بعد رفض مجلس الأمة الكويتي هذا الأسبوع تعديل قانون الجنسية، ورمي الحكومة بثقلها ضد التعديل، يبدو أن الأخيرة ليست في صدد التخلي عن "سلاح سحب الجنسية"، والذي استخدمته تاريخياً ضد متورطين في قضايا أمنية من جهة، أو ضد خصومها السياسيين، من جهة أخرى.
وتؤكد الحكومة الكويتية أنها قامت بسحب جنسيات من حازوا على الجنسية وفقاً لـ"وثائق مزورة" أو من "مزدوجي الجنسية" أو ممن "قاموا بتعريض مصالح البلاد العليا للخطر".
وكان تعديل القانون المقترح أمام مجلس الأمة يسمح للمحكمة الإدارية بالنظر في قضايا سحب الجنسيات بعد وقوعها، وبقاء قرار السحب والمنح بيد السلطة التنفيذية ممثلةً بوزارة الداخلية. وهذا يختلف عن قانون آخر أكثر حدة، يتضمن انتزاع صلاحيات سحب الجنسية من وزارة الداخلية. إلا أن تسويات داخلية مع رئيس مجلس الأمة، مرزوق الغانم، أجلت القانون "الحاد"، وحصل توافق على الاكتفاء بقانون "المحكمة الإدارية" أو قانون "الحد الأدنى"، والذي لم يُسمح له بالمرور أيضاً.
وجاء رفض المجلس لمشروع التعديل على قانون الجنسية يوم الثلاثاء الماضي، بعد جلسة عاصفة شهدت تغير مواقف الكثير من النواب الذين كانون مؤيدين للقانون المعدل، إضافةً إلى قيام الحكومة الكويتية بعدة "تكتيكات" انتخابية، وذلك لإحباط تمرير التعديلات. وقام رئيس مجلس الأمة بالنزول من منصة إدارة الجلسة خلال مداولات قانون الجنسية، وتحدث باعتباره عضواً في البرلمان ضد مشروع القانون. ووصف الغانم التعديل بأنه "يفتح المجال أمام المزورين" لحيازة الجنسية الكويتية. وعرض حالات تزوير أكد وقوعها في وقت سابق.
ولا يمكن فهم أسباب الأزمة في قانون الجنسية اليوم، والصراع حوله والذي يأخذ طابعاً قبلياً وطائفياً، إلا بمعرفة جذور الأزمة، مع إقرار قانون الجنسية في الكويت سنة 1959. وقام المشرعون القانونيون الذين كلفتهم الكويت بكتابة مواد الدستور، بوضع سلطة منح وسحب الجنسية بصورة كاملة بيد الحكومة. وكانت أولى وأبرز الاعتراضات على القانون، من أحد أعضاء "التيار الوطني" في المجلس التأسيسي عام 1962، وزير العدل آنذاك، حمود الزيد الخالد، الذي قال لوزير الداخلية الأسبق، ولي عهد الكويت الراحل، الشيخ سعد العبدالله الصباح: "إنني أخشى أن تتخذ حكومة ما في الكويت هذه الإجراءات القانونية في سبيل سحب جنسيات الكويتيين وترمي بهم خارج الحدود من دون محاكمة". إلا أن عضو لجنة الدستور ووزير الداخلية أجابه وقتها بتأكيده على استحالة هذا الأمر.
بعدها بعشرين سنة، بدأت الحكومة الكويتية باستخدام سلاح سحب الجنسية. وقامت لأول مرة في ثمانينيات القرن الماضي باستخدام "سلاح الجنسية" بشكل موسع ضد معارضين ينتمون إلى الطائفة الشيعية ممن تورطوا في ما يعرف بأحداث مسجد شعبان. واستهدفت أيضاً أشخاصاً متهمين بالتعاون مع حزب "الدعوة" العراقي و"حزب الله" اللبناني.
اقــرأ أيضاً
وبعد تحرير الكويت سنة 1991، عادت الحكومة واستخدمت سلاح سحب الجنسية ضد متهمين بالمتعاون مع العراقيين أثناء فترة الغزو (صيف 1990)، لا سيما المتعاونين مع الحكومة الكويتية الموالية للنظام العراقي آنذاك. ثم قامت في مطلع الألفية بسحب الجنسية من مجموعة من الضباط القوميين، والمتحدث باسم تنظيم "القاعدة"، سليمان بو غيث، ثم سحبت الجنسية من رجل الدين الشيعي، ياسر الحبيب، المقيم في لندن.
