سُجّل تزايد في أعداد التلاميذ من أصول مهاجرة الذين يحصلون على التعليم الأساسي وبنجاح كبير في الدنمارك، بحسب ما أظهرت نتائج إحصائيات "مركز القياس الوطني للاندماج" التابع للحكومة الدنماركيّة.
وبينما كانت الأرقام في العام 2011 تشير إلى أن ثمانية من عشرة تلاميذ مهاجرين من أصول غير غربيّة استطاعوا تجاوز المرحلة الإعداديّة، شهد العام الماضي، 2013، ارتفاعاً في النسبة إلى تسعة من عشرة تلاميذ. وهو ما يعني زيادة بنسبة عشرة في المئة في خلال عامين، الأمر الذي "يُعتبر تطوراً إيجابياً"، بحسب ما صرّح وزير التعليم الدنماركي، كريستيان أنتورينسي، لوكالة الأنباء الدنماركيّة، "ريتزاو".
من جهته، رأى وزير الشؤون الاجتماعية الدنماركي، مانو سارين، في حديث صحافي، أن أرقام المركز المحدّثة تشير إلى أن التطوّرات الأخيرة "تُعدّ أخباراً سارة"، أضاف أنه "سعيد بشكل خاص برؤية الشباب الدنماركيّين الجدد (تسمية تُطلق على المهاجرين) ينجحون في منافسة أقرانهم على مقاعد الدراسة".
كذلك، تبيّن الأرقام التي أصدرها المركز الوطني، الجمعة في 27 يونيو/ حزيران، أن الدنماركيّين الجدد من أصول غير أوروبيّة يتّجهون أكثر من السابق نحو الدراسة الجامعيّة، إذ تؤشّر الأرقام إلى زيادة بنسبة خمسة في المئة، من 42 في المئة في العام 2011 إلى 47 في المئة في العام 2013. أما أرقام الشباب من الأصول الدنماركيّة الخالصة، فقد سجّلت زيادة بنسبة 2 في المئة في الفترة الزمنيّة نفسها.
تلامذة مكرّمون
وكانت الجالية العربيّة والفلسطينيّة في مدينة آرهوس الدنماركيّة، قد أقامت حفل تكريم لتلامذة الثانويّة العامة المتخرّجين من فروعها المتعدّدة في وسط شرق الدنمارك. وهؤلاء التلاميذ والتلميذات لم يكونوا فقط من العرب، بل من أصول مختلفة، الأمر الذي يعكس تعدداً ثقافياً في الدنمارك، بحسب ما شدّد مدير ثانوية "لانغكيير" في كلمته، قائلاً إن الدنمارك تضمّ تلامذة من أصول متعددة تصل إلى 30.
وقد وزّعت خلال الحفل، الذي شارك فيه عدد كبير من أهالي الخرّيجين والخريجات، شهادات تقدير، وذلك من ضمن التقليد السنوي الذي بدأته الرابطة الفلسطينيّة في مدينة آرهوس قبل 14 عاماً.
وقد لاحظ "العربي الجديد" وجود عدد كبير من التلميذات يفوق عدد التلاميذ، وهو أمر يتوافق مع ملاحظات تقارير رسميّة دنماركيّة أفادت بأن الإناث من أصول مهاجرة أكثر قدرة على التأقلم وتحقيق التفوّق في المجتمع مقارنة بالذكور.
وعن أهميّة هذا التكريم، قال مسؤول شبكة توجيه الطلبة في آرهوس، أحمد الأحمد، لـ"العربي الجديد"، إنه "من المهم جداً أن يتّجه الشباب العربي في الدنمارك نحو الدراسة والتحصيل العلمي. ولهذا نحن سعداء بزيادة الأعداد التي تسجّل على صعيد الثانوية العامة وإكمال الدراسة الجامعيّة".
وأشار سهيل أبو خروب، من الرابطة الفلسطينيّة، في حديث إلى "العربي الجديد"، إلى أن "الفلسطينيّين في الدنمارك، وبعد سنوات من التركيز السلبي عليهم، باتوا اليوم يلاحَظون أكثر في المؤسسات التعليميّة، إذ لا تخلو مدرسة ولا جامعة من وجود فلسطيني وعربي". أضاف أن "أعداد الفلسطينيّين في الدنمارك وصلت إلى ما يقارب 30 ألفاً. وأبناء هذا الجيل المولودون في هذه البلاد أو الذين وصلوها صغاراً، باتوا اليوم أكثر وعياً لأهميّة التعليم والاندماج الإيجابي من أجل مستقبلهم".
وقد عبّر عضو المجلس البلدي المنتخب في المدينة ومسؤول المجلس الثقافي فيه، ربيع الزحمد (فلسطيني)، لـ"العربي الجديد"، عن سعادته بما شاهده، قائلاً إن الدنمارك باتت تحتاج إلى الكفاءات مع تناقص المواليد. وهذا الأمر سيتحمله هذا الجيل الشاب. ومن الجيّد أن تكون صورة المهاجرين انعكاساً لهذا الواقع الذي نحتفي به وليس للأخطاء الفرديّة التي يقوم بها البعض". وكان الزحمد قد توجّه في كلمته إلى التلاميذ قائلاً: "تجوّلوا في المدن وأنتم تعتمرون قبعاتكم (قبعات التكريم) هذه. دعوا الشعب يراكم بهذا الشكل. وما أحوجنا إلى الظهور بهذه الصورة".
إلى ذلك، أعرب عدد من أهالي التلاميذ، الذين التقى بهم "العربي الجديد"، عن سعادتهم واعتزازهم بما "يحقّقه أولادنا وبناتنا بعد رحلة طويلة مع معاناة الهجرة والاغتراب"، بحسب ما اختصر والد أحد التلاميذ المكرّمين.