في ظلّ تواصُل غياب مصطلحات الإنتاج والمنافسة في قاموس الدراما الجزائريّة، والتي تعيش مأساة حقيقية منذ سنوات، بفعل تجذر مشاكل كتابة السيناريو وقلة النصوص. تبقى الدراما الأجنبية، وفي مقدمتها التركية، القبلة المفضلة للمشاهد الجزائري.
كانت بداية تجربة اكتشاف المشاهد الجزائري للمسلسلات التركية بثلاثية، "سنوات الضياع" و"نور" و"وادي الذئاب". مسلسلات فرضت نفسها في أجندة الجزائريين الذين صاروا يفرحون ويحزنون على وقع أحداثها، لتستمر التجربة ويزداد شغف المشاهد الجزائري بالدراما التركية، ليصل لأوجه مع عرض مسلسلي "حريم السلطان" و"العشق الممنوع"، واللذين أحدثا ضجة غير مسبوقة في المجتمع الجزائري، وذلك بسبب المحتوى، والذي رآه الكثيرون بأنّه يطرح تابوهات لا يجب الدوس عليها، ويقترب من قضايا إشكالية هي في عرف المسكوت عنه في المجتمع الجزائري الأهلي.
من جانبه، يرجع المواطن، جمال الدين، هيمنة الدراما التركية على شاشة الجزائريين إلى "التشابه الموجود بين الواقع الذي تصوره، والواقع الذي يعيشه المجتمع الجزائري، فالحب موجود في حياتنا، لكن الدراما الجزائرية لا تملك الجرأة على فتح هذه الملفات، بل هي عاجزة حتى على الوصول إلى البيوت".
من جانبها، ترى المختصة في علم الاجتماع الإعلامي، سعاد رويسات، في حديث لـ "العربي الجديد"، بأنَّ "المسلسلات التركية تروج لثقافة وعادات هي محل بحث في مجتمعنا، كالجرأة والحرية المطلقة في العلاقات الحميمية بين الجنسين، والتي تحل محل الزواج. كما توفر هذه المسلسلات عامل الإثارة من خلال قصص المال والمافيا والانتقام، وهي توابل تغري أي مشاهد على تتبعها".
ويحل إعجاب المشاهد الجزائري بالدراما التركية بعد مروره بالمسلسلات الفرنسية والأميركية في ثمانينيات القرن الماضي. حيث أسر مسلسل "دالاس" الأميركي، مثلاً، في وقت ما، عقول وقلوب الجزائريين.
ثم انتقل إعجاب المشاهد الجزائري إلى المسلسلات المصرية، والمسلسلات القادمة من أميركا اللاتينية، على غرار مسلسل "ليالي الحلمية" المصري، و"كاسندرا" الفنزويلي، والذي شغل الجزائريين طيلة فترة عرضه على القناة التلفزيونيّة العموميّة الوحيدة آنذاك.
ثم جاء الدور على الدراما السورية، والتي تربّعت طويلاً على عرش الشاشة الصغيرة في الجزائر، حيث استطاعت المسلسلات التاريخية كـ "الكواسر"، ومسلسلات الحواري الشامية كـ "باب الحارة"، أن تجلب لها إعجاب الجزائريين، ليزول بريق الدراما السورية مع مرور السنين في أعين الجزائريين، وتحلّ محلّها المسلسلات التركية، والتي سيطرت على الذوق الدرامي الجزائري.
ولم تقتصر مشاهدة الدراما التركية في الجزائر على النساء فقط، بل تعدتها إلى الجنس الآخر، أي الرجال. حيث تحولت المقاهي إلى مكان يجتمع فيه الرجال لمشاهدة مسلسل "وادي الذئاب" مثلاً، وذلك بعيداً عن عناد النساء في البيت، وفي ظل تزامن عرضه مع مسلسلات أخرى.
إقرأ أيضاً: طاهرة حماميش..انتظروني قريبًا بالمغربي