"التخلي عن العقلية الأمنية العرفية التي يتعاملون بها مع المواطنين".
واتهمت منظمة "هيومن رايتس ووتش"، في بيان الثلاثاء، السلطات الأردنية باستهداف النشطاء السياسيين ومناهضي الفساد بشكل متزايد أخيراً، عبر توقيف عدد منهم بتهم "تنتهك حقهم في حرية التعبير".
وقال نائب مديرة قسم الشرق الأوسط في المنظمة، مايكل بيج، إن "على السلطات الأردنية معالجة السخط العام حول المشاكل الاقتصادية المحلية وسياسات التقشف، بإشراك المواطنين والاستماع لهم بدل القبض على منظمي الاحتجاج والمطالبين بالمساءلة العامة". وأضاف: "لا يمكن للحكومة الأردنية إسكات استياء المواطنين من حكومتهم بالاعتقالات والمضايقات".
ويطالب الحراك الشعبي في الأردن بحكومة انتقالية ذات مهام محددة، من شخصيات وطنية تنجز صياغة دستور جديد يكون الشعب فيه مصدراً للسلطات، ويشدد على ضرورة فصل السلطات، وأن تكون جميع السلطات منتخبة انتخاباً ديمقراطياً كاملاً.
كما يطالب الحراك بمحاربة الفساد وتجفيف منابعه بتفعيل قانون "من أين لك هذا"، وإشهار الذمة المالية للمسؤولين وأسرهم، وفتح كافة ملفات الفساد وملاحقة الفاسدين، وكل من امتدت يده للمال العام عبر محاكم مدنية، وإلغاء جميع البيوع لمؤسسات الدولة وأصولها فيما عُرف ببرنامج الخصخصة.
كما يطالب الحراك بالإفراج عن جميع معتقلي الرأي، وإلغاء جميع القوانين المقيّدة للحريات، وعلى رأسها قانون محكمة أمن الدولة، وقانون الجرائم الإلكترونية، وقانون منع اﻹرهاب ذو الصيغة المطاطة، وكف يد الأجهزة الأمنية عن الحياة السياسية والتدخل فيها.