الزريعي: 15 مليار دولار قيمة أضرار الاقتصاد في غزة

08 أكتوبر 2015
وكيل وزارة الاقتصاد بغزة، عبد الفتاح الزريعي (العربي الجديد)
+ الخط -


قال الوكيل المساعد في وزارة الاقتصاد الوطني في غزة، عبد الفتاح الزريعي، بمقابلة مع "العربي الجديد"، إنّ انتعاش القطاع اقتصادياً، لا يمكن أنّ يتم دون رفع الحصار الإسرائيلي المفروض منذ تسع سنوات، والذي كبّد القطاع خسائر تتجاوز 15 مليار دولار.. إلى نص الحوار:

* ما هو حجم الخسائر التي أصابت المنشآت الاقتصادية جراء الحصار الإسرائيلي المفروض على قطاع غزة منذ تسع سنوات وما تخللها من ثلاث حروب؟

في السنوات الأولى للحصار، قدرت الخسائر اليومية للقطاع الاقتصادي بنحو نصف مليون دولار، وخلال الأعوام الأخيرة وصل إجمالي الخسائر إلى نحو مليون دولار، وكذلك تسببت القيود الإسرائيلية على المعابر الحدودية ومنع دخول المواد الخام في انكماش الناتج الإجمالي للاقتصاد المحلي لنحو 40%، في الفترة ما بين منتصف عام 2007 وحتى يونيو/حزيران 2010.

وبشكل عام، أدى الحصار والاعتداءات العسكرية المتعددة إلى قتل القطاع الاقتصادي وتكبيده خسائر مالية تقدر بنحو 15 مليار دولار، تنقسم إلى خسائر مباشرة ناتجة عن سياسة الحصار وتقدر بملياري دولار، بجانب الأضرار الناتجة عن الحروب الثلاث التي بلغت نحو 8 مليارات دولار، بالإضافة إلى خسائر غير مباشرة نتجت عن تجميد فرص الاستثمار التي كانت تنوي بعض الدول العربية والأوروبية تنفيذها في غزة وتوقف العمل في العديد من المشاريع الاقتصادية، وفقدان العديد من التجار الغزيين والمصانع تعاقداتهم الخارجية.

* هل باشرت وزارة الاقتصاد صرف تعويضات مالية لمصلحة المنشآت الاقتصادية المتضررة؟

حتى الآن، جرى صرف 9 ملايين دولار لمصلحة المنشآت الاقتصادية الذي كان حجم أضرارها أقل من 7610 دولارات والذين يشكلون 62% من إجمالي عدد الأسماء المسجلة في المرحلة الأولى من عملية الحصر، إلا أن قيمتهم لا تتجاوز 2% من إجمالي المتضررين، وكان هناك تفضيل لتعويضهم كون خسائرهم جزئية وطفيفة مقارنة بخسائر باقي المنشآت.

* كيف تقيّم وزارة الاقتصاد عملية إعمار غزة؟

الاحتلال الإسرائيلي يدير حصاره عبر آلية روبرت سيري لعملية إعادة الإعمار، واختزل عملية إدخال مواد البناء للمتضررين من الحرب الأخيرة فقط، في ظل حاجة القطاع لبناء 100 ألف وحدة سكنية جديدة لسد العجز الناتج عن النمو السكاني الطبيعي، بجانب حاجة القطاعات الأخرى لمواد البناء من أجل تنفيذ مشاريعه المختلفة، مثل حاجة وزارة التربية والتعليم لبناء 700 مدرسة جديدة.

وعلى إثر ما سبق، برزت أزمة حادة لدى المواطنين الراغبين في تشييد مساكن جديدة ولا يحق لهم الحصول على مواد البناء التي تدخل من الجانب الإسرائيلي.

أما عن دور وزارة الاقتصاد فهو ينحصر في عملية ضبط أسعار الإسمنت في الأسواق وضمان عدم وصوله للأسواق السوداء وبيعه بأسعار مرتفعة.

* ماذا عن الأسمنت الذي سمحت السلطات المصرية بدخوله عبر معبر رفح البري قبل أشهر؟

أخيراً، نجح العديد من رجال الأعمال وشركات القطاع الخاص في غزة بإدخال كميات من الإسمنت المصري بلغت نحو 19 ألف طن.

وأشرفت وزارة الاقتصاد على عملية ضبط الأسعار وتحديد مبلغ يصل إلى 200 دولار لبيع الطن الواحد، جراء ارتفاع تكلفة النقل والتأمين بفعل الأوضاع الأمنية في شبه جزيرة سيناء، على الرغم من انخفاض سعر التكلفة الشرائية للإسمنت في الأسواق المصرية.

وبلغ عدد المستفيدين من الإسمنت المصري نحو 5 آلاف مواطن من أصل 15 ألف، تقدموا للحصول على مواد البناء خلال الفترة الماضية من غير المتضررين من الحرب الأخيرة، وفي

حال دخول كميات جديدة من الإسمنت المصري، سيجري توزيعها على قائمة الأسماء التي تقدمت بطلبات شراء الإسمنت الإسرائيلي.

* إلى أي مدى أثر هدم الأنفاق التي كانت تربط مدينتي رفح الفلسطينية والمصرية، على الاقتصاد المحلي في غزة؟

ساهمت الأنفاق الحدودية، التي حفرها المواطنون لإدخال المواد الأساسية ومستلزماتهم اليومية المتنوعة، في توفير فرص عمل لآلاف العاطلين عن العمل بطرق مختلفة، وإنعاش الاقتصاد المحلي، حيث أشار تقرير للبنك الدولي إلى ارتفاع الناتج الإجمالي في الاقتصاد الغزي لنحو 14% عام 2011.

