وأفاد بيان الرئاسة الجزائرية أن رئيس الدولة عبد القادر بن صالح أثنى خلال الاجتماع على "جهود هيئة الوساطة (الحوار) التي سمحت بإرساء الظروف لتنظيم الانتخابات الرئاسية الكفيلة وحدها بتمكين البلاد من الخروج من حالة اختلال الاستقرار السياسي والمؤسساتي والحيلولة دون السقوط في فخ الفراغ الدستوري وغياب الدولة".
وصادق مجلس الوزراء على مسودة قانون السلطة الوطنية المستقلة للانتخابات التي ستخلف وزارة الداخلية في تنظيم الانتخابات، وأكد رئيس الدولة بأن "هذه السلطة الوطنية الجديدة تشكل استجابة ملموسة لتطلعات الشعب لتغيير عميق في نظام الحكامة، يقوم على أساس قواعد جديدة تتسم بالحياد والشفافية، ولمطالب الطبقة السياسية فيما يخص وضع قواعد جديدة كفيلة بضمان شفافية الانتخابات وتكريس الـمسار الديمقراطي".
ووجّه بن صالح نداء إلى القوى السياسية وممثلي الـمجتمع الـمدني والشخصيات الوطنية، "لحثهم على مواصلة الحوار والـمشاورات، من أجل تنصيب الهيئة المستقلة"، وأصدر رئيس الدولة "تعليمات إلى الحكومة لوضع كل الوسائل المادية واللوجيستية وكافة أشكال الدعم تحت تصرف السلطة الـمستقلة الجديدة، حتى تتمكن من تنظيم الاستشارة الانتخابية القادمة"، مشددا على "ضرورة تجند السلطات العمومية من أجل تنظيم الانتخابات الرئاسية في الآجال الـمطلوبة، على أن تعطى الأولوية القصوى للقيام دون تأخير لتنصيب الهيئة الوطنية الـمستقلة للانتخابات، فور مصادقة البرلمان على القانون".
وقدر رئيس الدولة عبد القادر بن صالح أنه و"باعتماد الحكومة للتنظيم الانتخابي الجديد، نكون قد وصلنا إلى مرحلة مفصلية من المسار السياسي التي ستمهد بدورها الطريق لإجراء انتخابات رئاسية تستوفي شروط الشفافية والانتظام، مما يلبي أحد المطالب الأساسية للشعب الجزائري".
وثمّن "دعم قيادة الجيش لمطالب الشعب ومرافقتها للحراك الشعبي"، وكذا "وقوفها الدائم إلى جانب العدالة في محاربة الفساد، ونجاح الحكومة في مجال عقلنة النفقات وتقليص عجز الموازنة العامة".
لكن اللافت في هذا الاجتماع هو تناول قائد أركان الجيش الفريق أحمد قايد صالح الكلمة، حيث أكد أن "الالتفاف حول الرؤية المتبناة هو عربون محبة من الشعب لجيشه"، واعتبر أن "الإنجازات التي استطاعت الحكومة أن تحققها في ظل هذه الظروف الصعبة، بل والمعادية، هي مكاسب حقيقية وميدانية لا ينكرها إلا جاحد".
وبمصادقة الحكومة على قانون استحداث سلطة الانتخابات، ستتم إحالته فورا إلى البرلمان، حيث يرتقب أن تقوم لجنة الشؤون القانونية يوم الأربعاء بدراسته وإحالته إلى مكتب البرلمان لتحديد جلسة طارئة لإصدار القانون.
ويستعد رئيس الدولة لاستدعاء الهيئة الناخبة يوم الأحد المقبل، ما يعني تنظيم الانتخابات في حدود 12 ديسبمبر/كانون الأول المقبل.
