عادت أزمة الوقود في العاصمة اليمنية صنعاء والمحافظات الخاضعة لسيطرة الحوثيين إلى الواجهة، وذلك بعد أيام من سماح الحكومة الشرعية بدخول 4 سفن من المشتقات النفطية إلى ميناء الحديدة الخاضع للجماعة، في أعقاب ضغوط أممية.
وأغلق الحوثيون محطات الوقود في مناطق سيطرتهم بعد انفراجة جزئية أحدثها دخول نحو 90 ألف طن من المشتقات النفطية إلى ميناء الحديدة، غربي اليمن، وقال سكان محليون في صنعاء لـ"العربي الجديد"، إن طوابير طويلة من السيارات ترتص أمام محطات البنزين دون فائدة.
ووفقا للمصادر، فإن البنزين يتوفر بالسوق السوداء ولكن بأسعار خيالية، حيث تباع الصفيحة الواحدة سعة 20 لتراً من البنزين بـ 25 ألف ريال ( ما يعادل 38 دولارا)، بعد أن كانت تباع قبل الأزمة الحالية بـ 7 آلاف ريال.
وتعود الأزمة إلى منتصف يونيو /حزيران الماضي، ففي حين يتهم الحوثيون التحالف السعودي بالوقوف خلفها وذلك باحتجاز 15 سفينة محملة بالوقود، قبالة سواحل ميناء جيزان، ومنع وصول السفن بشكل تعسفي إلى ميناء الحديدة لتفريغ شحناتها، تقول الحكومة المعترف بها دولياً، إن سلطات الحوثي تفتعل الأزمة للتهرب من تفاهمات رعتها الأمم المتحدة.
وأعلن وزير النفط في حكومة الحوثيين، أحمد عبدالله دارس، الخميس، أن خزانات شركة النفط ووكلاءها ومحطات الوقود، باتت خالية من المشتقات النفطية وأن الوضع ما يزال ينذر بكارثة إنسانية، في حال استمر التحالف السعودي في احتجاز السفن النفطية.
وذكر المسؤول الحوثي، في تصريحات نقلتها قناة "المسيرة" التابعة للجماعة، أن احتجاز سفن الوقود، يحمل وزارته أعباء وغرامات كبيرة تصل من 18 ألف دولار إلى 20 ألف دولار عن كل سفينة في اليوم الواحد.
وأتهم الوزير الحوثي، الأمم المتحدة بـ" التواطؤ الفاضح" والصمت على ممارسات التحالف السعودي، وحذر من كارثة إنسانية تهدد بتوقف كافة القطاعات الحيوية في اليمن خاصة القطاع الصحي، وعقاب جماعي يزيد من معاناة اليمنيين في الحصول على الدواء والغذاء وكافة متطلبات الحياة.
وترفض الحكومة اليمنية، مزاعم الحوثيين بوجود أزمة وقود في صنعاء، ووفقا لتصريح مسؤول حكومي، طلب عدم الكشف عن هويته لـ"العربي الجديد"، فقد كان الاتفاق مع المبعوث الأممي مارتن غريفيث، الأسبوع الماضي، على إدخال 4 سفن لأسباب إنسانية بحتة بشرط الجلوس مع الحوثيين للاتفاق على آلية تخصيص العوائد الخاصة برسوم استيراد الوقود.
وقال المصدر: "الحوثيون يسعون للابتزاز مجدداً والتلويح بالكارثة الإنسانية وتعطيل الوضع الصحي رغم أن الوقود متوفر في مناطقهم وما تم إدخاله مطلع يوليو/تموز يكفي لمدة شهر على الأقل حتى التفاهم مجدداً على الآلية التي انقلبوا عليها".
وكانت أزمة استيراد الوقود محور نقاش بين رئيس الحكومة اليمنية المعترف بها دولياً، معين عبدالملك، وسفراء دول الاتحاد الأوروبي المعتمدين لدى اليمن، الخميس، ووفقا لوكالة سبأ الرسمية، فقد أكد عبدالملك "أن مليشيا الحوثي انقلبت على الآليات الأممية المتفق عليها لتخصيص عوائد ميناء الحديدة لرواتب موظفي الدولة ودعم القطاع الصحي، وقامت بنهب المبالغ من البنك المركزي بالحديدة وتسخيرها لصالح ما تسميه المجهود الحربي للاستمرار في حربها ضد الشعب اليمني".
وتتهم الحكومة الشرعية، جماعة الحوثي بالمتاجرة بمعاناة المواطنين في مناطق سيطرتها، واستغلال الأزمة كذريعة للتنصل من الآلية المتفق عليها وتسخير عائدات ضرائب النفط لصرف رواتب موظفي الدولة".
ورعت الأمم المتحدة، في أكتوبر/تشرين الأول 2019، اتفاقا بين الحوثيين والحكومة الشرعية بخصوص رسوم الجمارك والضرائب على واردات المشتقات النفطية التي تصل إلى موانئ الحديدة، يتضمن تحييد مبالغ الرسوم في حساب بنكي خاص، واستخدامها لدفع رواتب موظفي الحكومة في مناطق سيطرة الحوثيين.
لكن الحوثيين أقدموا على خرق الاتفاق، وقاموا باستخدام 35 مليار ريال يمني من الحساب الخاص برسوم المشتقات في فرع البنك المركزي بالحديدة والمخصص لصرف مرتبات موظفي الدولة في مناطقهم، وفقاً للمسؤول الحكومي.
واعتبرت الحكومة الشرعية، أن التصرف الحوثي بالمبالغ يعد مخالفة صارخة للتفاهمات التي تم الاتفاق عليها مع مكتب المبعوث الأممي، وقررت إيقاف إصدار التصاريح لسفن المشتقات النفطية إلى ميناء الحديدة وعلقت العمل بالآلية الخاصة باستيراد الوقود إلى مناطق الحوثيين منذ نهاية مايو/أيار الماضي.
وتخضع سفن الوقود إلى ميناء الحديدة للفحص المصرفي والفني والقانوني المتفق عليه مع مكتب المبعوث الدولي والأمم المتحدة، بهدف تطبيق الضوابط الدولية لمكافحة غسيل الأموال وتمويل الإرهاب وتجفيف اقتصاد الحرب، والحد من التجارة غير القانونية للنفط في اليمن، حسب المجلس الاقتصادي الأعلى للحكومة.