الرموز الانتخابية في السودان.. "بصلة" و"فولة" و"كوز"

15 مارس 2015
+ الخط -

"التفاحة". "البصلة". "النظارة". "المصباح". "الفولة".. جزء من الرموز الانتخابية التي وقع عليها اختيار عدد من الأحزاب السياسية المشاركة في الانتخابات العامة، والتي ستنطلق في السودان إبريل/نيسان المقبل، فضلاً عن المرشحين المستقلين، للنفوذ بها إلى قلوب الناخبين باعتبار أن الرموز الانتخابية تمثل أول الطريق للفوز في الانتخابات.

الرموز في الانتخابات السودانية قديمة قدم الأميّة في البلاد، والتي تخطت الـ40 في المائة من نسبة السكان، ويختار الأحزاب والمرشحون رموزهم عادة من حيوانات وأدوات ونباتات وغيرها، تلك المستقاة من المجتمع السوداني بغض النظر عن مدلولاتها النفسية والمجتمعية.

تطورت عملية اختيار الرموز مع التطور الحياتي، فقديماً كانت الرموز تختصر على أشياء من الواقع التقليدي البسيط، "الفانوس" و"المشلعيب" (قدح يُحفظ فيه الأكل ويُعلق في مكان عال من المنزل، بديلا عن  الثلاجة) و"الدلو" و"الكفتريا" (براد شاي) وعادة ما كانت تنعكس من خلال الأغنيات الشعبية، وتطلق على موديلات الأزياء السودانية وأساور الذهب.


ودخلت أخيراً رموز انتخابية جديدة كالموبايل والتفاحة والنظارة، وغيرها من الرموز للتعبير عن الحداثة. وفي الانتخابات السابقة ظهرت رموز كالشاكوش والشجرة والنجمة والكبس (هلال وحربة) والعصا والهلال والقندول والحمامة والفأس والحصان والشمعة ورأس الجاموس والبقرة واليد، وجمعيها مستقاة من الحياة السودانية، وبعضها أُعيد في الانتخابات الحالية، وبعضها غاب بسبب مقاطعة من اختاروه للانتخابات الحالية.

وللرموز دلالات مختلفة تحمل تفسيرات يمكن أن تُقرأ، فاختيار "البصلة" لارتباطها بالمعيشة وما يعرف محلياً "بقفة الملاح"، (أي محتويات الأكل) وفي المقابل تأتي "التفاحة" لتحمل وعوداً بتخطى الأزمة الاقتصادية إلى الرفاه، إذ تُعدّ التفاحة والفاكهة بشكل عام، من الكماليات لدى الشارع السوداني، وقد يقتصر تناولها على شريحة محددة.

مرشح للبرلمان، زهير عثمان حمد، قال لـ"العربي الجديد": "طرحت مفوضية الانتخابات عليّ باعتباري مستقلاً، مجموعة من الرموز الانتخابية لاختيار ما أراه مناسباً لي، واخترت الجرس لارتباطة بحياة المواطن وسهولة تذكره، إنّه مرتبط بجرس المدرسة والكنيسة"، ويضيف "كانت هناك مجموعة رموز كالعصا والعين، لكن لها رمزية سيئة لدى بعض المواطنين، فالعصا مرتبطة بالعنف، والعين مرتبطة بالحسد ".


ويؤكد الأمين العام لمفوضية الانتخابات، الفريقي الهادي محمد أحمد لـ"العربي الجديد"، أن مسألة الرموز تخضع لمعايير محددة وفقاً لقانون المفوضية، ولا تُطلق دون قيود، وقال موضحاً: "هناك شروط يجب أن تتوفر في الرمز، بألا يثير النعرات القبلية أو الدينية أو يشير إلى العنف والحرب، فضلًا على ألا يكون ملوناً، وبخلاف ذلك تقبل المفوضية أي رمز يختارة حزب أو مرشح ليخوض به الانتخابات".

ويرى الخبير النفسي علي بلدو، أن الرموز الانتخابية تعبر عن مكنون داخلي ومحتوى ذهني، يترجم في شكل معين، إما هندسي أو طبيعي، موجودا كان أم مبتكرا، كوسيلة من وسائل إيصال رسالة محددة، باعتبار أن الرمز "ماقل ودل"، وقال لـ"العربي الجديد": "صحيح أن السودان عرف الرموز مبكراً، لكنه لم يلم بدلالاتها إلا في فترات متأخرة، نسبة لغياب الثقافة النفسية وفقر العقلية الجمعية، فضلاً عن ضعف الثقافة المجتمعية، التي جعلت الرموز للتمييز بين المرشحين فقط".

وأضاف: "ومع التطور تعدت الرموز حالة التمييز إلى دلالات أعمق، تؤثر على ذهنية ووجدان الناخب، اعتماداً على ترابط الذاكرة مع المحتوى البصري واللغوي في شكل الرمز المعين، فبعض الرموز كالشجرة (رمز الحزب الحاكم الانتخابي)، الغصن والنباتات الخضراء، ارتبطت عند العامة بالنماء والازدهار والسلام والسكون، الأمر الذي قاد بعض الأحزاب لاختياره، ولكنها في الوقت نفسه لها دلالات دينية، مثل شجرة الزقوم والشجرة التي أخرجت آدم من الجنة، لذا يوجد من يستاء منها، ويجعلها مصدر تهكم وسخرية.

وكذلك اليد التي ترمز للقوة، لكنها في الوقت نفسه ترمز للبطش والقهر والقيود والتنكيل، وزادت عموماً الرموز التي لها علاقة بحياة المواطن اليومية، كالكوز (كوب محلي) والقدح (إناء للطعام)، التي ترسخ لدى الناخب تواضع المرشح وانسجامه مع المجتمع البسيط، في المقابل يبدو أنّ معظم المرشحين لا يجيدون فنّ اختيار الرموز، في جهل فاضح للنفسية السودانية وسيكلوجية المواطن البسيط.

المساهمون