الساعدي القذافي.. ابن "الديكتاتور" الليبي الذي حيّر الجماهير الإيطالية

22 مايو 2016
الساعدي القذافي و"الديكتاتور" (العربي الجديد)
+ الخط -

كان لاعبا عاديا ولم يقدم الكثير في الملاعب الإيطالية، ولكن عندما طرح قميصه على موقع "إيباي" مقابل 10 آلاف يورو أثار الاستغراب والدهشة، اسمه فقط كان كافياً ليمنحه لقب نجم النجوم، لأن أفضل اللاعبين في العالم فشلوا في الحصول على سعر قميص بهذا المبلغ الخيالي، بما في ذلك سيلفيو بيولا؛ هدّاف إيطاليا.

الساعدي القذافي، ابن "الديكتاتور"، رئيس ليبيا السابق، مُعمر القذافي، اشتهر في الملاعب الإيطالية عندما لعب بقميص بيروجيا في عام 2003، وكان رئيس الفريق آنذاك لوشيانو غاوشي بمثابة حاكم على الفريق، ينتدب من يريد ويغير أي شيء يريده في النادي. وهو من كان وراء طرد اللاعب الكوري الجنوبي أهن جانغ – هوان، والذي سجل هدف إقصاء إيطاليا في مونديال 2002.

إعلانه خبر التعاقد مع ابن مُعمر القذافي "الساعدي" خلق جدلا واسعا في الأوساط الرياضية، على اعتبار أن هذا اللاعب لم يكن استثنائيا في أدائه ونشاطه في الدوري المحلي الليبي، وحمله لشارة قيادة المنتخب الليبي منذ عام 2000 حتى 2006، كان فقط من أجل إرضائه والجبر بخاطره، لكن لم يشاهده أي مشجع يلعب في إيطاليا، رغم أنه لعب في ثلاثة أندية ثلاث مباريات فقط.
 
الساعدي يرتدي قميص بيروجيا
في صيف عام 2003، اتردى القذافي قميص بيروجيا الإيطالي، ووقف رئيس النادي وصفق له في حفل تقديمه للجماهير، والتي غابت عن المدرجات بسبب هذه الصفقة الغريبة مع لاعب ابن "ديكتاتور" في العالم.

وأشارت بعض المعلومات في ذلك الوقت إلى أن بيرلسكوني الذي أصبح رئيساً لحكومة إيطاليا بعد ذلك، هو من شجع على إتمام هذه الصفقة، وكان الهدف البحث عن شراكة اقتصادية مع ليبيا في المستقبل، خصوصاً أن ليبيا كانت مستعمرة إيطالية أيام الحروب.

شارك الساعدي في أول حصة تدريبية لبيروجيا في تموز/ يوليو 2003، واختار أن يضع اسمه على القميص الرقم 19 من دون وضع لقب العائلة، والتي تُمثل رعباً للناس حول العالم بسبب ما يفعله القذافي كونه حاكماً "ديكتاتورياً". وهناك كان يقف اللاعب الإيطالي الصاعد إيمانويلي بيريتوني الذي وصف المشهد وكأنه: "فيلم سينمائي".

كاميرات التصوير في كل أرجاء الملعب كانت تُلاحق ابن القذافي، في الوهلة الأولى كان الساعدي بمثابة غريب على أرض الملعب، لكن مع الوقت اعتاد الجميع على أنه لاعب كرة قدم عادي"، هذا ما قاله بيريتوني في أول توصيف له للمشهد، عند مشاركة الساعدي في الحصة التدريبية الأولى.

ويقول بيريتوني: "في إحدى الليالي شعر الساعدي بأوجاع، وهو ما يحصل مع أي لاعب، لكنه انتقل عبر طائرة مروحية إلى ميلان، ليقابل أفضل الأطباء هناك، وعاد ظهراً للمشاركة في التدريبات، فقد حظي الساعدي بأمور يحلم بها أي لاعب، مقابلة أفضل الأطباء مثلاً في نصف نهار!".

وكان الساعدي وكأنه مالك للنادي، يأتي بسيارة فاخرة محاطاً بجهاز أمني لحمايته، وحتى إنه مرافق من بعض عناصر الشرطة المحلية، ومنذ نزوله على الأرض مروراً بالمنشأة الرياضية وصولاً إلى أرض الملعب، كان يرافقه حراس الأمن المولجون حماية الملعب. حتى إنه حجز أغلى غرفة في المدينة التي تكشفها بأكملها للمكوث فيها.

