23 يونيو 2017
الخليج وثمن الانقلاب في مصر
أحمد القثامي (السعودية)
لطالما شكّلت النفعيّة بشكلها الوصولي العلاقات البينية للدول العربية، فاختزلت عقلية النظام السياسي العربي الرسمي بالمداهنة والنفاق بأقبح صوره، مبدأ يحدّد شكل العلاقة بين أنظمة الحكم المتقاطعة في سلطويتها وتحجيم الأوطان ومصائر شعوبها في إرادتها الاستحواذية ونظرتها الخاطئة للعالم، فمحالٌ أنْ تحرّك تلك الأنظمة مصلحةً وطنيةً حقّة، تعبّر عمّا تبتغيه شعوبها من أيّ عائد ذي جدوى، يصب في صالحها.
لو لم يكن التكلّس قد أصاب تلك الأنظمة التي احتكرت السلطة، واقترفت بحقّ شعوبها أبشع الجرائم، وألحقت بها أعظم النكبات، وحالت دون وجود مجال سياسي، قاد، في نهاية المطاف، إلى خروج الانتفاضات الشعبية، حينما بلغ السيل الزبى، كما أنّ ذلك العجز والفشل السياسي تبدّى جلياً في عدم قدرة النظام السياسي العربي على ردع الآخرين الذين وجدوا، في أكثر من بلد عربي، فرصة لتحقيق مصالحهم، عبر تسعير الصراعات الداخلية واستثمارها في بسط نفوذهم ومناطحة قوى أخرى.
على أنّ ممارساتٍ، مثل التي ينتهجها نظام الانقلاب في مصر، تمثّل تفرّداً في الرعونة والحمق، بلغت حدّ الابتذال في السياسة، فاتخذ من الابتزاز منهجيةً يتحدّد، من خلالها، اتجاه بوصلته في علاقاته الخارجية، حتى أمسى كالحرباء في تلوّنه المستمر من دون أن تعنيه سمعة بلد عظيم كمصر، والتي تُساق نحو الهاوية بفعل حالة العته المزمن التي يتخبّط بها النظام الانقلابي، من دون وعْي وإدراك بحجم الجرم المرتكب بحق المصريين، والمقامرة بحاضرهم ومستقبلهم، فشكل العلاقة بين نظام الانقلاب في مصر والسعودية وبعض دول الخليج منذ انقلاب 2013 لم تكن تحالفاً مبنياً على أسس سليمة من الندية والتوافق حول القضايا الكبرى التي تمسّ أمن تلك البلدان ومصالحها الإستراتيجية، والتي لا تعني التطابق التام في الرؤى، بقدر كونها صيغةً مشتركةً لمواجهة التحديات ومعالجة الأزمات، والتي تموج المنطقة بكثير منها.
لا يرى عبد الفتاح السيسي ونظامه في دول الخليج العربي إلا بقرة حلوباً، لا ينبغي لها التوقف عن منحه المزيد الذي لا يعرف النهاية، فيما ظنّ الخليجيون واهمين أنّهم، بدعم الانقلاب العسكري، سيعيدون إنتاج نموذج حسني مبارك، المطواع والمتعاون، والذي، على الأغلب، لم يكن تعامله معهم كجزء من سياسة مرسومة، بقدر ما كان نتيجة للارتجال في السياسة، فانكفأت مصر عن التأثير في محيطها، على عكس منطق التاريخ والجغرافيا الذي يؤكد أنّها القوّة العربية الأكبر والأقدر على التأثير والفاعلية، فما يحدث اليوم من أزمةٍ لن يكون دافعاً لتغيّر شكل العلاقات، لأن العادات المترسبة عبر الزمن لدى الأنظمة العربية، هي القفز على الخلافات عبر مجاملاتٍ كلاميةٍ، ووعود غير حقيقيةٍ، لا تستند على قناعة، بل بهدف تأجيل التوّتر إلى مراحل لاحِقة، حيث يطفو مجدّداً بفعل التناقضات، ويحلّ موسم آخر من التنابز والتلاسن الإعلامي، والذي يتوّهم المتورطون فيه أنهم ينتصرون للوطن، فيما هم ليسوا أكثر من إحدى دلائل زمن الانحطاط والفشل العربي.
