الحل والربط في إسطنبول
ميخائيل سعد
![65BA1F44-59A2-4240-B737-8FB8776C9F64 65BA1F44-59A2-4240-B737-8FB8776C9F64](/sites/default/files/styles/small_1_1/public/media/images/65BA1F44-59A2-4240-B737-8FB8776C9F64.jpg?itok=eAAixcOK)
وقد كنت أظنّ، أن المراكز التجارية الكبرى فكرة غربية بامتياز، اكتشفت أن تركيا قد اقتبست الفكرة وأضافت من عندها ما يناسب وأحياناً ما لا يناسب. بعد أن تجولت، مُقلّداً زوجتي الغائبة-الحاضرة، كما تفعل عندما تتسوق، وشبعت نفسي من رؤية واجهات المحلات، قررت أن أشرب فنجاناً من القهوة "الاسبريسو"، فالقهوة التركية فيها الكثير من "الطحل"، لا للمتعة، وإنما كي أتذكّر قهوة سورية أيام المقبور حافظ الأسد التي كانت عبارة عن بقايا خبز يابس وحمّص وأشياء أخرى، وأقارن بين القهوتين. وفي الوقت نفسه كي أواجه نفسي بما تريد شراءه بعيداً عن تأثير وضغط الناس.
وأنا أشرب قهوتي وحيداً دون أن ينغصّ علي أحد المطربين الذين لا يغادرون الإذاعات، مثل علي الديك أو جورج وسوف، متعة تذوق قهوة حقيقية، ولأنني لا أسمع ما تقوله الأغنية التركية، قلت لنفسي بوضوح "عربي": "أنا رجل في الثامنة والستين من العمر، وأفضل ما يلبي حاجتي من الثياب هي دشداشة سهلة الخلع واللبس. ولكن ظروف اسطنبول السياسية وتضاريسها الصعبة لا تساعد على لبسها. وأخشى أن يراها الآخرون علامة من علامات "الجهاد" فأنال عقابي. وإلى أن يكتشفوا أنني "مسيحي"، "بيكون اللي ضرب ضرب واللي مات مات"، لذلك قررت شراء "بنطلون" لا يحتاج إلى "قشاط" لأن دكته من المطاط، ولا "سحّاب" أمامياً له لانتفاء فائدته، ولسهولة "تنزيل البنطلون" ورفعه عند الحاجة، ولأن المطاط يتكيف لوحده مع خصري الرشيق.
ثم كان علي أن أختار نوعاً من الأحذية التي لا تحتاج إلى حلّ وربط، كما هو واقع حال وزراء ابن الأسد. ولأن الأحذية من هذا النوع يجب أن يكون صاحبها رشيق الحركة، لا كرش له، ولا يتعب من الهبوط والصعود، وأنا بعيد عن هذه المواصفات الجسدية، ولأنني صارحت نفسي، وكنت شفافاً معها، كشفافية المعارضة السورية عندما تنهش ببعضها، قررت مد يدي إلى جيبي، وهدر قروشي البيضاء في زمني الأسود هذا.
وهل هناك ما هو أكثر سوءاً وسواداً من أيام السوريين هذه الأيّام؟