لاحقاً، انفجرت أزمة "سحب الجنسيات" في عام 2013، بعد استخدام هذا "السلاح" ضد المعارضين المطالبين بتعديل قانون الانتخابات. وتم إبعاد بعضهم خارج البلاد دون سند قانوني، مثل الإعلامي، سعد العجمي. وفي الانتخابات البرلمانية الأخيرة التي جرت في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، كانت الحملات الانتخابية للمرشحين تستخدم قضية سحب الجنسيات لاستمالة الناخبين. وعرض المرشحون تصوراتهم لحل أزمة سحب الجنسيات باعتبارها أزمة عميقة تهدد مواطني الكويت بكامل فئاتهم، الأمر الذي أدى إلى فوز العديد من هؤلاء الناخبين الذين وضعوا تعديل قانون الجنسية على رأس أولوياتهم بحسب مراقبين.
وبعد بدء أعمال المجلس المنتخب، قدّم نواب من خلفيات سياسية وطائفية مختلفة اقتراحات تقضي بتعديل قانون الجنسية بالكامل، بحيث تسحب صلاحيات منح وسحب الجنسية من السلطة التنفيذية. إلا أن الحكومة الكويتية رفضت القانون بصورة قاطعة وراء الكواليس. وطلبت من النواب وضع مشروع قانون أقل حدّة. واتفق الطرفان على تقديم قانون يقضي بمنح المحكمة الإدارية سلطة النظر في قضايا سحب الجنسية، ونزع وصف السيادة الوطنية من هذه القضايا. إلا أن الحكومة عادت ورمت بكل ثقلها ضد القانون، فصوّت وزراء الحكومة، والنواب الموالون لها ضده. وكان من المثير للانتباه أن أحد مقدمي القانون، من الذين أكدوا أثناء حملات مجلس الأمة الانتخابية أن تعديل القانون من أولوياتهم، وهو النائب القبلي المستقل، حمود مشعان الخضير، قد صوت ضد القانون في مجلس الأمة. كما صوتت الليبرالية المستقلة، صفاء الهاشم، ضد القانون، على الرغم من أنها كانت قد قدمت اقتراحاً شبيهاً للقانون الحالي في وقت سابق. وصوت نواب قبليون معروفون بولائهم للحكومة ضد القانون، مع أن جزءاً كبيراً من قواعدهم الانتخابية سيتعرض للضرر نتيجة عدم تمرير هذه التعديلات. وصوت الليبراليون المستقلون في غالبيتهم مع القانون، إذ صوت "التحالف الوطني" وهو تيار ليبرالي وطني، لصالح التعديلات. واختار النواب الشيعة التصويت ضد القانون خلافاً لتوجه قواعدهم الانتخابية المتخوفة من تحويل دفة موجة سحب الجنسيات باتجاههم مرة أخرى، كما حدث في الثمانينيات. وبرر النواب الشيعة تصويتهم ضد القانون بأن مقدمي القانون لم يدرجوا قانونيّ بناء دور العبادة والإبعاد الإداري ضمن القوانين، التي تقع ضمن اختصاص القضاء الإداري.
ويتيح القانون المعمول به حالياً لوزير الداخلية إبعاد أي شخص خارج البلاد، إذا رأى أن هذا الإجراء مناسب، من دون أن يكون للقضاء سلطة قرار الإبعاد. وقال النائب الحميدي السبيعي، وهو أحد مقدمي القانون داخل البرلمان، يوم الثلاثاء، إنه "إذا كان النائب خالد الشطي (أحد ممثلي الشيعة) جاداً في مسألة التصويت على الجنسية، ولم يعقه سوى أننا لم ندرج قانون المعابد، فليقم بطرح قانون بسط المحكمة الإدارية سلطتها على المعابد وسنقوم بالتصويت عليه فوراً بالموافقة"، وفق تعبيره.
ويرى مراقبون أن الحكومة الكويتية ليست في صدد التفريط بـ"سلاح الجنسية" الذي أثبت فاعليته في مواجهة معارضيها، لا سيما أن الحكومة كانت جادة في رفض التعديل على القانون. وثباتها على موقفها ساهم بحرق ورقة النواب المترددين بين الحكومة والمعارضة، عبر إجبارهم على التصويت ضد التعديلات، وإجبار نواب الطائفة الشيعية المؤيدين لهذه التعديلات أصلاً على التصويت بالرفض.
وتنوي الحكومة، كما هو متوقع، الوقوف ضد تعديل القانون ولو كلفها الأمر حل مجلس الأمة من جديد. وتبيّن ذلك جلياً في كلمة وزير الدولة لشؤون مجلس الوزراء، وزير الإعلام، محمد العبدالله الصباح، الذي قال داخل البرلمان أثناء الجلسة إن "الجنسية من أعمال السيادة وحمايتها حمايةٌ لأركان الدولة ولا يمكن أبداً للحكومة أن تفرط بالسيادة"، وفق تعبيره. لكن الحكومة التي تظهر تصلباً بشأن تعديل قانون الجنسية، فتحت المجال واسعاً أمام وجهاء الكويت للوساطة من أجل إعادة جنسيات من سحبت منهم خلال السنوات الماضية، وذلك عبر اللجنة المكلفة بإعادة الجنسيات، والتي يشرف عليها مستشارو الديوان الأميري، وشكلت بأمر أمير البلاد، الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح.