وقررت أحزاب كتلة البديل الديمقراطي، في مؤتمر انتهى مساء اليوم، خصص للمصادقة على وثيقة "الاتفاقية الوطنية لقوى البديل الديمقراطي من أجل العقد السياسي للانتقال الديمقراطي والمسار التأسيسي السيد"، رفض مسار الحوار الذي قادته هيئة الحوار برئاسة كريم يونس، والاعتراض على أجندة الانتخابات الرئاسية، و"محاولات السلطة الحفاظ على النظام عن طريق فرض خيار هذه الانتخابات بالقوة، حيث يظهر ذلك في خطابات قائد الأركان الملقاة من الثكنات، والقائمة على التهديد والتخوين في حق من يحمل خيار السيادة الشعبية عن طريق المرور بمسار انتقالي ديمقراطي سيد، والذي يكرسه مسار تأسيسي سيد يهدف إلى تفكيك النظام الحالي ووضع أسس لبناء جمهورية جديدة تصون كل الحقوق والحريات".
واعتبر البيان النهائي للندوة أن "محاولة السلطة فرض عهدة خامسة للرئيس المخلوع أدت إلى دخول الجزائر في مسار ثوري شمل ربوع الوطن وجاليتنا بالخارج يوم 22 فبراير/شباط الفارط. مسار توّج كلّ النّضالات السابقة والمتواصلة للشعب الجزائريّ ضدّ نظام سياسيّ تسلطي قام بمصادرة سيادته على مصيره بعد أن قدّم النفس والنفيس في سبيل الظفر بها".
وتضم كتلة قوى البديل الديمقراطي كلا من التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية، وجبهة القوى الاشتراكية، وحزب العمال والحزب الاشتراكي للعمال، والاتحاد من أجل التغيير والرقي، والحركة الديمقراطية والاجتماعية، والحزب من أجل اللائكية والديمقراطية، وجناح الرابطة الجزائرية للدفاع عن حقوق الإنسان الذي يقوده نور الدين بن يسعد، إضافة إلى ممثلين عن الجالية في الخارج.
وجددت قوى البديل الديمقراطي "تجندها مع الخيار الشعبي ودعمها وتضامنها مع النضالات الإجتماعية والنقابية المعارضة لخيارات النظام وتوجهاته الاقتصادية والاجتماعية المسببة لكل الكوارث الاجتماعية، كالبطالة والتهميش، ومن أجل تغيير ديمقراطي"، واعتبرت أن "الادعاءات الراهنة للسلطة حول إمكانية وضع أسس لحوار وطنيّ بغرض إجراء انتخاباتها الرئاسية، تكذّبها ممارساتها الوفية لطبيعة النظام التي تعمل على ديمومته، فعشرات الجزائريين لا يزالون قيد الاعتقال التعسفيّ بسبب آرائهم أو مواقفهم السياسية، حريّة التعبير والتنقل غير محترمة، الإعلام بشقيه العمومي والخاص خاضع لإملاءات السلطة".
ورفضت هذه القوى التي تتبنى الخيارات الحداثية، أية مساومة على السّقف الجمهوري الديمقراطي، ودعت للذهاب إلى ندوة وطنية، وطالبت في الوقت نفسه بـ"بدء مرحلة انتقالية ديمقراطية تكون قادرة على إزالة كل العراقيل التي تحول دون تكريس السيادة الشعبية لتضع الجزائر على سكة التقدم بمختلف أبعاده السياسية والاقتصادية والحقوقية والثقافية".
ووضعت قوى البديل الديمقراطي محددات سياسية لخطها تتعلق بـ"الحفاظ على الوحدة والسيادة الوطنية، ورفض كل أشكال التدخل الأجنبي، واحترام جميع الحريات الفردية والجماعية بما فيها الحريات النقابية وحقوق الإنسان، والاتفاقيات الدولية المكرسة لها، والفصل بين السلطات، والاستقلال الفعلي للقضاء، وعدم توظيف الدين، والتراث ورموز الأمة لأغراض سياسية، وعدم استعمال العنف بمختلف أشكاله للوصول وممارسة السلطة والبقاء فيها، والتداول السلمي لها، وانتخابات حرة ونزيهة وشفافة واسترجاع أموال وممتلكات الشعب المنهوبة .