لا يمكن المرور سريعاً على ما جاء في حديث أمير الكويت، الشيخ صباح الأحمد، حول نيّة دول الحصار الأربع (السعودية، الإمارات، البحرين، مصر) اللجوء إلى القوة العسكرية ضد قطر، وكان أمراً لافتاً أن يكشف عن هذا للمرة الأولى خلال المؤتمر الصحافي الذي جمعه، مساء أمس الخميس، مع الرئيس الأميركي دونالد ترامب، في البيت الأبيض.
قام أمير الكويت بزيارة واشنطن من أجل الحصول على موقفٍ من طرف الرئيس الأميركي، تحديداً، الذي بات واضحاً أنه لعب دوراً سلبياً ساهم في إذكاء الأزمة، وشجع أبوظبي والرياض على الذهاب بالتصعيد نحو مستويات خطيرة. والمحطة الأساسية في مواقف الرئيس ترامب هي أنه استجاب للتحريض على قطر الذي تلى قمة الرياض في 21 مايو/ أيار، واعترف بذلك مرات عدّة.
أهمية أن يحصل أمير الكويت على موقف صريح من طرف الرئيس الأميركي، تكمن في ثلاثة اعتبارات. الأول هو أن الشيخ صباح الأحمد، عازم على تحريك الوساطة قبل جملة من الاستحقاقات الخليجية، منها على وجه الخصوص اجتماعات وزراء خارجية مجلس التعاون، التي تسبق القمة الدورية لمجلس التعاون، والتي من المقرر أن تُعقد هذه السنة في الكويت، وموعدها السنوي هو الأسبوع الأخير من شهر ديسمبر/كانون الأول. والاعتبار الثاني هو الرهان على أن حسم الموقف الأميركي يمكنه أن يسهم في تحديد اتجاه الأزمة، التي لا تزال دول الحصار مستمرة فيها إعلامياً وسياسياً، من خلال محاولات التدخل في الشؤون الداخلية القطرية.
أما الاعتبار الثالث، فهو أن دول الحصار لا تزال تتصرف على أساس أنها تحظى بتأييد أميركي لإجراءات الحصار ومحاولات تسويق الافتراءات ضد قطر، في الوقت الذي تعاطت الدوحة مع التهويش السياسي والإعلامي بمهنية عالية، وتمكنت من تفكيك الحملات التي تعرضت لها.
اقــرأ أيضاً
كان لافتاً أن دول الحصار سارعت، أمس، إلى نفي ما ورد على لسان أمير الكويت حول الخيار العسكري. وجاء في البيان الذي أصدرته "تأسف الدول الأربع على ما قاله أمير الكويت عن نجاح الوساطة بوقف التدخل العسكري، إذ تشدد على أن الخيار العسكري لم ولن يكون مطروحاً بأي حال". كما سارع وزير الدولة الإماراتي، أنور القرقاش، إلى محاولة خلط الأوراق، وتمييع كلام أمير الكويت حول نية دول الحصار شن عدوان عسكري على قطر، ونشر تغريدات عدّة يتهم فيها قطر بإثارة قضية الخيار العسكري، في حين أن من أثارها هو أمير الكويت.
نفْيُ دول الحصار لا يقدم ولا يؤخر، والجوهري في الأمر هو أن أمير الكويت ما كان سيثير قضية نجاح الوساطة في استبعاد الخيار العسكري لو لم يكن مطروحاً، والأهم أنه أثارها من واشنطن، وأمام الرئيس ترامب الذي أخذت دول الحصار من مواقفه مظلة لتصعيد إجراءاتها العدوانية ضد قطر، وبالتالي باتت هذه المسألة مكشوفة للعلن، وهي تُسجّل كنقطة ذات أهمية خاصة في ملف هذه الأزمة.
