14 نوفمبر 2024
الزند وطهور الملائكة
وإذا كان الشيء بالشيء يُذكر، فسنتكلم عن حلّاقين الصحة في الريف، أو (المزيّن) كما يطلق عليه، وعن حلّاقين الصحة في المدينة، وعن الطهور، وعن الفارق/ في الصخب والفرح، بين "طهارة الفلاحين" و"طهارة المدينة أو البندر" و"طهارة الملائكة"، فطهارة الفلاحين صاخبة، وطقوسها مؤلمة ومعلنة أيضاً، ويصاحبها صراخ العريس (المطّاهر) وفرح أمه وهَرَجها، وهي ترشّ الملح فوق رؤوس العيال من أقرانه، تحت عَتَبة الدار في أثناء تناطح الجِديان في حبور. وأحياناً يُصاحبها "هروب المطاهر نفسه قبل وصول المزيّن بحقيبته"، هروبه إلى القمح أو الشعير أو القصب إن كان أوانَ قصب، علاوة طبعاً على الدماء التي تسيل على فخذي العريس، إنْ تمكنوا منه قبل هروبه، وكان "موس الحلّاق" حامياً. وفي الصباح، نرى العريس مباعداً ما بين فخذيه، في حذر في قميصه الأبيض، وشرخة الجريد الخضراء تتدلّى من عنقه. ولكن، غالباً ما يأتي الحلّاق قبل شروق الشمس، والعريس نائم في أواخر أحلامه، حتى يقطع له "الجلدة"، ويربط له الجرح، ويظل المطاهر في قميصه الأبيض.
تراعي المدينة الصخب والألم، وغالباً ما يضيع صوت المطاهر في عياداتٍ مغلقة الشبابيك، لا مجال فيها للهروب، وفي شوارع مزدحمة السيارات، وكأنّ شيئاً لم يكن.
ظل أحمد الزند عريساً للثورة المضادّة، ومنشداً مفوّهًا لها في دار القضاء ونادي القضاة، وحتى في الكنيسة، ونال التصفيق الحار جداً. ظل الزند يخبّ خبًّا من نادي القضاة لقنوات رجال الأعمال، جامعاً حوله القضاة، مثل عمدةٍ له سطوة ومال وسلاح، في قلب قاهرة المعز. عمدة يعرف حاجات القضاة جيدًا، كأزهري تربَّى تحت عامود و"ابن فلاحين" من طنطا، يعرف حاجة فلان للإعارة أو غيرها من المميزات، معه كشوف الحاجات ومسالكها، وأحكام المنصّة مع أصحابه، وأصحابه يجمعهم الليل في النادي، وأتباع محمد مرسي تبيّت النيّة أن المعاش سيكون في الستين، وتلك خسارةٌ عظيمة لموظف مصري، يريد أن يدّخر خزين عمره، بعدما زوّج العيال، وحاز الأرض والمناصب له وعياله. والبلاد شبه مفككة، ومحروسة بأمنها وبلطجيتها. والزند مفوَّه، في النادي مفوّه، وفي دار القضاء مفوّه، وسامح عاشور معه، وعبد المجيد محمود معه، وكل كروت الضغط معه، فتاهَ العريس في الأرض عجباً، وبشائر الملك تأتي إلى الناس في لحظاتٍ فريدة، والأزهري يعرف اقتناص الفرص. قروي يرعى دار القضاء بهمّة العمدة، (والسلطة الخفية) تمدّه بما يريد من تحت سبعة أبحر، وخصوصاً بعدما فقد "الإخوان المسلمون" ملكهم، وصاروا هم حائطه الضعيف، وهم مورد تثبيت ملكه وغلبته، وخصوصاً بعد 30 يونيو، حتى علا كعب الزند، وبات طاووساً، مع مرور الشهور وتثبيت ملكه وتقويته. وباتت له جمائل على النظام ظاهرة وخافية، وتلك بالطبع خطرة وعظيمة، وخصوصاً بعدما صار وزيراً، وجلب أحبّته للوزارة، حتى بات ملكه مخيفاً، على السلطة التي لم تتمالك نفسها بعد، وخصوصاً بعد النكسات الاقتصادية المتوالية.
فكّرت السلطة بالطبع، وقالت كيف نطاهر من كنا نطاهر به، وبأعوانه خصومنا؟ ولعل الملائكة كانت حاضرةً ساعتها، ونعرَ بعدها الرجل نعرةً قوية، فخمر السلطة كان قد زاد على رأس الرجل، نعر وهو يظن أنه يفكّر، وكانت بركات الرسول حاضرةً، فأخطأ الرجل من خمر السلطة، وضمّ الخطأ سيرة الرسول، فكانت عبارته المشينة، فمسكت السلطةُ طرف الخيط وبدأت، وبدأت في عمل "الطهارة". كان موس السلطة حامياً، وفي الحال.
