السعودية تخطط لوقف هدر الطاقة

21 يونيو 2015
هدر الطاقة سيكلف السعودية 36 مليار دولار سنوياً (أرشيف/Getty)
+ الخط -

بدأت أرامكو السعودية في تطبيق قواعد جديدة، من شأنها أن توفر نحو 35% من الطاقة التي تستهلكها المنازل في السعودية خلال خمس سنوات، وقالت (أرامكو السعودية) في بيان لها إنها تسعى بحلول 2020 إلى توفير نسبة 35% في إجمالي استهلاك الطاقة في المباني، ووسائل النقل وأحياء السكن.

وقالت أرامكو إنها ستعمل على ذلك من خلال خطة لرفع كفاءة استهلاك الطاقة حيث ستستخدم تقنيات موفرة للطاقة، إضافة إلى تعزيز التثقيف والتوعية في مجال كفاءة الطاقة. وكانت دراسة بريطانية قد ذكرت أن هدر الطاقة سيكلف السعودية 36 مليار دولار سنوياً خلال العقد المقبل، إذا لم تطبق السعودية إجراءات رفع الكفاءة وخفض الهدر.

وتقوم خطتها المستقبلية على استبدال الإضاءة التقليدية بأخرى؛ وهي مصابيح الصمامات الثنائية الباعثة للضوء، والتي تتسم بكفاءة عالية في استهلاك الطاقة، إلى جانب تركيب عدادات ذكية في المنازل والتحول إلى استخدام أنظمة تكييف هواء أعلى كفاءة وتحسين العزل الخارجي، كما تهدف الخطط إلى خفض استهلاكها من الكهرباء للمتر المربع في المباني من 500 إلى 310 وحدات كثافة استهلاك طاقة في المباني الحالية، ومن 425 إلى 250 وحدة كثافة استهلاك طاقة في جميع المباني الجديدة.

وبناء على الخطط الجديدة سينخفض استهلاك طاقة المنازل في أحياء السكن للمتر المربع من 300 إلى 160 وحدة كثافة استهلاك في المنازل الحالية، ومن 240 إلى 120 وحدة كثافة استهلاك طاقة في المنازل الجديدة.

وتبدو الخطة طموحة وهامة، خاصة وأن استهلاك طاقة المنازل في أحياء السكن للمتر المربع من 300 إلى 160 وحدة كثافة استهلاك في المنازل الحالية، ومن 240 إلى 120 وحدة ، كم يذهب نحو 1.5 برميل يومياً على الطاقة الكهربائية بتكلفة نحو 90 مليون دولار يومياً.

ويؤكد الخبير في الطاقة ورئيس لجنة المكاتب الاستشارية الوطنية الدكتور عاصم عرب أن من يعتقد أن الطاقة في السعودية مجانية فهو مخطئ، ويقول لـ "العربي الجديد" :"نحتاج لخطط جدية لتوفير مصادر الدخل من خلال تقليل استهلاكها للوقود لإنتاج الطاقة الكهربائية، مشيرا إلى أن السعودية تستهلك يوميا 1.5 مليون برميل من النفط لإنتاج الطاقة الكهربائية وتوفير جزء من هذا الكم الكبير من الوقود وتوجيهه للتصدير للخارج سيوفر الكثير للخزينة".

ويشدد الدكتور عرب على خطأ الاعتقاد السائد أن النفط في السعودي مجاني، ويقول :"هو ليس مجانياً، صحيح أننا نستخرجه من باطن الأرض ولا نستورده ولكن لو تم توجيه هذه الكمية من النفط التي تسهلك محلياً لإنتاج وقود مكرر أو لمصانع البتروكيماويات، وتم بيع ذلك الإنتاج لكان مردودة المادي كبيرا جداً.

وأضاف الدكتور عرب، هذه الكمية التي تستهلك في إنتاج الطاقة الكهربائية، هي مصدر دخل مهدر كان يمكن الاستفادة منها بشكل أفضل، وتحقق إيرادا أكبر للدولة بدلاً من استهلاكه".

اقرأ أيضاً: السعودية تعلن الحرب على تهريب الوقود
 
من جانبه يؤكد الخبير المالي المختص في الطاقة الدكتور فهد الشدي أن السعودية بدأت منذ أعوام في اتحاذ حزمة من الإجراءات لتوفير النفط، بدأت بتقليل استهلاك الوقود في محطات توليد الكهرباء، واستمرت بدعم المنتجات قليلة الاستهلاك خاصة السيارات صديقة البيئة، كما ألزمت المباني الجديدة باستخدام وسائل الطوب العازل للحرارة، بهدف توفير الطاقة الكهربائية التي تستنزف الكثير من الموارد النفطية في السعودية".

