انتهاء عصر "الإعفاءات" في الخليج: السعودية والإمارات الأكثر فرضاً للضرائب

22 ديسمبر 2017
دول خليجية تتجه لتوسيع فرض الضرائب والرسوم (Getty)
+ الخط -
لم تعد دول مجلس التعاون الخليجي "جنة الضرائب" كما كانت سابقاً، بل اندفع العديد منها نحو توسيع فرض الضرائب والرسوم بهدف الحد من أزمة تراجع الإيرادات المالية في ظل انخفاض أسعار النفط إلى النصف مقارنة بمستواها عام 2014، ما يفاقم الأعباء المعيشية لسكان هذه الدول الغنية بالنفط.

وتعتبر السعودية والإمارات والبحرين أكثر الدول الخليجية سعياً نحو تنويع الأوعية الجبائية، بينما تحفظت كل من قطر والكويت وسلطنة عمان في فرض ضرائب جديدة. وكانت دول الخليج قد وقعت على اتفاقيتين لتطبيق ضريبة القيمة المضافة بواقع 5% مطلع العام المقبل، والضريبة الانتقائية.


السعودية

تعدّ السعودية أكثر الدول الخليجية سعياً إلى زيادة حصيلتها الجبائية بهدف تحجيم عجز الموازنة البالغ 52 مليار دولار في موازنة 2018، ولم تكتف السعودية بفرض ضرائب جديدة ومتنوعة بل قررت تطبيق رسوم على العمالة الوافدة وأسرهم، ما فاقم من الأعباء المعيشية والاقتصادية لمواطنين والمقيمين.

وتعاني السعودية، أكبر دولة مُصدرة للنفط في العالم في الوقت الراهن من تراجع حاد في إيراداتها المالية، الناتجة من تراجع أسعار النفط الخام عما كان عليه عام 2014، بالإضافة إلى تكلفة الحرب على اليمن والآثار السلبية لصواريخ الحوثيين على الرياض.

وتوقعت وزارة المالية السعودية أن تسجل الحصيلة من الضرائب 142 مليار ريال (الدولار = 3.75 ريالات) في عام 2018 وذلك بمعدل نمو 46% مقارنة بعام 2017، إلى أن تصل إلى 189 مليار ريال في عام 2020.

وقدرت وزارة المالية تحقيق عائد مالي لخزينة الدولة من تطبيق ضريبة القيمة المضافة بنحو 23 مليار ريال في عام 2018. كما توقعت الوزارة، في بيانها عن موازنة 2018، أن تبلغ الإيرادات من الضريبة على السلع الانتقائية نحو 9 مليارات ريال.

وقدرت إيراد بند الضرائب على السلع والخدمات بقيمة 85 مليار ريال بارتفاع قدره 82 % عن عام 2017 ليصل إلى 124 مليار ريال في عام 2020، وذلك نتيجة تطبيق بعض الإصلاحات الاقتصادية، مثل ضريبة القيمة المضافة.

كما أعلنت السعودية، الأحد الماضي، بدء تحصيل مقابل مالي على العمالة الوافدة يتراوح بين 300 و400 ريال شهريا (80 إلى 106.7 دولارات)، حسب أعداد العمالة الأجنبية مقابل الوطنية، اعتباراً من مطلع 2018.

الإمارات

سارعت الإمارات إلى اللجوء لتنويع وتوسيع الضرائب على العديد من القطاعات، وستطبق البلاد ضريبة القيمة المضافة بواقع 5% اعتباراً من يناير/كانون الثاني المقبل، إذ من المرجح أن تجني ما بين 10 و12 مليار درهم (2.7 و3.2 مليارات دولار) عائدات من ورائها في العام الأول لتطبيقها. واعتمدت حكومة الإمارات في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي الموازنة الاتحادية للعام 2018 بقيمة 51.4 مليار درهم (14 مليار دولار).

وستفاقم الضريبة الجديدة من الأعباء المعيشية للمواطنين والمقيمين. وقال وزير الدولة الإماراتي للشؤون المالية، عبيد حميد الطاير، منتصف الأسبوع الجاري، إن أثرها الاجتماعي يختلف من شخص إلى آخر، بحيث لا يزيد عن 1.4% من الدخل.

ويأتي تطبيق ضريبة القيمة المضافة بعد نحو أربعة أشهر من تطبيق أول ضريبة في تاريخ الإمارات على سلع انتقائية توصف بأنها ضارة بالصحة، مثل التبغ ومشتقاته ومشروبات الطاقة ونظيراتها الغازية المحلاة.

ولا يقتصر تطبيق الضريبة على السلع والخدمات، وإنما يمتد إلى الشركات ورسوم استقدام العمالة والخدم من الخارج، وفق ما أعلنته الهيئة الاتحادية للضرائب الإماراتية (حكومية) الأسبوع الماضي.

البحرين

ولحقت البحرين بكل من السعودية والإمارات في توسعة أوعيتها الضريبية، وأعلنت أمس، أنه اعتبارا من مطلع العام المقبل سيبدأ تطبيق الضريبة الانتقائية على التبغ والمشروبات الغازية ومشروبات الطاقة.

