الاضطراب التعليمي المعروف باسم عسر القراءة (ديسليكسيا) معروف كمشكلة مرتبطة بالتعامل مع اللغة لدى المتعلم، لكنّ المشكلة الأكبر في ما يعرض موقع مؤسسة "سميثسونيان" التعليمية والبحثية، قد تكون دماغية عضوية ترتبط بمدى قدرة الدماغ على التكيف مع أوضاع جديدة طارئة.
من المعروف أنّ الدماغ البشري مرن جداً. ومع تعلمك كلمات ومهارات وأنماط جديدة، يكيف الدماغ نفسه على الوصول إلى تلك المعلومات بسهولة من خلال اتصالات قوية بين الخلايا العصبية. ومن خلال التدريب على البيانو، أو دراسة الرياضيات، مرة بعد مرة، فإنّك ترصف تلك المسارات التي تسمح لك باستعادة ما تعلمته بسرعة في الوقت الذي تريده، وأحياناً بشكل تلقائي. تلك القابلية المميزة للدماغ على الوصول إلى المعلومات خلال حياة الإنسان معروفة باسم "اللدونة العصبية" التي يعتبرها علماء الأعصاب من الثروات المعرفية التي لا تقدر بثمن.
مع ذلك، فإنّ امتلاك هذه السمة تتفاوت مستوياته بين الناس، وهو ما قد تكون له آثار عميقة على الاستعدادات التعليمية لهم. وقد تبين في دراسة أخيرة نشرت في مجلة "نيورون" (الخلية العصبية) أنّ الأفراد الذين لديهم عسر قراءة إنّما يعانون من ظهور أقل لعملية "اللدونة العصبية" في أدمغتهم بالمقارنة مع غيرهم. فمن خلال استخدام الباحثين التصوير بالرنين المغناطيسي على أطفال يؤدون مهام تعليمية، لاحظوا أنّ صلابة أدمغة من لديهم الديسليكسيا قد تكون السبب خلف صعوبات القراءة التي يسببها الاضطراب.
على الرغم من أنّ هذا الاضطراب يمكن أن يتخذ أشكالاً عديدة، فإنّ من يختبرونه يناضلون عادة من أجل القراءة والفهم وغيرها من المهام المرتبطة بالتعامل مع اللغة، من قبيل الاستذكار وتعلم لغة أجنبية.
بعد قرن من الاستقصاء حول الاضطراب التعليمي الأكثر شيوعاً في العالم، الذي يؤثر في 10 في المائة من المتعلمين، ما زال الباحثون بعيدين عن الوصول إلى الآليات التي تقف خلف الديسليكسيا. وفي البحث الأخير، أخضع الأطفال، وهم بعمر 6 سنوات، إلى الاختبارات نفسها، وهي الاستماع إلى خطاب، وقراءة كلمات، والنظر إلى أشياء ووجوه مختلفة، بينما يتطلب منهم الاختبار التفكير في ما يرون أو يستمعون إليه. وكلّ ذلك كان بينما يخضعون إلى تصوير بالرنين المغناطيسي، علماً أنّ نصفهم تقريباً لديه ديسليكسيا.
تبيّن أنّ أدمغة من ليس لديهم ديسليكسيا تكيفت بسرعة مع المتغيرات، وأظهرت نشاطاً أقل للتعرف على صورة أو كلمة تعرفوا عليها سابقاً. أما من لديهم الاضطراب فقد أظهروا تكيفاً أقل، إذ يعود الدماغ كلّ مرة ليحاول التعرف على الصورة أو الكلمة التي تعرّض لها سابقاً كأنّها المرة الأولى له، من دون استفادة من "اللدونة العصبية" التي يفترض أن يكون قد بناها مسبقاً.