اقرأ أيضاً: الحايك: رجال أعمال غزة يطالبون بتجميد اتفاقيات أوسلو وباريس

ولكن بعد تدمير السلطات المصرية الأنفاق انكمش الناتج الإجمالي بنسبة 25%، ووصلت نسبة البطالة إلى أكثر من 42% بعد أن كانت في سنوات عمل الأنفاق 27%، الأمر الذي يؤكد أن إغلاق الأنفاق كان له الأثر الكارثي على مختلف القطاعات المحلية، في ظل تعمد الاحتلال تشديد قيود الحصار وإغلاق المعابر التجارية مع الإبقاء على معبر كرم أبو سالم كمنفذ تجاري وحيد يدخل من خلاله جميع احتياجات سكان غزة.

* حدثنا عن قائمة السلع التي يمنع الاحتلال وصولها إلى القطاع؟

الاحتلال الإسرائيلي وضع منذ أن فرض حصاره على غزة، قائمة بـ 19 تصنيفاً للسلع الممنوعة وهي قائمة طويلة تشمل مئات السلع والمواد الأساسية التي يحتاجها المواطنون في حياتهم اليومية، كالأخشاب ومعدات الصيد ومواد البناء، تحت ذريعة استخدام المقاومة تلك السلع في أعمال تضر به، على الرغم من أنه قبل الحصار كان يسمح بدخول 4 آلاف سلعة، ولكن اليوم لا يتجاوز عدد السلع المسموح لها بالدخول نحو ألف سلعة فقط.

* وما أهمية التسهيلات التي أعلن عنها الاحتلال، أخيراً، على معبر كرم أبو سالم التجاري؟

لا قيمة لزيادة عدد الشاحنات إلى غزة لألف شاحنة يومياً، في ظل التحكم في آلية عمل المعبر وبقاء قائمة المنع سارية المفعول، فضلاً عن إغلاق المعبر أياماً عدة بحجج مختلفة، عدا عن إغلاقه مرات عدة خلال ساعات العمل اليومية.

وعلى صعيد الحركة التجارية، فالاحتلال يسمح بتصدير نحو 200 شاحنة شهرياً من المنتجات الزراعية وقطاع الأثاث والملابس، بينما كان يسمح قبل عام 2007 بتصدير العدد ذاته يومياً، مع العلم أن معبر كرم أبو سالم لا يدخل إلا 50% من احتياجات غزة المسموح لها بالدخول في أقصى يوم عمل له.

* ولماذا سمحت وزارة الاقتصاد بدخول بضائع إسرائيلية إلى غزة بعد منعها في السنوات الماضية؟

سعت الوزارة من وراء السماح بدخول نحو ثمانية أصناف إسرائيلية، كالمشروبات الغازية والبسكويت، إلى زيادة عدد الأصناف المعروضة أمام المستهلك، بجانب إعطاء الفرصة لعدد من التجار لاستيراد بضائع إسرائيلية بقيمة الأموال المستحقة لهم عند بعض التجار الإسرائيليين، مع التأكيد أنه جرى فرض رسوم جمركية عالية الثمن على البضائع المستوردة من جانب الاحتلال لكيلا تستطيع المنافسة أمام المنتج المحلي والإبقاء على حصة الأخير محفوظة في الأسواق الغزية، وهذا ما كان.

* أخيراً، جرى تحصيل ضرائب على بضائع تدخل من خلال معبر كرم أبو سالم، ما سبب هذا الإجراء؟

أدى تخلي حكومة التوافق الوطني عن مسؤولياتها تجاه المؤسسات الحكومية في غزة، وعدم صرف أي نفقات تشغيلية لاستمرار عملها، إلى البحث عن مصادر تمويل استمرار عمل المؤسسات الرسمية كالمستشفيات والمدارس، ومن أجل ذلك جرى التوافق مع المجلس التشريعي على تحصيل رسوم رمزية، وليس ضرائب على بعض البضائع التي تدخل إلى غزة، بشرط أن لا يكون لتلك الرسوم أي أثر على المواطن، وأن لا تسبب ارتفاع أسعار السلع المعروضة، وفي حال تسلمت حكومة التوافق مهامها ووفرت الالتزامات المالية للوزارات في غزة ستلغى هذه الرسوم فوراً.

* وكيف تتعامل حكومة التوافق الوطني مع وزارة الاقتصاد في غزة؟

حكومة التوافق ووزيرة الاقتصاد عبير عودة ومن قبلها نائب رئيس الوزراء ووزير الاقتصاد، محمد مصطفى، لم يتعاملوا مع الوزارة في غزة إلا في ملف الإعمار فقط، وعلى إثر ذلك أصاب الشلل المؤسسات الرسمية، الأمر الذي انعكس بالسلب على المواطنين والقطاع الاقتصادي بشكل عام.

* ما هي الشروط الواجب توافرها من أجل إنعاش الاقتصاد المحلي في قطاع غزة؟

لا يمكن الحديث عن إنعاش اقتصادي دون رفع كامل للحصار الإسرائيلي وفتح المعابر التجارية التي أغلقها الاحتلال مع بداية الحصار، وفتح معبر رفح أمام حركة الأفراد والبضائع، بجانب توفير ممر آمن بين الضفة الغربية والقطاع، وكذلك إعادة بناء وفتح ميناء غزة أمام الملاحة لتخفيف نفقات النقل وتشجيع الحركة الاقتصادية.


اقرأ أيضاً:
وزير: 42 ألف طن مواد بناء دخلت إلى غزة
تحذيرات من تفاقم الوضع الاقتصادي في غزة

المساهمون