الحملة الأميركية لدعم حقوق الفلسطينيين... سباحة ضد التيار

31 يناير 2017
نشطاء أميركيون مؤيدون للقضية الفلسطينية (الأناضول)
+ الخط -

 
تعمل منظمة "الحملة الأميركية  لدعم حقوق الفلسطينيين" على الدفاع عن القضية الفلسطينية، ونشر الوعي حولها داخل الولايات المتحدة، التي تلعب دوراً محورياً في الصراع المتعلق بالقضية الفلسطينية. وهي عبارة عن منظمة مظلة، تحتضن أكثر من 300 جمعية ومؤسسة فلسطينية وغير فلسطينية. ولعل تنسيقها وربطها بين عمل الجمعيات المختلفة، غير المعنية بفلسطين بشكل مباشر، هي واحدة من أهم ميزاتها، حيث تحاول المنظمة التنسيق والربط بين عمل الجمعيات المختلفة في جميع أنحاء الولايات المتحدة والتي تناضل من أجل نيل حقوقها والمساواة على الصعيد السياسي والاجتماعي، سواء كانت تلك الجمعيات عربية أو مسلمة أو متعلقة بالسكان الأصليين أو الأميركان من أصول أفريقية. ويأتي التنسيق على عدة صعد بما فيها عقد مؤتمرات مشتركة وورشات عمل مغلقة يتم فيها تبادل الخبرات والتجارب. 

واحد من المواضيع الحاضرة بشدة في برنامج "الحملة" هو قضية المقاطعة الاقتصادية والأكاديمية والفنية لسلطات الاحتلال الصهيوني لأرض فلسطين. وعن أهمية وجود حركات ومنظمات غير عربية وفلسطينية تدعم النضال من أجل حقوق الفلسطينيين يقول يوسف منيّر، رئيس "الحملة الأميركية لدعم حقوق الفلسطينيين"،  لـ "العربي الجديد"  إن "أهمية ذلك تتجلّى على عدة أصعدة، ليس فقط في دعم حقوق الفلسطينيين وعدالة مطالبهم بل كذلك "من أجل إبراز أهمية دعم الجمعيات والمنظمات الفلسطينية والعربية داخل الولايات المتحدة لنضال وحقوق مجموعات أخرى مضطهدة داخل الولايات المتحدة، حيث أن تلك النضالات مرتبطة ببعضها البعض".

ويلفت منيّر في هذا السياق إلى أن "الكثيرين يعتقدون أن نجاح اللوبي الصهيوني داخل الولايات المتحدة متعلق فقط، وبشكل رئيسي، بنشاط الجالية اليهودية في الولايات المتحدة، وهذا غير صحيح، إذ إن جزءاً صغيراً من الجاليات اليهودية في الولايات المتحدة هو الفعّال بدعم إسرائيل. ما يحدث هو أنهم مدعومون بقطاع كبير من الأميركان غير اليهود، وهذا ما يجعل عملهم ذا فاعلية أكبر وأهم، وبعض هذا الدعم لأسباب دينية وإيديولوجية".

وفي هذا السياق يؤكد أن "الجاليات الفلسطينية عامة نشيطة داخل الولايات المتحدة عندما يتعلق الأمر بفلسطين، وحتى لو ضمنّا أن كل فرد بالجاليات الفلسطينية والعربية والمسلمة يدعم وينشط من أجل حقوق الفلسطينيين، فإن ذلك لن يكون كثيراً لأن أعدادهم قليلة نسبيا في بلد يصل عدد سكانه إلى أكثر من 340 مليون نسمة، لذلك من المهم لتحقيق وعي ونجاح على مستوى أوسع، بما في ذلك الكونغرس، عن طريق التحالف مع الحركات الأخرى التي تدافع عن حقوق الإنسان وحقوق المضطهدين وتقود نضالات شعبية". 

تحاول "الحملة الأميركية لدعم حقوق الفلسطينيين" التنسيق بين نشاطات الجمعيات والمجموعات المختلفة، وتعريفها ببعضها البعض. وفي هذا السياق، كذلك، تأتي أهمية مؤتمرات ولقاءات تعقدها الحملة داخل الولايات المتحدة ويحضرها نشطاء شباب من ولايات ومدن أميركية متنوعة، كنيويورك ونيوجيرسي وميشيغان وفيرجينيا على سبيل المثال. وتركز فعاليات تلك اللقاءات على عدة جوانب من بينها عقد ورشات عمل تجمع تلك الأصوات، ليس فقط للتعارف بل من أجل الاستفادة من الخبرات المختلفة والحديث عن التحديات المتنوعة التي تواجهها في الولايات المختلفة داخل الولايات المتحدة.

