ووفقا للمصادر ذاتها، فإن مسجدي سيتسلم المهمة رسميا خلال الفترة المقبلة، رغم اعتراض واسع من قبل كتل وقوى سياسية عراقية، بسبب تاريخ مسجدي في العراق، إذ يشغل منصب مستشار عسكري لقائد "فيلق القدس"، قاسم سليماني، فضلا عن تصريحاته الطائفية المتعلقة بالشأن العراقي.
وقال دبلوماسي عراقي رفيع في وزارة الخارجية ببغداد، لـ"العربي الجديد"، إن "العبادي وافق على مسجدي، وأبلغ رئيس الجمهورية فؤاد معصوم، الذي لم يبد هو الآخر أي اعتراض على تعيين الضابط بالحرس الثوري سفيرا لطهران في العراق".
وطرحت طهران اسم مسجدي مطلع يناير/ كانون الثاني الماضي، في إطار التغييرات الدبلوماسية التي تعتزم طهران إجراءها في سفارتها في بغداد، فضلا عن قنصلياتها في النجف والبصرة وكربلاء والسليمانية، مما يثير مخاوف من تحضير طهران لمرحلة جديدة بالعراق، خاصة وأن أغلب الأسماء البديلة المطروحة قادمة من المؤسسة الدينية والعسكرية التابعة للحرس الثوري الإيراني، المرتبط بالمرشد الأعلى للجمهورية، علي خامنئي.
ووفقا للمعلومات المتاحة عن الرجل فهو ابن مؤسسة الحرس الثوري، وفيها نشأ منذ تأسيسها، وقد تعرض لإصابة بالغة في البطن والرأس خلال معركة عام 1981، إثر احتلال الجيش العراقي مدناً إيرانية عدة عرفت حينها بـ"معركة ديزفول"، وهي الإصابة التي تسببت في الحد من كفاءته كجندي منذ ذلك الحين.
مسجدي، البالغ من العمر نحو 59 عاما، ظهر مجددا كاسم لامع في ملف الهيمنة الإيرانية على العراق، عقب الاحتلال الأميركي للبلاد، وشغل أخيرا منصب مستشار عسكري للجنرال قاسم سليماني، وأشرف على معارك الفلوجة وتكريت وجرف الصخر في محافظة بابل، وحاليا يشرف على عمل مليشيات "الحشد الشعبي" في المحور الغربي للموصل، ومنه تتلقى أوامرها.
عرف عنه تصريحاته الطائفية والحادة في الشأن العراقي والعربي بشكل عام، وطابعه العسكري البعيد عن الدبلوماسية.
وقال مسجدي، في تصريحات سابقة، إن "العراق وسورية هما الخط الأمامي الدفاعي الأول لإيران"، فيما علّق على معركة الفلوجة الأخيرة بكلمه له في مدينة رودهن الإيرانية بأن "دخولنا في معركة الفلوجة كان من أجل أن تبقى إيران مركزا للتشيّع في العالم، كما أننا نعتبر هذه المشاركة دفاعا عن إيران وحدودها"، على حد تعبيره.
وأثار تصريحه عام 2013 حول نظام الأسد في دمشق، الذي قال فيه "لولا تدخل (فيلق القدس) في اللحظات الأخيرة لسقط الأسد على أيدي المعارضة.. لقد تدخلنا في اللحظات الأخيرة وأنقذنا النظام"، جدلا واسعا، واعتبر إهانة واستهزاء إيرانيا برئيس النظام السوري، بشار الأسد.
وقال برلماني عراقي بارز في التحالف الوطني الحاكم، تعليقا على اقتراح مسجدي سفيرا لبلاده في بغداد، لـ"العربي الجديد، إن "التغيير جاء اضطرارا"، موضحا: "العلاقة بين العبادي والسفير الحالي حسن دنائي فر ليست على ما يرام، وقد اشتكى رئيس الوزراء منه عدة مرات بسبب ملف دنائي فر وعلاقته مع المالكي ودعمه إياه"، مؤكدا أن "مسجدي هو مرشح قاسم سليماني الذي وافق عليه علي خامنئي".
وذكر المصدر ذاته أن "مسجدي موجود بالعراق، وعملية تسلمه المنصب لن تستغرق سوى خلعه الملابس العسكرية وارتداء الملابس المدنية".
واعتبر محللون أن تعيين عميد في الحرس الثوري الإيراني سفيراً لإيران في بغداد رسالة واضحة من طهران للعالم على سيطرتها التامة على العراق، و"نيتها اتخاذ استراتيجية جديدة في التعامل مع الوضع العراقي في المنطقة".
وقال المحلل السياسي، أيمن الجبوري، إن اسم العميد مسجدي مدرج في قوائم الإرهاب في عدد من الدول، بسبب ما ارتكبه من جرائم في سورية والعراق لاحقا"، مبينا، في حديث مع "العربي الجديد"، أن "تعيين ضابط متهم بجرائم حرب يعتبر تطورا خطيرا على المشهد العراقي وفي المنطقة، خاصة بعد التهديدات الأميركية الأخيرة لطهران، لكنها تبدو أكثر إصراراً على مواصلة مشروعها التوسعي في العراق والمنطقة".
ويرى الخبراء أن السفارة الإيرانية في بغداد ذات أهمية استراتيجية في المنطقة، وتعيين سفير إيراني عسكري بهذا المستوى "تطور خطير سيزيد من تعقيد الأزمة".
في المقابل، ذكر الباحث في الشأن الإيراني، مرتضى الوائلي، أن "طهران طرحت اسم مسجدي سفيرا لها في بغداد خلفاً لحسن دنائي قبل تسلم الرئيس الأميركي ترامب للسلطة كرسالة من طهران على أنها لن تترك العراق ولن تخرج منه بسهولة".
يذكر أن قيادات من التحالف الوطني الحاكم في العراق اعترضت بشدة على تعيين ثامر السبهان سفيراً للرياض في بغداد، متذرعة بأنه كان ضابطاً في جهاز الاستخبارات السعودي، وهي القيادات ذاتها التي أصرت على تعيين مسجدي سفيرا لطهران في بغداد.