الرقيب هنا... على مواقع التواصل

13 سبتمبر 2015
الرقابة مستمرة (Getty)
+ الخط -
اعتاد الإنسان العربي على وجود رقابة دائمة ممارسة عليه وعلى كل تفاصيل حياته وحتى على طريق تفكيره، وقد تجلت هذه الرقابة في عدة أشكال، كان أبرزها الرقابة السياسية؛ والتي تمثلت بقمع حرية الرأي، سواء في ظل الأنظمة الديكتاتورية التي قامت بناء على انقلابات عسكرية أودت بحياة الديمقراطية، وحكمت على كل صوت حر بالموت، أو من خلال أنظمة ملكية تعيد أيضاً إنتاج سياسة الشخص الواحد المتحكم بكل مفاصل الحياة، وكلاهما كان يجعل الإنسان العربي مكبلاً وغير قادر على قول رأيه، ولا حتى الجرأة على مجرد التفكير فيه.
كما كانت الرقابة الدينية أيضاً من أبرز أشكال الرقابة وتجلى ذلك بوجود هيئات رقابية دينية تمارس القمع ضد أي تفكير يخرج و لو قليلاً عن الحكم الديني.
أما الرقابة الأعقد فقد كانت الرقابة الاجتماعية التي يمارسها الجميع على الجميع؛ والتي تتضمن حكم العادات والتقاليد وأي خروج أو تطوير فيها يعني الحكم على صاحبه بالعزل الدائم عن مجتمعه. مع تطور وسائل التواصل ومع ثورة الإنترنت خلقت هناك هوامش حرية جديدة سمحت للإنسان العربي التعبير عن نفسه (ولو بشكل بسيط) ولكن الأهم أنه تعبير جديد، فمثلا بدأت صفحات فيسبوك تحمل آراء سياسية جريئة، وبدأت تحلل أي ظاهرة اجتماعية، وتحاول الطيران قليلاً خارج هذه الأقفاص، وينطبق هذا على تويتر وغيره.
كل ذلك خلق حوارات لها شكل جديد، وخلق نوافذ فيها ضوء جديد للعقل العربي، ولكن يبقى السؤال الأهم، هل استطاع العقل العربي فعلا أن يتخلص من الرقيب الداخلي الذي يسكن فيه؟ أم أن كل أشكال الرقابة السابقة الذكر قد خلقت وربت في كل واحد منا رقيبا هو أخطر من كل تلك الأشكال مجتمعة وجعلتنا إذا حاولنا أن نكسره، فإننا بذلك نقوم بخلق فراغ حقيقي في عقولنا، إذ لم يسمح لنا بدعم عقولنا بالحرية وحس المسؤولية، وإنما هي عقول مبنية على الخوف والرعب. وهل نستطيع فعلا ضمن هذا العقل وباستخدام الوسائل الحديثة أن نقدم منتجا ثقافياً ومعرفياً حراً قادراً على طرح حقيقتنا وحقيقة إشكالياتنا بدون أن يطل الرقيب الذي صنعوه فينا من كل زاوية.

اقرأ أيضاً: "الغش" الإلكتروني تحت قبة البرلمان التونسي
المساهمون