هدر كبير في الطاقة

يؤكد الخبراء أن هناك هدراً كبيراً في الطاقة الكهربائية في السعودية، وهي تأكيدات مبنية على تقارير رسمية تؤكد أن المواطن السعودي يستهلك ضعف ما يستهلكه الآخرون من الكهرباء، وأكدت إحصاءات رسمية أن السعودية تتصدر دول العالم في حجم استهلاكها المحلي من الطاقة، بعد أن يبلغ متوسط استهلاك الفرد فيها ضعف المتوسط العالمي، وبمعدل نمو سنوي يصل إلى أكثر من 5% سنوياً.

ومع أن عددا من الخبراء يرجعون هذا النمو الكبير في استهلاك الطاقة إلى الانتعاش الاقتصادي المتسارع، وزيادة عدد السكان، فإن مختصين يؤكدون أن جزءاً كبيراً منه يرجع إلى الهدر، وعدم الكفاءة في الاستهلاك، وبينت إحصاءات للشركة السعودية للكهرباء أن قطاع المباني في السعودية يستهلك أكثر من 80% من إجمالي الطاقة الكهربائية المُنتَجة، ويُشكّل استهلاك أجهزة التكييف منها نحو 70% منه، بنسبة نمو سنوي تصل إلى 12%، كما أن نحو 70% من المباني في السعودية غير معزولة حرارياً.

36 مليار دولار سنوياً

حسب تقديرات مسؤولة دراسات الطاقة في المعهد الملكي البريطاني للشؤون الخارجية (تشاتهام هاوس)، غلايدا لان، فإن هدر الطاقة يكلف المملكة العربية السعودية حوالى 36 مليار دولار سنوياً، خلال العقد المقبل. وكانت دراسة صدرت قبل ثلاث سنوات قد حذرت السعودية من مخاطر الاستخدام الكثيف للنفط في توليد الكهرباء من ناحية الإضرار بالبيئة، ومن النواحي الاقتصادية.

وقالت الدراسة: إذا استمر الاستهلاك النفطي بهذا المعدل الكبير في المملكة العربية السعودية، فإنه سيقلل من حجم الصادرات النفطية، وبالتالي من الدخل الذي تحصل عليه المملكة من مبيعات النفط.

وكان الأمير عبد العزيز بن سلمان بن عبد العزيز، مساعد وزير البترول والثروة المعدنية لشؤون البترول رئيس اللجنة المشرفة على وضع البرنامج الوطني الشامل لترشيد ورفع كفاءة استهلاك الطاقة، قد أكد قبل عامين عزم السعودية على معالجة هدر البترول في توليد الطاقة الكهربائية.

ووقع الأمير عبد العزيز خلال العام الماضي مذكرات تفاهم مع خمس جهات حكومية وشركات وطنية كبرى، لترشيد استهلاك الطاقة ورفع كفاءتها في مشاريع الإسكان التي تنفذها بالمملكة، وذلك في إطار سعي المملكة لجني ثمرات البرنامج الوطني لترشيد ورفع كفاءة استهلاك الطاقة. كما عملت هيئة ترشيد الطاقة منذ عامين على تعديل المواصفات والمقاييس السعودية الخاصة بأجهزة التكييف، وكذلك مواصفات المباني الجديدة.

وحسب تصريحات الأمير عبد العزيز بن سلمان، فإن المملكة تستهلك من الطاقة سواء من البترول والغاز الطبيعي، حوالى 8 ملايين و200 ألف برميل مكافئ. وهذا معدل كبير من الاستهلاك لدولة لا يتجاوز عدد سكانها 30 مليون نسمة.

وبين الأمير عبد العزيز بن سلمان أن البرميل الخام الذي يستهلك للحرق داخلياً، يباع بـ 4.5 دولارات، وأن زيت الوقود يباع بـ 3.5 دولارات، بينما البرميل الخام يباع في الأسواق الدولية بسعر كبير، مشيراً إلى أن التوفير المالي للمملكة سيكون محفزاً جداً للترشيد؛ لأنه ليس من المصلحة أن يُحرق برميل للاستهلاك بهذا السعر، وهو يصدر خارجياً بسعر أعلى بكثير.


اقرأ أيضاً: السعودية وروسيا تبحثان اتفاق تعاون في مجال الطاقة

المساهمون