الحكومة المغربية تشدّد الرقابة على التنقيب عن المعادن

03 يناير 2018
جانب من احتجاجات سابقة على مخاطر المناجم (جلال مرشدي/الأناضول)
+ الخط -

تتجه حكومة سعد العثماني نحو تشديد المراقبة على المستثمرين الذي ينقبون عن المعادن في المغرب، حيث أكدت أنها سحبت 1400 ترخيص من مستثمرين لم يفوا بالتزاماتهم ذات الصلة بالتنقيب عن المعادن. 

وقرر وزير الطاقة والمعادن، عزيز الرباح، الذي حل، أمس الأربعاء، بجرادة للاستماع لمطالب سكانها، وضع خريطة جيولوجية لمنطقة جرادة، من أجل تحديد ما تختزنه أرضها من معادن، بعدما أغلقت مناجم الفحم قبل عشرين عاما.

وأشار إلى أن الحكومة مستعدة للاستجابة للمطالب "المعقولة" التي تعبر عنها الساكنة، مؤكدا أنه تم استثمار حوالي 1.3 مليار دولار في المدينة في عقد ونصف ومنح 58 ترخيصا للبحث عن المعادن. وأكد وزير الطاقة والمعادن، أنه لا مجال للتلاعب في مسألة التنقيب عن المعادن، وهو حديث يأتي في سياق الاحتجاجات التي تعرفها مدينة جرادة بعد وفاة أخوين كانا ينقبان عن الفحم.

وأفاد الوزير عند استجوابه، أول أمس الثلاثاء، من قبل مستشارين بالغرفة الثانية من البرلمان، بأنه لا يمكن منح تراخيص من أجل التنقيب عن المعادن في مناطق، ثم يتجلى بعد ذلك أن الأشخاص الذين يتولون ذلك النشاط يركزون على معادن بعينها دون أخرى.

وأكد أن الحكومة عملت في الأعوام الأخيرة على تشديد المراقبة على الذين يتعاطون نشاط التنقيب عن المعادن في المملكة. وأوضح أن وزارة الطاقة والمعادن تعمل بمعية وزارة الداخلية، على فتح تحقيق حول التراخيص التي منحت لأشخاص من أجل التنقيب عن الفحم في مدينة جرادة.

وحسب إحصائيات رسمية، يساهم قطاع المعادن بـ10% من الناتج الإجمالي المحلي، ويجذب استثمارات في حدود 3.2 مليارات دولار، حيث ينتج حوالي 28.9 مليون طن من المعادن، من بينها 27 مليون طن من الفوسفات.

ويراهن المغرب في أفق 2025 على مضاعفة الاستثمارات في التنقيب عن المعادن، غير الفوسفات، بعشر مرات، كي تصل إلى 400 مليون دولار، من أجل رفع رقم معاملاتها إلى 1.5 مليار دولار.

ويؤكد أبناء مدينة جرادة، لـ"العربي الجديد"، أن الشاب الذي ينزل إلى المناجم، يجني حوالي عشرة دولارات في اليوم، بينما يحقق الأشخاص الذين يسوقون الفحم أموالا طائلة، علما أن منهم من يتوفرون على تراخيص من أجل ذلك.

ويذهب أحد أبناء المدينة، سعيد بن بوبكر، خلال حديثه لـ"العربي الجديد"، إلى أن السكان يطالبون ببديل اقتصادي يضع حدا لمعاناة الشبان الذين يهدّدهم الموت في كل مرة ينزلون فيها إلى مناجم الفحم على عمق مائة متر.

وكان الوضع بجرادة فرصة لمستشارين بالغرفة الثانية من البرلمان، كي يتساءلوا حول مستقبل المناجم بالمغرب، بعد نفاد ما تختزنه من معادن، حيث أكدوا على ضرورة التفكير في ما بعد المناجم في بعض المناطق. وأشار أعضاء برلمان إلى الأضرار التي تلحقها بعض المناجم بالبيئة، مثل منجم الذهب بمدينة تافراوت، الذي ألحق خسائر باهظة بالنشاط الزراعي لتلك المنطقة وبالمياه.

ويعتبر المستشار بالغرفة الثانية بالبرلمان، عبد الصمد مريمي، أن الشبان الذين ينزلون إلى عمق 100 متر من أجل استخراج الفحم، هم ضحايا بارونات الفحم الحجري، الذين وصفهم بـ"مصاصي الدماء وتجار الأرواح".

ويؤكد المهندس في قطاع المعادن، خالد أيت أكمضان، لـ"العربي الجديد"، أنه يفترض العمل على إغلاق المناجم بعد نفاد ما تختزنه من معادن، ما يعني التفكير في أنشطة اقتصادية بديلة للسكان، بما يجنبها البطالة والفقر.

ولاحظ أن العديد من المناطق التي توقف بها النشاط المنجمي يتراجع عدد سكانها، بسبب تفاقم البطالة والهجرة، التي يستدعيها غياب بدائل عن المعادن، ضاربا مثلا بحالة جرادة التي تراجع عدد سكانها بعد إغلاق المناجم التي تشكلت حولها المدينة منذ الثلاثينيات من القرن الماضي.



المساهمون