أولاد الحسب والنسب

10 نوفمبر 2017
+ الخط -
قبل سنوات، كنت أعطي درسا في اللغة العربية للكيبيكيين، وكان من بين طلابي امرأة مصرية في السبعين من عمرها تتقن أربع لغات قراءة وكتابة، ليس من بينها اللغة العربية. كانت تتكلم اللهجة المصرية بطلاقة، ولكنها لا تعرف القراء والكتابة. وكانت إحدى سكرتيرات وزير الثقافة المصري، الضابط ثروت عكاشة.

لم تكن هذه السيدة لا تحب المرحلة الناصرية، ولكنها قالت لي: إن بعض ضباط الثورة كانوا شديدي الشره للتعلم كثروت عكاشة مثلا. أصبحنا أصدقاء. حكت: إن جدها كان صاحب قصر في صيدا، وإنه ماروني من أصول درزية، وإن جدتها كانت من إحدى الأسر التي تعود في نسبها الى قبيلة يمنية، وإن والدها هاجر شابا صغيرا من لبنان إلى مصر، وحقق ثروة كبيرة أثناء فتح قناة السويس، فاشترى الأطيان واستقر في مصر، توفيت زوجته دون أن تترك له أولادا، وكان قد تعرف على أمي المصرية اليهودية، فتزوجها وكنت أنا نتيجة هذا الزواج. 

في الحرب العالمية الثانية تعرفت، في المستشفى الذي تطوعت للعمل فيه كممرضة حرب، على عسكري إنكليزي مصاب في قدمه، وتزوجته وأنجبت منه ابنتي الوحيدة ثم تطلقنا. 

بعد قيام الثورة المصرية، دخل من بقي من عائلة أمي في مصر بالإسلام، حفاظا على أرواحهم ومصالحهم، أما من ذهب منهم إلى إسرائيل، فقد بقي على دينه اليهودي، ولكن سرعان ما هاجروا إلى أوروبا وأميركا، فلم تكن عقليتهم تنسجم مع عقلية اليهود الغربيين الآخرين. 

قالت لي إن بنات بنات خالاتها المسلمات الآن، وهن صبايا، تحولن إلى لبس البرقع الإسلامي، وهن متشددات جدا في دينهن، وأنا أحترم خياراتهن، لأنني لا أعرف ظروف حياتهن ونمط تفكيرهن.

كل ما سبق حصل خلال 150 عاما فقط، فما رأيكم أن نعود بالتاريخ السوري إلى عشرة آلاف عام مضت للبحث عن أبناء الحسب والنسب؟

هذا السرد الطويل نسبيا، جاء بعد حوار حدث البارحة عن الأصول والعروق النقية وغير النقية في سورية…


أدام الله ثورتنا، بعزيمة السوريين، إلى لحظة الانتصار العظيم، لحظة سقوط النظام وتحقيق دولة المواطنة التي يتساوى فيها الجميع بالحقوق والواجبات...

65BA1F44-59A2-4240-B737-8FB8776C9F64
65BA1F44-59A2-4240-B737-8FB8776C9F64
ميخائيل سعد
ميخائيل سعد

مدونات أخرى