الدواعش أنقذوا الأسد

28 مارس 2015
+ الخط -
كانت البداية عندما أطلقت دعوة للتظاهر ضد نظام بشار الأسد فى سورية، وكان ذلك تأثراً بما حدث في تونس، ثم مصر، من ثورات على الأنظمة المستبدة هناك.
لم تلق تلك الدعوة تجاوبا كبيراً معها، نظراً للقبضة الأمنية لنظام بشار، وخوف الناس من مصير مجهول، وعندها خرج بشار إلى العالم، ليعلن أن سورية ليست مصر، وليست تونس، ظناً منه أن المواطنين لم يستجيبوا للدعوة، حباً به وبنظامه. ولكن الأحرار في سورية لم ييئسوا، وأطلقوا دعوة جديدة، وكانت الانطلاقة الحقيقية للثورة السورية، ومن بعدها، بدأ الحراك السوري، فقابله بشار ونظامه بالسلاح والقتل والدمار، ومع تطور الأمور كان لا بد للثوار من الخروج عن سلميتهم، والدفاع عن أنفسهم ضد ذلك النظام الدموي. وكان إنشاء الجيش السورى الحر، وتمكن هؤلاء الأحرار من إحراز تقدم ملموس على أرض الواقع، من خلال انتصارات عسكرية، وأيضاً تقدم سياسي، وهو الأهم، حيث استطاعوا كسب تعاطف العالم معهم، والإيمان بقضيتهم ضد ذلك الطاغية، ما دفع إيران، وحزب الله في لبنان بقيادة حسن نصرالله، لمساندة بشار مساندة صريحة وعلنية، سياسياً وعسكرياً ومادياً. وعلى الرغم من ذلك، كانت الأمور تسير على ما يرام، إلى أن ظهر في سورية ما يسمى تنظيم الدولة الإسلامية فى العراق وقتها، ثم بعد ذلك سمي تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام، ليعرف إعلامياً بـ (داعش)، وكان ذلك بإدعاء أنهم ذاهبون لمساندة الثوار في سورية والجيش الحر.
ولكن، ما حدث، بعد ذلك، أنهم أصبحوا أخطر على الجيش السوري الحر من بشار نفسه، وقاتلوه بدلا من قتال بشار، وأعاقوا تقدمه على المستوى العسكري. أما الخسارة الكبرى التي حلت بالثورة السورية أن ظهور (داعش) كان من شأنه قلب الأمور، واستغل ظهورهم  بشار، حيث أصبح يخاطب العالم على أنه يواجه إرهابا في سورية، مستغلا ما قام به تنظيم داعش من جرائم قتل لصحفيين أجانب، وغير ذلك. وبالفعل، تحول الموقف الدولي لصالح بشار، وبدأت ترتفع الأصوات لضرورة مساندته والحفاظ على نظامه، ولم يعد أحد يلتفت إلى الآلاف الذين قتلوا على يد نظامه، ولا آلاف المصابين الذين لا يجدون مكانا للعلاج، وكلهم مدنيون عزل.
وأيضاً، لم يعد أحد يذكر معاناة ملايين السوريين الذين شردوا في البلاد المجاورة لسورية، هرباً من قصف طائرات بشار، الوحشي والجنوني، وأصبح بشار بفضل داعش الأقوى سياسياً وعسكريا، ويفعل الآن ما يريد من قتل ودمار، ولم يعد يبالي بقتل طفل أو امرأة أو شيخ، فهي حالة هستيرية تشبه التطهير العرقي، وتصفية كل معارضيه، ولو كان الثمن هدم سورية بأكملها، في مقابل بقائه ونظامه الدموي على رأس السلطة، وذلك كله بحجة أنه يواجه إرهاب داعش.
54371B97-F27A-4F03-A352-C9873B781B99
54371B97-F27A-4F03-A352-C9873B781B99
السعيد حمدي (مصر)
السعيد حمدي (مصر)