الربيع العربي لم يحن بعد

30 نوفمبر 2014
+ الخط -

مهما اختفت الأيادي الظلامية تحت الطاولة، فإن عمليات التآمر تبدو واضحة المعالم، معروفة النتائج، ومن نتائجها قمع الحريات وإثارة النعرات الطائفية والمذهبية والعنصرية والقومية، وذلك باستغلال النفوذ وتسخير المال وشراء الذمم وبيع المبادئ، وتنسج خيوط الشتاء من جديد لقمع أي ربيع، يعيد لحضارتنا ألقها وسطوعها.
الواقع الذي نعيشه أصبح من الأدلة والشواهد والبراهين التي لا تحتاج إلى إثبات ما تنسجه تلك الأيادي القذرة، والملطخة بالدماء البريئة. إنها أياد تعيش في الظلام ولا تريد النور، فلذلك هي تنسج فصلها تحت الطاولة، حتى تموت من دون أن ترى النور.
ومن عوامل قوة ثورات الربيع، وأنا في الحقيقة لا أصفها بالثورة، بقدر ما هي انتفاضة، لأن من خصائص الثورة استكمال المسيرة لتحقيق الأهداف، ولذلك، فإن ثورات الربيع لم تستكمل تحقيق أهدافها بعد، حتى يرينا الله تعالى باقي المؤامرات وتلك الخيوط التي تنسج في الظلام في محاولة بائسة ويائسة للعودة إلى الوراء ولو دقيقة واحدة على الأقل.
ومن أمثلة المؤامرات المفضوحة والمعروفة لدى العامة ما يأتي:
1-في اليمن: إفساح المجال للجماعات المسلحة والمخالفة للسلم الاجتماعي، فكراً وعقيدة ونظاماً، بأن تنقلب على الدولة وممتلكاتها ومعسكراتها، بتواطؤ من الدولة نفسها وبمساعدة النظام العالمي والعربي.
2- في تونس: استغلال الديمقراطية بشراء الأصوات وبيع الذمم في محاولة لإرجاع النظام القديم بثوب جديد.
3-في مصر: الانقلاب على الشرعية من النظام السابق، بمباركة دول عربية وغربية، واستبداله بحكم عسكري أشد مكراً وقساوة.
4- في ليبيا: شبيه بتطبيق المخطط الذي يجري في اليمن وذلك باستخدام العنف.
5-في سورية: تدمير البنية التحتية  للبلاد وإشغال الثورة بصراعات دموية وتنظيمات إرهابية، وذلك من أجل حماية إسرائيل.
وإضافة إلى ما سبق ذكره فلا زالت المؤامرات تدبر بليل وتفضح بنهار على حساب دمائنا وأموالنا وأعراضنا وبالأخص ديننا.
بالفعل، إنه حساب غالي الثمن، ولكن من يأبه له؟
لا يأبه له إلا نحن فقط، من دون غيرنا، فلا ننتظر رحمة الأمم المتحدة، ولا مباركة الدول الشقيقة، ولا دعم النظام العالمي فهم لا يجيدون سوى التخطيط والتعتيم، وإن لزم الأمر النياحة والتنديد والمماطلة فهي من أهم عناصر المؤامرة.
الشعوب العربية بدأت تستيقظ من سباتها، لأنها عانت، ولا زالت تعاني، من الضعف والهوان، لما حدث لها من سلب لاستحقاقاتها، وقمع لحرياتها، واستبداد واستغلال وتهميش وتكميم أفواه وتغييب سجون واتهامات كاذبة وتلفيق تهم مزورة.
وعلى الرغم مما ذكرت، تعي الأمة العربية ما يحدث حولها من فتن ومؤامرات، وتستوعب ما يحاك عليها من مخططات تحت الطاولة من تلك الأيادي التي لا تستطيع أن تظهر إلى النور وستموت في الظلام.
وخلاصة الكلام، الربيع العربي لم يحن بعد، والسبب أن هناك فصولاً تسبقه، قال تعالى {وَاللَّهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ} [يوسف: 21]

avata
avata
عبد الرحمن الوعيل (اليمن)
عبد الرحمن الوعيل (اليمن)