الدشليون وحلق الحاجة زينب

13 يونيو 2016
على الحاجة زينب مطالبة الأثرياء بسداد ما عليهم أولاً(فيسبوك)
+ الخط -
مكثتُ فترة طويلة في الصحافة الاقتصادية لأعرف الفارق بين رقم الدشليون ورقم الترليون، ومتى نذكر المليار ولا نذكر البليون في المادة الصحافية، وكم رقماً نضعه أمام الواحد الصحيح حتى يصبح مليوناً.

أما "الحاجة زينب" فتعرف الفارق بين الأرقام منذ نعومة أظافرها، حتى تلك الأرقام التي نذكرها فقط عند الحديث عن المليارديرات واقتصادات الدول الكبرى ومجموعة الثماني الصناعية أو حتى مجموعة العشرين، أو ربما تعرف الفارق منذ أن ورثت "حلقها" الذهبي الذي ترتديه في أذنيها عن أمها وجدتها، ولذا فهي تخاطب المصريين في إعلانها الحالي الشهير بالدشليون وليس حتى بالمليون أو بالمليار، وحسب تعبيرها فإن "فداء مصر دشليون حلق".

والحاجة زينب لمن لا يعرفها هي السيدة التي تبرعت بحلقها الذهبي لصندوق تحيا مصر واستقبلها السيسي منذ أشهر لتوجيه الشكر لها على هذا العمل البطولي، كما تحولت هذه الأيام مثاراً لحديث الرأي العام المصري، حيث إن أشهر إعلان يذاع في شهر رمضان الجاري يحكي قصة حلق الحاجة زينب منذ نعومة أظافرها وحتى تبرعها به لصندوق تحيا مصر.

بالطبع ما قامت به الحاجة زينب يستحق التقدير والثناء وليس السخرية والتندر و"التريقة" كما يفعل البعض على مواقع التواصل الاجتماعي، خاصة إذا ما كان الاقتصاد المصري في أشد الحاجة للمساعدة بسبب الظروف الصعبة التي يمر بها.

لكن هل من المنطقي أن تطالب الحاجة زينب المصريين بالتبرع لصندوق تحيا مصر وهم أنفسهم من يحتاجون إلى مساعدة عاجلة، خاصة مع ارتفاع نسب ومعدلات الفقر والبطالة وغلاء الأسعار والتضخم وتآكل القدرة الشرائية والارتفاع المجنون للدولار؟

هل من المعقول أن تطالب الحاجة زينب القطاع الأكبر من المصريين الذين يتابعون إعلانها الغزير بالتبرع لصندوق لا تزال إيراداته ومصروفاته غامضة بالنسبة لهم، وفي نفس الوقت تكويهم أسعار السلع، كما أن الغلاء لا يرحم جيوبهم ولا يراعي دخولهم المحدودة التي باتت غير قادرة على مواجهة أعباء الحياة حتى ولو كانت ضرورية؟


ألم يكن من الأجدى أن توجه الحاجة زينب رسالتها للأغنياء الذين يستحوذون على النسبة الأكبر من ثروات المجتمع وأراضيه ومنتجعاته ومزاياه الاقتصادية، وذلك حتى يتبرع هؤلاء لصندوق هم أبرز المستفيدين اقتصاديا منه، حيث ستقوم شركاتهم بتنفيذ مشروعات تطوير العشوائيات وشبكة الصرف الصحي وغيرها من المشروعات التي من المقرر أن يقوم بها الصندوق، وبالتالي الحصول عن أموال مقابل التنفيذ؟

ألم يكن من الأفضل أن توجه "الحاجة زينب" الرسالة للعائلات الثرية المتهربة من الضرائب والجمارك، وأن تطالب باسترداد الدولة 14 مليار جنيه قيمة تهرب ضريبي مستحقة على عائلة واحدة وعن صفقة بيع واحدة قامت بها العائلة من بين عشرات الشركات التي تمتلكها؟

ألم يكن من الأجدى أن تخاطب "الحاجة زينب" كبار رجال الأعمال المتهربين من سداد ضرائب قدّرها رئيس مصلحة الضرائب المصرية الأسبق وعضو البرلمان المعين، أشرف العربي، بنحو 250‏ مليار جنيه سنوياً؟

كان الجميع سيستمع بإنصات شديد لرسالة "الحاجة زينب" لو طالبت الحكومة بتنفيذ وعودها باسترداد أكثر من 100 مليار جنيه قيمة الأموال المتأخرة المستحقة للدولة على المستثمرين الذين حولوا أراضي طريق القاهرة إسكندرية الصحراوي و6 أكتوبر الزراعية والحزام الأخضر في غرب القاهرة إلى قصور ومنتجعات.

أو أن تطالب "الحاجة زينب" شركة واحدة يملكها مستثمرون مصريون وكويتيون بسداد نحو 70 مليار جنيه مستحقة عليها للدولة منذ سنوات طويلة بسبب تحويلها ملايين الأفدنة الزراعية التي حصلت عليها في مدينة العياط جنوب الجيزة إلى مشروعات سكنية.

يا "حاجة زينب" أعيدي النظر في رسالتك كي تدخل قلوب المصريين ويصدقوها ويتجاوبوا معها.

نسيت أن أقول لكم إن الدشليون هو واحد صحيح أمامه 60 صفرا، وهو ثاني أعلى رقم تعرفه البشرية حتى الآن، وطبعا قبله أرقام كثيرة تبدأ بالمليون "6 أرقام" وتنتهى بالديشليار "63 صفرا"، وطبعا لا يوجد اقتصاد دولة مهما كبر أن يصل حجمه إلى رقم الدشليون.

المساهمون