الخرائط تُنقذ الموريتانيين

04 ابريل 2017
ضحيّة انفجار لغم (دومينيك فاجيه/ فرانس برس)
+ الخط -
بترت ساق عليوه ولد سليمان من جرّاء انفجار لغم فى منطقة بير أم كرين في عام 1999. في ذلك الوقت، اختارت عائلته السفر إلى العاصمة الموريتانية نواكشوط. وبعد تسعة أشهر من العلاج في المركز الوطني لتركيب وتنشيط الأعضاء، تعافى من الإصابات الأخرى، إلّا أنّه لم يعد قادراً على العمل. يقول لـ"العربي الجديد": "أُخبرنا أنّ برنامج نزع الألغام يُفترض أن يعطينا مساعدات، إلّا أنّنا لم نحصل على شيء وتحملنا مصاريف العلاج كلّها". حاليّاً يعيش ولد سليمان في حيّ شعبي في منطقة كارفور مدريد.

أمّا الخليل ولد عمو، فكان قد أُصيب بعد انفجار لغمٍ أرضي فى منطقة واد الكاح قرب مدينة زويرات في شمال موريتانيا، حين كان يرعى قطيعاً من الإبل. نقل إلى مُستشفى العاصمة، لتبتر يده وساقه. ونتيجة إصابات أخرى، لم يعد قادراً على المشي، وصار يتنقل من خلال كرسي متحرّك. وكلّ ثلاثة أسابيع، يخضع لجلسات علاج في المركز الوطني لتركيب وتنشيط الأعضاء.

من جهته، يقول محمدي ولد محمدن، وهو ممرّض في المركز الوطني لتنشيط الأعضاء، إنّ ولد عمو تعرّض لإصابات خطيرة في أطرافه، لافتاً إلى أنّ هدف الجلسات هو تنشيط الأعضاء لتبقى حيّة وتساعده على التحرّك لأداء مهامه اليوميّة. ويرفض الحديث عن عدد الحالات التي تعالج في المركز، باعتبار أنّه ليس مخوّلاً في إعطاء أية معلومات، في وقت رفضت إدارة المركز الحديث أيضاً.

أيضاً، أُصيب السالك ولد العيل وعدد من أصدقائه، وهو نجل رقيب في الجيش الموريتاني، بعد انفجار لغم في منطقة تميمشات أثناء محاولته تفكيكه. إلّا أنّ الحادثة لم تقتصر على الإصابات، وأدّى الانفجار إلى وفاة والده. يقول لـ"العربي الجديد"، إنّ أسرته لم تحصل على أي تعويض، واكتفى الجيش بتخصيص راتب تقاعدي "زهيد جداً" للعائلة.



يوجد نحو مليون لغم على الحدود بين موريتانيا والصحراء الغربيّة. ويعاني أهالي ثلاث ولايات موريتانيّة من مخلّفات الحرب الطاحنة بين موريتانيا والمغرب من جهة، وجبهة البوليساريو من جهة أخرى، إذ استخدم سلاح الألغام بضراوة. صحيح أنّ الحرب انتهت في عام 1979، إلّا أنّ الألغام المنتشرة على طول الحدود المشتركة حصدت أرواح مئات القرويّين ومواشيهم، عدا عن إصابة آخرين.

وتنتشر الألغام في مناطق عدّة لا يُسمح بدخول المدنيّين إليها. في الوقت نفسه، يشير المركز الوطني لنزع الألغام إلى انخفاض معدّل الحوادث الناجمة عن الألغام أخيراً من 12 إلى حادث واحد سنوياً. وبحسب بيان سابق للمركز، فقد أزيلت الألغام من بعض المناطق، ووزّعت مساعدات على 75 ضحية، استطاعوا بدء مشاريع مدرة للدخل.

وكانت موريتانيا قد وقعت في عام 2009 على اتفاقيّة "أوتاوا" التي تُلزم الدول الأعضاء بالقضاء على الألغام في غضون 10 سنوات. يقول رئيس منظمة مدنية للتوعية بمخاطر الألغام، يحظيه ولد محمد يحيى، لـ"العربي الجديد": "على الدولة الموريتانيّة أن تطلب من الأشقاء في الصحراء والمغرب خريطة بالألغام المزروعة في المناطق الحدودية".

ويوضح ولد محمد يحيى أنّ الحكومة بذلت جهوداً كبيرة منذ إنشاء المركز الوطني لنزع الألغام في عام 2007، وقد تراجعت نسبة الإصابات من جرّاء الألغام. لكن لا يمكن القول إنّ البلاد باتت خالية من الألغام، لافتاً إلى انفجار قنابل يدوية في أحد أحياء العاصمة نواكشوط أخيراً، أدت إلى مقتل طفل. ويرجّح أنّ هذه القنابل تعود إلى فترة المواجهات بين قوات الجيش الموريتاني وعناصر سلفية في عام 2010، ما يدلّ على مدى صعوبة القضاء على الألغام في ظل عدم توفر خرائط.

ويشدّد ولد محمد يحيى على أهمية توعية المواطنين في الولايات الشمالية حول مخاطر الألغام، وتنظيم دوريات للأمن في المنطقة لمنع المواطنين من الاقتراب من المناطق الخطرة، والحصول بشكل سريع على خرائط الألغام، خصوصاً أن الحرب انتهت منذ زمن طويل، كما أنّ علاقة موريتانيا جيّدة مع جيرانها. والأهم هو التكفّل بعلاج المصابين.