وقال مصدر مقرب من المعارضة لـ"العربي الجديد" إن الحكومة "منفتحة على إعادة جميع الجنسيات المسحوبة بتهم سياسية مهما كان حجم هذه التهم، لكن بشرط ألا تكون الإعادة عن طريق قانون يقرّه المجلس بل عن طريق مكرمة حكومية فقط"، وفق وصفه. وأضاف المصدر أن "تعديل قانون الجنسية غير قابل للنقاش من وجهة نظر الحكومة، والاستجواب الذي تقدمت به مجموعة من النواب لرئيس الوزراء حول عدة قضايا ومن بينها قضية الجنسية لن يحوز عدداً كافياً يؤهل لإسقاط رئيس الوزراء أو حتى للتأثير على العلاقة بين المجلس والحكومة". وهذا يعني استبعاد حل مجلس الأمة في المدى المنظور، طالما أن الحكومة قادرة على منع تمرير أي قانون يمس بـ"سلاح الجنسية".
وأكد المصدر المقرب من المعارضة أن "أطرافاً نيابية" تحاول حالياً "إقناع النائب السلفي المستقل، وليد الطبطبائي، بعدم تقديم الاستجواب وتأخيره حتى إعادة الجنسيات وإخراج المعتقلين السياسيين، لكن الطبطبائي رفض رفضاً قاطعاً أي تمديد للهدنة مع الحكومة، مؤكداً على أنها قد أخذت فرصتها الكافية طوال ثلاثة شهور ماضية"، وفق ما ذكر المصدر.
وكان رئيس مجلس الأمة، مرزوق الغانم، قد حدد يوم 25 أبريل/نيسان الحالي موعداً لمناقشة الاستجواب الذي يعتزم ثلاثة نواب تقديمه، أبرزهم وليد الطبطبائي. ولا يبدو وفق الحسابات الحالية أن الاستجواب سيؤدي إلى إسقاط الحكومة، أو حل المجلس، إذ سيتمكن النواب الموالون للحكومة من إسقاطه، وسط تردد المعارضين، رغبةً منهم بحل أزمة الجنسيات المسحوبة اليوم، ضمن أعمال اللجنة التي شكلها أمير البلاد.
اقــرأ أيضاً
وكان تعديل القانون المقترح أمام مجلس الأمة يسمح للمحكمة الإدارية بالنظر في قضايا سحب الجنسيات بعد وقوعها، وبقاء قرار السحب والمنح بيد السلطة التنفيذية ممثلةً بوزارة الداخلية. وهذا يختلف عن قانون آخر أكثر حدة، يتضمن انتزاع صلاحيات سحب الجنسية من وزارة الداخلية. إلا أن تسويات داخلية مع رئيس مجلس الأمة، مرزوق الغانم، أجلت القانون "الحاد"، وحصل توافق على الاكتفاء بقانون "المحكمة الإدارية" أو قانون "الحد الأدنى"، والذي لم يُسمح له بالمرور أيضاً.
ولا يمكن فهم أسباب الأزمة في قانون الجنسية اليوم، والصراع حوله والذي يأخذ طابعاً قبلياً وطائفياً، إلا بمعرفة جذور الأزمة، مع إقرار قانون الجنسية في الكويت سنة 1959. وقام المشرعون القانونيون الذين كلفتهم الكويت بكتابة مواد الدستور، بوضع سلطة منح وسحب الجنسية بصورة كاملة بيد الحكومة. وكانت أولى وأبرز الاعتراضات على القانون، من أحد أعضاء "التيار الوطني" في المجلس التأسيسي عام 1962، وزير العدل آنذاك، حمود الزيد الخالد، الذي قال لوزير الداخلية الأسبق، ولي عهد الكويت الراحل، الشيخ سعد العبدالله الصباح: "إنني أخشى أن تتخذ حكومة ما في الكويت هذه الإجراءات القانونية في سبيل سحب جنسيات الكويتيين وترمي بهم خارج الحدود من دون محاكمة". إلا أن عضو لجنة الدستور ووزير الداخلية أجابه وقتها بتأكيده على استحالة هذا الأمر.