وكانت السعودية قد بدأت تطبيق الضريبة الانتقائية في يونيو/حزيران 2017 والإمارات في سبتمبر/ أيلول الماضي.

ونقلت وسائل إعلام بحرينية، الخميس، عن وزير المالية البحريني أحمد بن محمد آل خليفة، أن الضريبة ستفرض على التبغ ومشتقاته ومشروبات الطاقة بنسبة 100 %، وعلى المشروبات الغازية بنسبة 50 %.

وتأتي الضريبة الانتقائية والضرائب الأخرى التي تطبقها البحرين، لتعزيز الإيرادات التي تقلصت جراء هبوط أسعار النفط الذي تعتمد عليه ميزانيات دول الخليج بشكل رئيس.

والبحرين تعتبر الأفقر لجهة الموارد النفطية بين دول مجلس التعاون الخليجي، وتنتج نحو 200 ألف برميل من النفط الخام يوميا.

وتشمل الضريبة الجديدة، جميع أنواع التبغ ومشتقاته والمشروبات الغازية ومشروبات الطاقة. وكانت البحرين قد أصدرت قانونا بشأن التصديق على الاتفاقية الموحدة للضريبة الانتقائية لدول مجلس التعاون الخليجي، وقانونا آخر خاصا بالضريبة الانتقائية.

قطر

رغم أن قطر أعلنت عن أكبر موازنة في تاريخها في ظل الحصار الذي فرضته 4 دول عربية (السعودية والإمارات والبحرين ومصر) منذ الخامس من يونيو/ حزيران الماضي، إلا أنها لم تلجأ إلى فرض ضرائب جديدة، كما أرجأت تطبيق ضريبة القيمة المضافة رغم توقيعها اتفاقا مع دول مجلس التعاون الخليجي في هذا الصدد.

وكشفت أرقام الموازنة أن إيرادات الدولة خلال عام 2018 يتوقع أن تصل إلى 175.1 مليار ريال (48.1 مليار دولار)، لتسجل بذلك ارتفاعا قيمته 2.9%، مقارنة بالإيرادات المسجلة في عام 2017.

وذكرت الوزارة أن السبب وراء هذا الارتفاع يرجع إلى زيادة العائدات غير النفطية. واتجهت قطر إلى زيادة إيراداتها عبر تنويع مصادر الدخل بدلاً من التوسع في فرض الضرائب.

وحققت الدوحة فائضًا في سجل الميزان التجاري السلعي، خلال شهر أكتوبر/تشرين الأول من العام 2017، مقداره 8.7 مليارات ريال (2.4 مليار دولار تقريبا)، مسجلاً ارتفاعاً قدره 1 مليار ريال، أي ما نسبته 12.9% مقارنة بالشهر المماثل من العام السابق 2016.

الكويت

أما الكويت، فبعدما وقعت مع دول الخليج اتفاقية ضريبتي القيمة المضافة والسلع الانتقائية في مايو/ أيار الماضي وافق مجلس الوزراء على مشروعي الضريبة، وأحال المشروعين إلى مجلس الأمة ولم يقرهما البرلمان حتى الآن.

وتأتي إجراءات فرض الضرائب بالكويت باعتبارها أحد محاور الإصلاح الاقتصادي وتنويع مصادر الدخل من خلال إيجاد مورد مالي جديد للدولة وكونها إحدى الأدوات المالية الهامة في توجيه دفة الاقتصاد، خاصة وأن المؤسسات المالية الدولية مثل صندوق النقد الدولي والبنك الدولي أوصت في تقريرها الأخير بضرورة أن يكون هناك ضرائب بالكويت لرفع الإيرادات غير النفطية بهدف مواجهة عجز الموازنة بعد تراجع أسعار النفط.

أما الحديث عن ضريبة الـ10% على دخل الشركات المحلية والأجنبية إلى جانب الضريبة على القيمة المضافة، فتم استبعادهما حالياً خاصة وأنه حتى الآن لم يتم تشريع القوانين الخاصة بالضريبتين (المضافة والانتقائية).

ويقول خبراء اقتصاديون أن خطوة تطبيق الضريبة قد تثير جدلا بين المؤيدين والمعارضين مثل ما حدث في قرار ترشيد الدعم على أسعار الوقود.

ويقول رئيس مجلس إدارة بنك الخليج السابق علي رشيد البدر لـ "العربي الجديد" إن السبب الرئيسي لفرض الضريبة في أي مجتمع هو توفير المال اللازم للدولة -إن احتاجت - للقيام بوظائفها الرئيسية في خدمة المواطن، لذلك تقوم بمشاركته في دخله ومعاشه وأرباحه لتحقيق هدف عام يحقق مصلحة المجتمع كله.

ويضيف البدر أن الدول المتقدمة إذا ما توفر لها المال اللازم لتمويل مهامها من مصادر أخرى فإنها تبادر إلى خفض الضريبة. أما وزير التنمية السابق عبد الوهاب الهارون، فيرى خلال حديثه لـ "العربي الجديد" أن الضرائب على القيمة المضافة تعزز الميزانية العامة للدولة.