كان للساعدي علاقة خاصة مع أحد لاعبي بيروجيا سالفاتوريه فريشي، وطلب منه بعد إحدى الحصص التدريبية مرافقته إلى غرفة الفندق، ومن هناك سافرا في سفينة خاصة إلى ميلان، وهناك تناولا العشاء في فندق فاخر. وأخبر الساعدي فريشي عن قصة حصلت معه في العاصمة الإيطالية روما.

وقال له إنه كان يتمشى في شوارع روما وشعر بأنه ليس على ما يُرام، إذ شعر بألم في معدته، فماذا كان الحل آنذاك؟ دخل أحد الفنادق، استأجر غرفة من أجل استعمال الحمام فقط، لم يسأل المطعم المجاور إن كان بإمكانه استخدام الحمام، لأنه كان خائفاً من أن يسأله أحد أن يدفع المال مقابل هذه الخدمة ويضع نفسه في موقف مُحرج، لذلك استأجر غرفة ودفع المبلغ، فعل ما فعله وغادر.

الحب لكرة القدم
عشق الساعدي كرة القدم كثيراً، ورغم أنه والده لم يهتم كثيراً بالرياضة، لكنه نجح في إقناع والده بالاهتمام قليلاً في كرة القدم، حتى إنه في مقابلة خاصة مع صحيفة "نيويورك تايمس"، كشف أنه كان وراء تعيين مدربين أجانب لقيادة المنتخب الليبي.

وهناك حادثة شهيرة حصلت مع المدرب فرانكو شوليو الذي درب ليبيا في عام 2002، والذي تمت إقالته لأنه لم يُشرك الساعدي مع فريق الأهلي بنغازي الليبي في إحدى المباريات، والساعدي معروف بأنه المهاجم الذي لم يُسجل أبداً، وذلك لأنه لم يُفارق دكة البدلاء في جل مسيرته الرياضية مع الأندية التي لعب معها.

وفي أول مرة شارك فيها الساعدي مع بيروجيا كانت أمام يوفنتوس، وكان الفريق متأخراً بهدف نظيف، دخل القذافي في آخر 15 دقيقة، لمس الكرة قليلاً ثم عانى من إصابة، رغم أن التدخل مع بافيل نيدفيد كان عادياً. بعد ذلك كشف نادي بيروجيا أنه كان مجبراً على إشراك الساعدي في آخر 15 دقيقة من اللقاء، وذلك أن عقد اللاعب ينصُ على أنه يجب أن يلعب الأخير مباراة واحدة على الأقل.

في عام 2005 انتقل الساعدي إلى أودينيزي، حصل على غرفة خاصة به وكان يُمنع أي شخص من الدخول إليها، باستثناء مدربه الخاص. ويصف أحد العاملين في الفندق أن الساعدي كان زبوناً "دسماً"، لكنه متطلب في بعض الأحيان، فقد كان يطلب أحيانا عند الساعة الثالثة فجراً وجبة طعام "شرائح من اللحم".

ويقول عنه المراقبون الكرويون في إيطاليا إنه لاعب شغوف يعشق كرة القدم كثيراً، ويملك حس التحرك على أرض الملعب وكيفية التحرك بالكرة، لكن الساعدي لم يكن ذلك الشخص المناسب لرياضة كرة القدم من الناحية الجسمانية، إذ لا يملك السرعة، ولا قوة التحمل، ولا يمكنه تنفيذ الخطة الفنية للمدرب.

بعد ذلك لعب القذافي مباراة واحدة مع سامبدوريا ومباراة أخرى مع أودينيزي، وكانت قصة لاعب ليبي ابن "ديكتاتور" أصبح نجماً في إيطاليا من دون أن يُسجل أي هدف، وقميصه طُرح على المزاد العلني عبر موقع "إيباي" بقيمة 10 آلاف يورو، اليوم أصبح الساعدي القذافي مجرد ذكرى أثارت ضجة كبيرة في الملاعب الإيطالية من 2003 حتى 2006.

المساهمون