بعض تلك الحركات التي تنشط تحت مظلة "الحملة" هي "طلاب من أجل العدالة في فلسطين" وكذلك جمعيات قانونية تعنى بالدفاع عن حقوق الفلسطينيين وحرية التعبير داخل الولايات المتحدة، وجمعيات أخرى تعمل على مستوى اجتماعي من أجل تمكين الأسر العربية وغير العربية  في شيكاغو أو نيويورك أو كاليفورنيا ومناطق أخرى للحصول على حقوق اجتماعية ودعم  أفضل، ناهيك عن مجموعات أخرى تعمل في مجال حق العودة وحقوق اللاجئين، وبعضها جمعيات  تنشط في مجال تمويل زيارات لنشطاء غير عرب أو مسلمين للذهاب إلى فلسطين والوقوف بأنفسهم على ما يحدث هناك، ومن ثم العودة إلى الولايات المتحدة والحديث عن ذلك في كنائسهم أو مجتماعاتهم، الأمر الذي يترك أثرا مهما.  

وعلى الرغم من روح التفاؤل التي يخرج بها الحاضر لتلك الورشات أو اللقاءات، من حيث مشاهدة عدد كبير من النشطاء الشباب، الذين يعملون بمجالات مختلفة وبهدوء وغالبا دون صخب إعلامي يرافق أعمالهم الشاقة، فلا بد من السؤال عن مدى نجاعة كل هذا على مستوى التشريعات والكونغرس، وهو واحد من المجالات التي تحاول "الحملة" العمل عليها. وعن ذلك يقول منيّر "لا شك في أنه تحد كبير ومهمة تبدو في الكثير من الأحيان مستحيلة في ما يخص الكونغرس الأميركي وحشد تأييد أعضائه لحقوق الفلسطينيين. وطبعا لا يخفى على أحد أن المجموعات التي تدعم البرامج الصهيونية وسياسات إسرائيل منظمة تقف وراءها كمية هائلة من الأموال، ناهيك عن شبكة علاقات واسعة وهذا منذ عشرات السنوات. أدى هذا الحال لشعور الكثير من النشطاء والحقوقيين العاملين على مستوى الكونغرس بالإحباط الشديد".

ويلفت منيّر الانتباه إلى أن هؤلاء، الذين شعروا ولسنوات بإحباط وفقدان الأمل من أجل حدوث تغيير في الكونغرس، بدأوا يعملون على تكتيك مختلف أدى إلى ضخ دماء وآمال جديدة بدأت نجاحاتها تظهر على مستويات عديدة، والحديث هنا عن حركة المقاطعة وسحب الاستثمارات وفرض العقوبات على الاحتلال الإسرائيلي. ويرى منيّر أن الحراك الشعبي الذي يتم بناؤه الآن، إضافة إلى التغيير على مستوى الرأي العام، وخاصة بين الشباب، والذي يظهر جليا في العديد من استطلاعات الرأي، كما انتشار وسائل التواصل الاجتماعي التي أنهت احتكار وسائل الإعلام التقليدية للمعلومات والخبر، تصب جميعها في مصلحة المدافعين عن القضية الفلسطينية والتمكن من خلق قاعدة شعبية ستؤدي بدورها إلى التأثير على المُشرع الأميركي. 

قد يبدو طرح منيّر  للبعض متفائلاً أكثر من اللازم. لكن نظرة سريعة على عدد السياسيين الأميركان والمنظمات الصهيونية، التي تنشط بشكل ملحوظ في السنوات الأخيرة من أجل محاربة وترهيب هؤلاء الناشطين على المستوى الشخصي والمهني، وعرقلة توظيفهم في بعض الأحيان في الجامعات الأميركية أو مؤسسات أخرى، كما محاولة التشهير بهم وسن قوانين ضد حملة المقاطعة أو أية منظمات وجمعيات تدعمها، تظهر مستوى الخوف والتهديد الذي تشعر به اللوبيات والسياسيون من هؤلاء النشطاء ومسار عملهم وآفاقه.


دلالات