قضية الخيار العسكري ليست تفصيلية، وتستحق التوقف عندها طويلاً، لأنها تفسر كل الخطوات العدوانية التي أقدمت عليها دول الحصار، بدءاً من فرض الحصار البرّي والجوّي، وقطع العلاقات الدبلوماسية، وطرح لائحة الشروط الـ13، وأخيراً مسألة تسييس الحج، وما رافقها من مسرحية فبركة معارضة قطرية، والتحضير لمؤتمرات دعائية مدفوعة في بعض الدول الغربية للإساءة إلى قطر.
اقــرأ أيضاً
طرح الخيار العسكري يمنح أهمية إضافية للدعوات التي تم رفعها من جانب مؤسسات قطرية لمقاضاة دول الحصار، ويضعها في إطارها الصحيح بوصف قطر واجهت عدواناً بكل المقاييس، ما يضع آثار الخيار العسكري في مصاف إعلان الحرب، ما يعني أن الحرب قامت من دون أن تكون بأسلحة عسكرية.
هناك سؤالان أساسيان على قدر كبير من الأهمية. الأول هو لماذا كانت دول الحصار تفكر بالخيار العسكري، في حين أنه لا يوجد من بين مطالبها الـ13 أي نقطة تستدعي اللجوء إلى القوة العسكرية؟ والسؤال الثاني هو لماذا كانت هذه الدول قد وضعت الخيار العسكري على الطاولة في بداية الأزمة، خلافاً لما هو معهود في الحروب التي تأتي عادة بعد استنفاد الخيارات الدبلوماسية؟
هذان السؤالان مطروحان على دول الحصار، التي كانت تفكر بإشعال حرب في منطقة من العالم ذات خصوصية عالية جداً، الأمر الذي كان سيقود إلى نزاع إقليمي ودولي واسع النطاق.
وفي الختام، هناك نقطة هامة بغض النظر عن نجاح زيارة أمير الكويت إلى واشنطن في تحريك الأزمة من عدمه، وهي تتمثل بمدى قدرة الرئيس ترامب على الإسهام في حل هذه الأزمة، وهو الذي يعيش وضعاً داخلياً رجراجاً، ويعاني من مشاكل في إدارته، ويواجه أزمة خارجية مع كوريا الشمالية، ترتبت عليها أزمة دبلوماسية مفتوحة مع الصين وروسيا.
اقــرأ أيضاً
قام أمير الكويت بزيارة واشنطن من أجل الحصول على موقفٍ من طرف الرئيس الأميركي، تحديداً، الذي بات واضحاً أنه لعب دوراً سلبياً ساهم في إذكاء الأزمة، وشجع أبوظبي والرياض على الذهاب بالتصعيد نحو مستويات خطيرة. والمحطة الأساسية في مواقف الرئيس ترامب هي أنه استجاب للتحريض على قطر الذي تلى قمة الرياض في 21 مايو/ أيار، واعترف بذلك مرات عدّة.
أهمية أن يحصل أمير الكويت على موقف صريح من طرف الرئيس الأميركي، تكمن في ثلاثة اعتبارات. الأول هو أن الشيخ صباح الأحمد، عازم على تحريك الوساطة قبل جملة من الاستحقاقات الخليجية، منها على وجه الخصوص اجتماعات وزراء خارجية مجلس التعاون، التي تسبق القمة الدورية لمجلس التعاون، والتي من المقرر أن تُعقد هذه السنة في الكويت، وموعدها السنوي هو الأسبوع الأخير من شهر ديسمبر/كانون الأول. والاعتبار الثاني هو الرهان على أن حسم الموقف الأميركي يمكنه أن يسهم في تحديد اتجاه الأزمة، التي لا تزال دول الحصار مستمرة فيها إعلامياً وسياسياً، من خلال محاولات التدخل في الشؤون الداخلية القطرية.
أما الاعتبار الثالث، فهو أن دول الحصار لا تزال تتصرف على أساس أنها تحظى بتأييد أميركي لإجراءات الحصار ومحاولات تسويق الافتراءات ضد قطر، في الوقت الذي تعاطت الدوحة مع التهويش السياسي والإعلامي بمهنية عالية، وتمكنت من تفكيك الحملات التي تعرضت لها.
