الرسوم الجديدة وتوطين الوظائف يضغطان على العمالة الوافدة في الكويت

01 مايو 2018
الكويت أعلنت حاجتها للمزيد من الوافدين لإنجاز مشاريع(Getty)
+ الخط -
على الرغم من الخطوات الجادة التي اتخذتها الكويت لتحسين حقوق العمال الوافدين في 2016، إلا أن الأوضاع تغيرت خلال العامين الماضيين تجاه العمالة الوافدة التي تعرضت لحملة نيابية واسعة بهدف "تكويت" الوظائف ومعالجة التركيبة السكانية التي شهدت خللا كبيرا أثر على كفاءة تقديم الخدمات للمواطنين الكويتيين.

وجاءت أولى الخطوات الحكومية تجاه الوافدين من وزارة الصحة التي أقرت زيادة أسعار الرسوم على الوافدين في المستشفيات والمستوصفات والأدوية بنسبة وصلت إلى 300% بنهاية عام 2016، ليطالب نواب البرلمان الكويتي بضرورة فرض رسوم وضرائب على تحويلات الوافدين وذلك بالتزامن مع تنفيذ خطة إحلال لوظائف الوافدين في شتى وزارات الدولة والعمل على تكويت الوظائف الحكومية، فضلا عن التشديد على القطاع الخاص بضرورة أن يشكل المواطنون 70% على الأقل من إجمالي الموظفين، الأمر الذي دفع مئات الوافدين لإنهاء أعمالهم قبل إقالتهم والعودة إلى دولهم.

وتشكّل مسألة التركيبة السكانية في البلاد والتغير الديموغرافي الذي تشهده منذ عقود تبعًا لانتشار الوافدين وتحولهم لأغلبية مقابل المواطنين، مسألة محورية يتحدّث عنها السياسيون الكويتيون طيلة الوقت، حيث يمثل الوافدون ثلثي سكان الكويت حاليا.

وحسب بيانات الإدارة المركزية للإحصاء، فقد جرى تعيين حوالي 790 وافدا فقط بالوظائف الحكومية في عام 2017 مقابل ما يزيد عن 12 ألف مواطن، مع الوضع في الاعتبار أن النسبة الأكبر من الوافدين يعملون في القطاع الخاص وليس الحكومي، كما أعلنت الكويت نهاية العام الماضي عن حاجتها للمزيد من الوافدين لإنجاز مشاريع تتعلق بالتنمية في البلاد.

وفي هذا السياق، تقول أستاذة الاقتصاد بجامعة الكويت، هدى حسن، إن القرارات الصادرة أخيراً بشأن الوافدين تسبب لهم شعوراً بعدم الأمان الوظيفي والاجتماعي، حيث يجدون أن الرواتب لن تكفيهم في ظل زيادة الرسوم والتكاليف، إضافة إلى الضغوطات النفسية التي قد تأتي من لجوء الوافد إلى العمل في مهنتين حتى يلبي احتياجاته، ما سيؤدي إلى ضغط أسري، بسبب عدم التواجد في المنزل لفترات طويلة.

وأضافت هدى حسن، خلال حديثها لـ"العربي الجديد"، أن بعض المواطنين قد يعتقدون أن الوافدين منافسون لهم، مقابل شعورهم بأحقيتهم في كل الأولويات.

ولا تتعدى نسبة البطالة في الكويت الـ5%، كما أنها ليست الدولة الأكثر تأثرًا بانخفاض أسعار النفط. ولكن إقرار الحكومات الخليجية إجراءات التقشف منذ 2016، أثر بالسلب على مستوى معيشة المواطنين والوافدين على حد سواء. 

وبحسب التصنيف السنوي لمؤسسة "انترنيشنز" (Internations) الدولية، والذي صدر في سبتمبر/أيلول 2017، فقد حلّت الكويت في المرتبة قبل الأخيرة على قائمة أسوأ الوجهات لإقامة الوافدين في العالم، بعد اليونان، بعد أن كانت تشغل المركز الأخير وفق التصنيف نفسه عام 2016.


