اقرأ أيضاً: العراق يتسلم أوراق اعتماد السفير السعودي في بغداد
وتتفاوت تلك الزيارات بين التعارف والترحيب بالسفير الجديد ثامر السبهان، أو عرض أفكار ورؤى مختلفة وتقديم طلبات. وعلى مقربة من البوابة التي تفضي الى مقرّ السفارة السعودية ببغداد، القريبة من نهر دجلة وشارع أبي نؤاس الموغل بالقدم، لا تتوقف العارضة المعدنية عن الارتفاع للسماح بمرور السيارات إليها، كل بضعة دقائق. تقلّ شخصيات عراقية بعناوين مختلفة من البصرة والموصل، ومن النجف وبطن ذي قار أو بادية المثنى بمواعيد مسبقة تم منحها لها لزيارة السفارة السعودية.
بعض الزوار يحرصون على عدم الكشف عن أسمائهم مثل (ح س) وهو سياسي بارز من التحالف الوطني، قال لـ"العربي الجديد" إنه "ليس العيب في أن نخطئ بسياسة ما، لكن العيب في الاستمرار بها. إن فرقنا المذهب عن السعودية فيجمعنا الدم العربي".
ويضيف في حديث لـ"العربي الجديد" التي قابلته "متلبساً"، كما يصف الموقف ضاحكاً، أن "سياسة السعودية العامة تجاه العراق ممكن أن تلخص الموقف الخليجي بشكل عام وهو وحدة العراق أرضاً وشعباً ورفض أي محاولات لتقسيمه". ويتابع أن "جميع الاتهامات التي سيقت في ما مضى حول تورّط الرياض أو عواصم خليجية أخرى بتغذية العنف في العراق كانت غير صحيحة، ويمكن وصفها بأنها شماعة تعليق أخطاء العملية السياسية والحكومة، أو نفس طائفي مدفوع من إيران".
ويضيف: "كنا نفتقد اللاعب العربي القوي بالعراق طيلة السنوات الثلاث عشرة الماضية، وتحدثنا مع السفير عن مخاوفنا وطموحاتنا، وبدا أنه عامل إيجابي بالعراق، لذا لا داعي لدعوات المقاطعة التي تصدر من بعض زملائنا في التحالف وعليهم التفكير بمصلحة العراق قبل مصلحة الآخرين"، على حدّ تعبيره.
وباشرت السفارة السعودية في بغداد عملها رسمياً في الثلاثين من ديسمبر/كانون الأول الماضي بوصول السفير ثامر السبهان إلى بغداد، كأول سفير سعودي بالعراق منذ 25 عاماً بعد قطع العلاقات بين البلدين بعد الغزو العراقي للكويت.
ولا يقتصر جدول أعمال السفارة اليومي كما يبدو، على السياسيين والزعماء القبليين أو رجال الدين من طوائف مختلفة فحسب، لكن بدت حركة الصحافيين والمثقفين والكتاب العراقيين هي الأخرى واضحة في التردد على السفارة، وطلب اللقاءات أو تنظيم فعاليات اجتماعية وثقافية مختلفة، يشترط فيها التنسيق المسبق مع وزارة الخارجية العراقية ببغداد.
ويكشف مسؤول حكومي عراقي لـ"العربي الجديد" أن "السعودية قد تؤدي دوراً مهماً في العراق خلال الفترة المقبلة من خلال مشروع المصالحة الوطنية الذي من المقرر البدء به قريباً، إذ من الممكن أن تكون عاملاً إيجابياً فيه وبشكل كبير".
ويضيف المسؤول العراقي الذي طلب عدم الكشف عن اسمه: "نتوقع أن يكون هناك حراك خليجي أكبر بالشأن العراقي في الفترة المقبلة، وهناك إجماع على الترحيب بهذا الدور من مختلف الدول باستثناء إيران التي تجد في ذلك خطراً على مصالحها". ويبين أنّ "النجاح السعودي الدبلوماسي في بغداد قد يدفع بالإيرانيين إلى تغيير سفيرهم ببغداد حسن دنائي فر، الذي يتولى المهمة منذ العام 2010، بسبب نفور وتشنج بعض الكتل السياسية منه، خصوصاً الكتل الكردية والسنية والتركمانية، في محاولة إيرانية لاستعادة المبادرة مجدداً".
ووصل يوم الاثنين القنصل السعودي الجديد عبد المنعم عبد الرحمن صالح إلى مدينة أربيل عاصمة إقليم كردستان لمباشرة مهامه كقنصل عام لبلاده لدى الإقليم. وبحسب بيان صادر عن محافظ أربيل، نوزاد هادي، فقد جرى استقبال الفريق الدبلوماسي السعودي بحفاوة كبيرة، إذ إنه سيكون أول قنصل سعودي بالإقليم الكردي. وكشف هادي أن القنصل السعودي المقرر أن يباشر عمله قريباً أعرب عن رغبة بلاده بزيادة التعاون في مختلف الأصعدة بين المملكة والإقليم الذي يتمتع بحكم شبه ذاتي.
وحول ذلك، يقول السياسي العراقي محمود السعدون، إن "الارتياح الحالي في الشارع العراقي، أو لعدد كبير من الكتل السياسية، ليس بسبب نجاح الجهود الدبلوماسية السعودية بالعراق، بل بسبب وجود لاعب عربي إيجابي كاسر للصورة النمطية الإيرانية الأميركية التي خيمت على البلاد منذ الاحتلال". ويخلص إلى أن "الهوية العربية للعراق يجب أن تصقل من قبل الدول العربية نفسها، بعدما غطاها التراب".
اقرأ أيضاً: شهر على مهام السفير السعودي بالعراق...تحركات تقلق طهران وحلفاءها