كان لافتاً أن دول الحصار سارعت، أمس، إلى نفي ما ورد على لسان أمير الكويت حول الخيار العسكري. وجاء في البيان الذي أصدرته "تأسف الدول الأربع على ما قاله أمير الكويت عن نجاح الوساطة بوقف التدخل العسكري، إذ تشدد على أن الخيار العسكري لم ولن يكون مطروحاً بأي حال". كما سارع وزير الدولة الإماراتي، أنور القرقاش، إلى محاولة خلط الأوراق، وتمييع كلام أمير الكويت حول نية دول الحصار شن عدوان عسكري على قطر، ونشر تغريدات عدّة يتهم فيها قطر بإثارة قضية الخيار العسكري، في حين أن من أثارها هو أمير الكويت.
نفْيُ دول الحصار لا يقدم ولا يؤخر، والجوهري في الأمر هو أن أمير الكويت ما كان سيثير قضية نجاح الوساطة في استبعاد الخيار العسكري لو لم يكن مطروحاً، والأهم أنه أثارها من واشنطن، وأمام الرئيس ترامب الذي أخذت دول الحصار من مواقفه مظلة لتصعيد إجراءاتها العدوانية ضد قطر، وبالتالي باتت هذه المسألة مكشوفة للعلن، وهي تُسجّل كنقطة ذات أهمية خاصة في ملف هذه الأزمة.
قضية الخيار العسكري ليست تفصيلية، وتستحق التوقف عندها طويلاً، لأنها تفسر كل الخطوات العدوانية التي أقدمت عليها دول الحصار، بدءاً من فرض الحصار البرّي والجوّي، وقطع العلاقات الدبلوماسية، وطرح لائحة الشروط الـ13، وأخيراً مسألة تسييس الحج، وما رافقها من مسرحية فبركة معارضة قطرية، والتحضير لمؤتمرات دعائية مدفوعة في بعض الدول الغربية للإساءة إلى قطر.
طرح الخيار العسكري يمنح أهمية إضافية للدعوات التي تم رفعها من جانب مؤسسات قطرية لمقاضاة دول الحصار، ويضعها في إطارها الصحيح بوصف قطر واجهت عدواناً بكل المقاييس، ما يضع آثار الخيار العسكري في مصاف إعلان الحرب، ما يعني أن الحرب قامت من دون أن تكون بأسلحة عسكرية.
هناك سؤالان أساسيان على قدر كبير من الأهمية. الأول هو لماذا كانت دول الحصار تفكر بالخيار العسكري، في حين أنه لا يوجد من بين مطالبها الـ13 أي نقطة تستدعي اللجوء إلى القوة العسكرية؟ والسؤال الثاني هو لماذا كانت هذه الدول قد وضعت الخيار العسكري على الطاولة في بداية الأزمة، خلافاً لما هو معهود في الحروب التي تأتي عادة بعد استنفاد الخيارات الدبلوماسية؟
هذان السؤالان مطروحان على دول الحصار، التي كانت تفكر بإشعال حرب في منطقة من العالم ذات خصوصية عالية جداً، الأمر الذي كان سيقود إلى نزاع إقليمي ودولي واسع النطاق.
وفي الختام، هناك نقطة هامة بغض النظر عن نجاح زيارة أمير الكويت إلى واشنطن في تحريك الأزمة من عدمه، وهي تتمثل بمدى قدرة الرئيس ترامب على الإسهام في حل هذه الأزمة، وهو الذي يعيش وضعاً داخلياً رجراجاً، ويعاني من مشاكل في إدارته، ويواجه أزمة خارجية مع كوريا الشمالية، ترتبت عليها أزمة دبلوماسية مفتوحة مع الصين وروسيا.
عندما يتحدث صوت العقل..
">
|