حاول العريس أن يتملّص هنا أو هناك، حيث لا قمح ولا شعير، فتمّت الطهارة في أدب، وكأنها "طهور ملاكة" بلا دم، بعدما تأكد "من ناديه" أن العين حمراء، وكانت بطانة الإعلام ليلاً قد جهّزت البهارات والسمسم للعريس، بأن العريس أساء الأدب، وأن مقام الرسول عظيم، وأن الأعباء عظيمة، وأن الشارع تنفس الصعداء.
كان الموس حامياً وجاهزاً من بركة الرسول والملائكة، ولم يمكث الرجل في بيته، حتى يشفى من الجرح، أو حتى كي نرى قطعة الجريد على صدره، بعدما طاهرته الملائكة، لكنه فضّل الهروب "بطهارته" المؤلمة خارج البلاد، عله هناك يتماثل للشفاء، ويعرف أن السلطة سلاح جارحٌ بحدّين.
تراعي المدينة الصخب والألم، وغالباً ما يضيع صوت المطاهر في عياداتٍ مغلقة الشبابيك، لا مجال فيها للهروب، وفي شوارع مزدحمة السيارات، وكأنّ شيئاً لم يكن.
ظل أحمد الزند عريساً للثورة المضادّة، ومنشداً مفوّهًا لها في دار القضاء ونادي القضاة، وحتى في الكنيسة، ونال التصفيق الحار جداً. ظل الزند يخبّ خبًّا من نادي القضاة لقنوات رجال الأعمال، جامعاً حوله القضاة، مثل عمدةٍ له سطوة ومال وسلاح، في قلب قاهرة المعز. عمدة يعرف حاجات القضاة جيدًا، كأزهري تربَّى تحت عامود و"ابن فلاحين" من طنطا، يعرف حاجة فلان للإعارة أو غيرها من المميزات، معه كشوف الحاجات ومسالكها، وأحكام المنصّة مع أصحابه، وأصحابه يجمعهم الليل في النادي، وأتباع محمد مرسي تبيّت النيّة أن المعاش سيكون في الستين، وتلك خسارةٌ عظيمة لموظف مصري، يريد أن يدّخر خزين عمره، بعدما زوّج العيال، وحاز الأرض والمناصب له وعياله. والبلاد شبه مفككة، ومحروسة بأمنها وبلطجيتها. والزند مفوَّه، في النادي مفوّه، وفي دار القضاء مفوّه، وسامح عاشور معه، وعبد المجيد محمود معه، وكل كروت الضغط معه، فتاهَ العريس في الأرض عجباً، وبشائر الملك تأتي إلى الناس في لحظاتٍ فريدة، والأزهري يعرف اقتناص الفرص. قروي يرعى دار القضاء بهمّة العمدة، (والسلطة الخفية) تمدّه بما يريد من تحت سبعة أبحر، وخصوصاً بعدما فقد "الإخوان المسلمون" ملكهم، وصاروا هم حائطه الضعيف، وهم مورد تثبيت ملكه وغلبته، وخصوصاً بعد 30 يونيو، حتى علا كعب الزند، وبات طاووساً، مع مرور الشهور وتثبيت ملكه وتقويته. وباتت له جمائل على النظام ظاهرة وخافية، وتلك بالطبع خطرة وعظيمة، وخصوصاً بعدما صار وزيراً، وجلب أحبّته للوزارة، حتى بات ملكه مخيفاً، على السلطة التي لم تتمالك نفسها بعد، وخصوصاً بعد النكسات الاقتصادية المتوالية.
فكّرت السلطة بالطبع، وقالت كيف نطاهر من كنا نطاهر به، وبأعوانه خصومنا؟ ولعل الملائكة كانت حاضرةً ساعتها، ونعرَ بعدها الرجل نعرةً قوية، فخمر السلطة كان قد زاد على رأس الرجل، نعر وهو يظن أنه يفكّر، وكانت بركات الرسول حاضرةً، فأخطأ الرجل من خمر السلطة، وضمّ الخطأ سيرة الرسول، فكانت عبارته المشينة، فمسكت السلطةُ طرف الخيط وبدأت، وبدأت في عمل "الطهارة". كان موس السلطة حامياً، وفي الحال.
حاول العريس أن يتملّص هنا أو هناك، حيث لا قمح ولا شعير، فتمّت الطهارة في أدب، وكأنها "طهور ملاكة" بلا دم، بعدما تأكد "من ناديه" أن العين حمراء، وكانت بطانة الإعلام ليلاً قد جهّزت البهارات والسمسم للعريس، بأن العريس أساء الأدب، وأن مقام الرسول عظيم، وأن الأعباء عظيمة، وأن الشارع تنفس الصعداء.
كان الموس حامياً وجاهزاً من بركة الرسول والملائكة، ولم يمكث الرجل في بيته، حتى يشفى من الجرح، أو حتى كي نرى قطعة الجريد على صدره، بعدما طاهرته الملائكة، لكنه فضّل الهروب "بطهارته" المؤلمة خارج البلاد، عله هناك يتماثل للشفاء، ويعرف أن السلطة سلاح جارحٌ بحدّين.