لو لم يكن التكلّس قد أصاب تلك الأنظمة التي احتكرت السلطة، واقترفت بحقّ شعوبها أبشع الجرائم، وألحقت بها أعظم النكبات، وحالت دون وجود مجال سياسي، قاد، في نهاية المطاف، إلى خروج الانتفاضات الشعبية، حينما بلغ السيل الزبى، كما أنّ ذلك العجز والفشل السياسي تبدّى جلياً في عدم قدرة النظام السياسي العربي على ردع الآخرين الذين وجدوا، في أكثر من بلد عربي، فرصة لتحقيق مصالحهم، عبر تسعير الصراعات الداخلية واستثمارها في بسط نفوذهم ومناطحة قوى أخرى.
على أنّ ممارساتٍ، مثل التي ينتهجها نظام الانقلاب في مصر، تمثّل تفرّداً في الرعونة والحمق، بلغت حدّ الابتذال في السياسة، فاتخذ من الابتزاز منهجيةً يتحدّد، من خلالها، اتجاه بوصلته في علاقاته الخارجية، حتى أمسى كالحرباء في تلوّنه المستمر من دون أن تعنيه سمعة بلد عظيم كمصر، والتي تُساق نحو الهاوية بفعل حالة العته المزمن التي يتخبّط بها النظام الانقلابي، من دون وعْي وإدراك بحجم الجرم المرتكب بحق المصريين، والمقامرة بحاضرهم ومستقبلهم، فشكل العلاقة بين نظام الانقلاب في مصر والسعودية وبعض دول الخليج منذ انقلاب 2013 لم تكن تحالفاً مبنياً على أسس سليمة من الندية والتوافق حول القضايا الكبرى التي تمسّ أمن تلك البلدان ومصالحها الإستراتيجية، والتي لا تعني التطابق التام في الرؤى، بقدر كونها صيغةً مشتركةً لمواجهة التحديات ومعالجة الأزمات، والتي تموج المنطقة بكثير منها.
لا يرى عبد الفتاح السيسي ونظامه في دول الخليج العربي إلا بقرة حلوباً، لا ينبغي لها التوقف عن منحه المزيد الذي لا يعرف النهاية، فيما ظنّ الخليجيون واهمين أنّهم، بدعم الانقلاب العسكري، سيعيدون إنتاج نموذج حسني مبارك، المطواع والمتعاون، والذي، على الأغلب، لم يكن تعامله معهم كجزء من سياسة مرسومة، بقدر ما كان نتيجة للارتجال في السياسة، فانكفأت مصر عن التأثير في محيطها، على عكس منطق التاريخ والجغرافيا الذي يؤكد أنّها القوّة العربية الأكبر والأقدر على التأثير والفاعلية، فما يحدث اليوم من أزمةٍ لن يكون دافعاً لتغيّر شكل العلاقات، لأن العادات المترسبة عبر الزمن لدى الأنظمة العربية، هي القفز على الخلافات عبر مجاملاتٍ كلاميةٍ، ووعود غير حقيقيةٍ، لا تستند على قناعة، بل بهدف تأجيل التوّتر إلى مراحل لاحِقة، حيث يطفو مجدّداً بفعل التناقضات، ويحلّ موسم آخر من التنابز والتلاسن الإعلامي، والذي يتوّهم المتورطون فيه أنهم ينتصرون للوطن، فيما هم ليسوا أكثر من إحدى دلائل زمن الانحطاط والفشل العربي.
مقالات أخرى
21 مارس 2017
30 ديسمبر 2016
13 نوفمبر 2016