الدكتاتور الكبير، الصّغير، وأكبر الجميع

25 أكتوبر 2015
+ الخط -
روسيا وبشار الأسد لا يبحثان أيّ شيء في أثناء جلوس الأخير وفلاديمير وبوتين أمام الشّاشات لدقائق. بوتين يقلّد قيصراً، وما الأسد سوى واحد من أفراده. ولا أعتقد أن تلك الجلسة استمرت طويلاً، فلا شيء مهم. بوتين هو "الصوت الصارخ في البرّية" هذا الاسم الذي سمى هتلر نفسه به، حين اعتقد أنّه المخلّص، وصرّح أن ألمانيا تحتاج مسيحاً قوياً، وليس ضعيفاً، معتبرا نفسه المسيح القوي.
يفكر بوتين اليوم في الخلود، هو يعتقد أنه أكبر من المسيح، أو المسيح الجديد، والأسد، وربما هناك حكام عرب هم من تلامذته.
لو جمعنا خواطرنا، نحن السّوريين، وتحليلاتنا حول الوضع السوري، لرأينا أنّ أغلبنا منفصل عن الواقع، حيث نحمّل طموحاتنا وأحلامنا ضمن التحليل الذي نطلقه بصوت عال، ونبرة استفزازيّة، وكأنّنا نملك من الأمر الكثير، نشبه المؤمن الذي يدعو، ليل نهار أن يدّمر الله عدّوه، نحن بالأصل تربية أسدية.
ما لفت نظري في جلسة بوتين مع تلميذه أنّ التّلميذ كان في قمّة التّهذيب، وخاطبه بكلمات تعبّر عن مقامه، مثل "حضرتكم، وأنتم، نشكركم. إلخ". أما بوتين فكان قد أنهى تدريباته الرّياضيّة للتّو، ثم مارس اليوغا، وأشار عليه أحد أن لا يكون خفيفاً أمام الأسد، ولا يريه سوى العين الحمراء، كي يعرف حدّه، وفعلاً كان الأمر هكذا. كان بوتين معلّماً، والأسد تلميذا.
هل هناك شيء للتّباحث؟ بالطبع لا! روسيا تحكم، والأسد يقول حاضر سيدي.
الشّعب السّوري تحكمه الدكتاتورية العربية، الأسدية، العشائريّة، العائليّة. لذا، لا صوت سيعلو فوق صوت هؤلاء، ولو سار بوتين في دمشق على رأس مسيرة، لسار خلفه كثيرون.
يخاف الأسد بوتين، ويرغب في تقديم الحبّ له. هي عمليّة عادية، ففي سوريّة يتقدّم الوزراء، وزعماء العشائر والأحزاب من أجل صورة مع الأسد، أو تقبيل البوط الذي يلبسه.
الموضوع ببساطة أنّ العالم تحكمه مافيا وظّفت أشخاصاً للسّهر على أمنها، سميناهم دكتاتوريين. بوتين دكتاتور كبير والأسد دكتاتور صغير.
أين الدكتاتور الذي هو أكبر الجميع؟ في الظّل، يفرد مظلّته فوق رأس جميع الدكتاتوريين، فمن هو الدكتاتور الذي يدعى"أكبر الجميع"؟
الأمر متروك للمحللين.

avata
avata
ناديا خلوف (سورية)
ناديا خلوف (سورية)