الديكتاتورية طريقاً للديمقراطية

22 سبتمبر 2014
+ الخط -

بعد الاحتفال في مصر بمائة يوم انقلاب، نستطيع أن نقول إن كل شيء عند الانقلابيين فقط يسير بالعكس، أو كما يقول المثل الشعبي على لسان صاحبه: "خلف خلاف". فارتفاع الأسعار يعني سياسة حكومية رشيدة، للحفاظ على مصالح الفقراء من أطماع الأغنياء، وانتهاك حقوق الإنسان على أوسع نطاق، من قتل وسحل واغتصاب وتقييد لاقانوني للحريات، يعني اتباع النظرية الديكتاتورية المثلى للوصول إلى منابع الديمقراطية القصوى، وذلك كما وصل إليها أصحابها الأُوائل، وما يزال الإعلام الكاذب يُصدر لهذه الفكرة، ويروجها، بأعلى صوت نفاقي، سُمع على وجه الكرة الأرضية :"مصر في خطر.. مصر في خطر"، على الرغم من أنه لا خطر على مصر إلا منهم، وهم عندما يجاهرون بأصوات نفاقهم هذه، وعندما يعلو صوت نشاز غنائهم، لا شك يفعلون ذلك مأمورين من سيدهم، الذي بات فرحاً، الآن، ظناً منه أنه سيطر على كل المنابع، وملك جميع المفاتيح، كما سبق، وقال أمام جنوده.

ما زال أتباع الانقلاب يطلبون البعل ليعبدوه، بدلاً من الإله الحق، ما زالوا ينشدون ذواتهم، على الرغم من أن الوقت يقول لا ذات بل وطن، وتبدو جميع تقارير حقوق الإنسان التي تحدثت عن مصر منذ بداية حكم الانقلاب، والتى تشير إلى جرائم ممنهجة لقتل المعارضين والرافضين، في نظر هؤلاء، مؤامرة كبرى ضد مصر والمصريين، ومن وحي هذا، يصدرون لهم فكرة الديكتاتورية المطلوبة لتحقيق الهدف، وهو الأمن القومي المصري، وفكرة المصلحة العامة تجب أي مصلحة خاصة، كما يعتمدوا على أشخاص مؤهلين، للتأكيد على فكرتهم الخبيثة، فلا بأس أن يظهر كبير رجالات العلاج النفسي في مصر، ليتحدث في برنامج تلفزيوني عن جدوى الديكتاتورية في الحفاظ على الأرواح من القتل. كما لا بأس من تحضير عفريتٍ، تحت أي مسمى، تكون مهمته تخويف المصريين من الحرية والديمقراطية، فهذه فزاعتهم لاحتواء المصريين، وإخفائهم عن العالم، وإخفاء العالم عنهم.

وهذا يدفع إلى الشك بأنهم يعتمدون نظرية الحارة والمخبر والمقهى، فالحارة ضيقة ومتكدسة بالسكان للاحتواء، وها هو المخبر جالس على المقهى في وسط الهاربين من ضيق المكان وحرارته، للاستماع إلى كل ما يصدر عنهم من أقوال، لنقله في توه إلى سيده، وكأنهم يريدون العودة بمصر إلى الخلف، حيث كل شيء مراقب، حتى الأفكار غير المعلنة تحت السيطرة. ولكن، على الرغم من كل الاحتياطات التى ينتهجونها، إلا أن شيئاً مما فعلوه لن يتم بسهولة، أو كما توقعوه وجهزوا له، لأنه، ببساطة شديدة، لا يصح إلا الصحيح، فالانقلاب لديه معارضة شديدة واستهجان كبير من جموع الشعب المصري.

avata
avata
إبراهيم صالح (مصر)
إبراهيم صالح (مصر)