من جانبه، رأى د. موسى الرشيد، مدير عام المركز الدولي للبحوث الاقتصادية بالكويت، أن القرارات الصادرة أخيراً بشأن الوافدين في البلاد تؤثر سلباً على استقرارهم، موضحاً أن زيادة الرسوم والتكاليف تضطر كثيرا من الأسر الوافدة إلى العودة لبلدانهم، فيما يبقى رب الأسرة في الكويت بمفرده بعد انقسام الأسرة، وهو ما يعود بتأثير سلبي على مستوى أدائه وإنتاجيته في العمل.

ويضيف الرشيد خلال حديثه لـ"العربي الجديد"، أن الوافدين يعانون من الخوف من المستقبل بسبب القرارات والزخم الإعلامي الذي يستهدفهم، مبيناً "أننا نحتاج إلى الوافدين، لا سيما في الأعمال البسيطة التي يرفض المواطنون العمل بها".

وبحسب تقارير نشرت في صحف كويتية وحملت أرقامًا وآراء لخبراء اقتصاد، فالكويت دولة في حاجة ماسّة إلى القوى العاملة الوافدة من أجل استمرار مشروعات التنمية، إضافة إلى اعتماد قطاعات اقتصادية كاملة، كالقطاع العقاري، على وجود الوافدين لزيادة الطلب على الوحدات المؤجرة، خاصة وحدات السكن العائلي.

وبدوره، يقول مشعل الإبراهيم، الخبير الاقتصادي، إن هناك 38 جنسية في البلاد، وقد فاقت أعداد الوافدين المواطنين بسبب تجار الإقامات، ما دفع المسؤولين إلى طرح تساؤل: كيف نتخلص من الوافدين؟ وحيث إنه لا يمكن إبعاد جميع أفراد جالية معينة حتى لا تتوتر العلاقات بين الدول، فقد قرروا زيادة الرسوم والتضييق على الخدمات المقدمة لهم كي يتراجع الوافد من تلقاء نفسه، لا سيما بعد أن أصبحت الحكومة توفر احتياجات الأسر الوافدة من دون مشاركة جميع أفراد الأسرة في القوة العاملة.


ويؤكد الإبراهيم خلال حديثه لـ"العربي الجديد"، أنه لا يوجد خلاف بين المواطنين والوافدين، فالكويت تضم جنسيات كثيرة وقد وفرّت لهم الدولة الأمن والكرامة، مبيناً أن بعض الأحداث تضخم إعلامياً، خصوصاً مع وجود وسائل التواصل الاجتماعي التي تجعل من بعض الأحداث قضية رأي عام.

ويضيف أن التنشئة الاجتماعية للكويتيين تجعلهم يتقبلون الثقافات الأخرى والأجناس كلها، مبيناً أن معظم المواطنين يتعاملون مع الوافد كإنسان وليس بالنظر لعرقه أو جنسه أو دينه، لكن لا شك في أن هناك بعض التصرفات الشاذة التي تحدث فيها إساءات للآخرين، وهو أمر طبيعي نجده في جميع المجتمعات.

وفي الوقت الذي تشكّل فيه العائدات النفطية 38.5% من الناتج المحلّي الإجمالي الكويتي، فإن انخفاض سعر برميل النفط يؤثر على موارد الموازنة العامة للدولة، ما جعل دول الخليج، ومنها الكويت، تقر إجراءات كرفع الدعم عن الكهرباء والوقود تسببت في تغيير كبير في إنفاق المواطنين الكويتيين.

وهنا يرى أحمد الراوي، نائب مدير عام الشركة الدولية للاستثمار، أن وجود نسبة للبطالة مع موجات الغلاء التي شهدتها البلاد خلال السنوات الأخيرة جعل الأمور أكثر صعوبة على الجميع، وهو، في رأيه، ما دفع الدولة للاتجاه إلى سياسة التكويت التي بدأت منذ نهاية 2016 تقريبًا حيث كانت نسبة البطالة أعلى من الوضع الحالي.