الرجوع إلى المسمار

07 مايو 2015
+ الخط -

مسمار يقع من عربة بائع بسيط الحال متواضعه. انهارت العربة وتدحرج ما كان محمولاً عليها من خضروات وبضائع. جلس الرجل على الأرض واضعاً يده على جبينه، من الهم والحسرة على ما أصاب مصدر رزقه الوحيد، والذي ضاع أمام عينيه. ربما لم يكن هذا الرزق المرجو يوماً، لكنه انهار في كل الأحوال. تنهّد وأمسك المسمار الذي تدحرج بعيداً عن بقية فتات العربة، ووضعه أمام ناظريه، من ثم أمسكه بقوة ووضعه في جيبه. تذكر صديقاً له قد دعاه سابقاً للعمل معه في التجارة، ولكن في تجارة المخدرات.

ذهب إليه وتأكد أن العرض لا يزال قائماً، وبدأ تجارته، مرت السنون وأصبح بائع الخضروات المغفّل، الذي لطالما لحق به الأطفال راكضين وراءه يقذفونه بالحجارة مستهزئين به، إلى رجل ببدلة كلاسيكية وحذاء لامع ونظارة شمسية يضيء حرفها لمعاناً إذا لامستها أشعة الشمس، صاحب منزل مرفّه فيه الأثاث الفخم وأريكة مريحة أمام شاشة تلفاز ضخمة أشبه بالتي في صالات السينما. يهابه الكبير والصغير، ساعته التي لطالما لفتت أنظار الناس يعميهم انعكاس الضوء عليها، زادت نفوذه ورجع للأطفال أغواهم بلعنة المخدرات، أذلّهم إدمانها، وأمسوا يفعلون أي شيء للحصول عليها.
لا شيء يقف الآن أمامه، فهو في ذروة قوته وجبروته.

في يوم لاحق، أصدرت السلطات فرماناً/ مرسوماً يفيد بالحجر على جميع ممتلكاته وأمواله، وعلم بأن صديقه قد جرى إلقاء القبض عليه، فسار في الشارع تائهاً، ثم أخرج المسمار من جيبه لعلّه كان يعلم برجوعه يوماً ما إلى المسمار، ولملم شتات عربته وباع ساعته الأنيقه ونظارته الغالية بثمن قفص من الخضروات، وصاح مروجاً لبضاعته: "أنتم متعرفوش إن انتو نور عنينا ولا إيه!".


(مصر/16عاماً)

المساهمون