بعدها بعشرين سنة، بدأت الحكومة الكويتية باستخدام سلاح سحب الجنسية. وقامت لأول مرة في ثمانينيات القرن الماضي باستخدام "سلاح الجنسية" بشكل موسع ضد معارضين ينتمون إلى الطائفة الشيعية ممن تورطوا في ما يعرف بأحداث مسجد شعبان. واستهدفت أيضاً أشخاصاً متهمين بالتعاون مع حزب "الدعوة" العراقي و"حزب الله" اللبناني.
وبعد تحرير الكويت سنة 1991، عادت الحكومة واستخدمت سلاح سحب الجنسية ضد متهمين بالمتعاون مع العراقيين أثناء فترة الغزو (صيف 1990)، لا سيما المتعاونين مع الحكومة الكويتية الموالية للنظام العراقي آنذاك. ثم قامت في مطلع الألفية بسحب الجنسية من مجموعة من الضباط القوميين، والمتحدث باسم تنظيم "القاعدة"، سليمان بو غيث، ثم سحبت الجنسية من رجل الدين الشيعي، ياسر الحبيب، المقيم في لندن.
لاحقاً، انفجرت أزمة "سحب الجنسيات" في عام 2013، بعد استخدام هذا "السلاح" ضد المعارضين المطالبين بتعديل قانون الانتخابات. وتم إبعاد بعضهم خارج البلاد دون سند قانوني، مثل الإعلامي، سعد العجمي. وفي الانتخابات البرلمانية الأخيرة التي جرت في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، كانت الحملات الانتخابية للمرشحين تستخدم قضية سحب الجنسيات لاستمالة الناخبين. وعرض المرشحون تصوراتهم لحل أزمة سحب الجنسيات باعتبارها أزمة عميقة تهدد مواطني الكويت بكامل فئاتهم، الأمر الذي أدى إلى فوز العديد من هؤلاء الناخبين الذين وضعوا تعديل قانون الجنسية على رأس أولوياتهم بحسب مراقبين.
وبعد بدء أعمال المجلس المنتخب، قدّم نواب من خلفيات سياسية وطائفية مختلفة اقتراحات تقضي بتعديل قانون الجنسية بالكامل، بحيث تسحب صلاحيات منح وسحب الجنسية من السلطة التنفيذية. إلا أن الحكومة الكويتية رفضت القانون بصورة قاطعة وراء الكواليس. وطلبت من النواب وضع مشروع قانون أقل حدّة. واتفق الطرفان على تقديم قانون يقضي بمنح المحكمة الإدارية سلطة النظر في قضايا سحب الجنسية، ونزع وصف السيادة الوطنية من هذه القضايا. إلا أن الحكومة عادت ورمت بكل ثقلها ضد القانون، فصوّت وزراء الحكومة، والنواب الموالون لها ضده. وكان من المثير للانتباه أن أحد مقدمي القانون، من الذين أكدوا أثناء حملات مجلس الأمة الانتخابية أن تعديل القانون من أولوياتهم، وهو النائب القبلي المستقل، حمود مشعان الخضير، قد صوت ضد القانون في مجلس الأمة. كما صوتت الليبرالية المستقلة، صفاء الهاشم، ضد القانون، على الرغم من أنها كانت قد قدمت اقتراحاً شبيهاً للقانون الحالي في وقت سابق. وصوت نواب قبليون معروفون بولائهم للحكومة ضد القانون، مع أن جزءاً كبيراً من قواعدهم الانتخابية سيتعرض للضرر نتيجة عدم تمرير هذه التعديلات. وصوت الليبراليون المستقلون في غالبيتهم مع القانون، إذ صوت "التحالف الوطني" وهو تيار ليبرالي وطني، لصالح التعديلات. واختار النواب الشيعة التصويت ضد القانون خلافاً لتوجه قواعدهم الانتخابية المتخوفة من تحويل دفة موجة سحب الجنسيات باتجاههم مرة أخرى، كما حدث في الثمانينيات. وبرر النواب الشيعة تصويتهم ضد القانون بأن مقدمي القانون لم يدرجوا قانونيّ بناء دور العبادة والإبعاد الإداري ضمن القوانين، التي تقع ضمن اختصاص القضاء الإداري.
ويتيح القانون المعمول به حالياً لوزير الداخلية إبعاد أي شخص خارج البلاد، إذا رأى أن هذا الإجراء مناسب، من دون أن يكون للقضاء سلطة قرار الإبعاد. وقال النائب الحميدي السبيعي، وهو أحد مقدمي القانون داخل البرلمان، يوم الثلاثاء، إنه "إذا كان النائب خالد الشطي (أحد ممثلي الشيعة) جاداً في مسألة التصويت على الجنسية، ولم يعقه سوى أننا لم ندرج قانون المعابد، فليقم بطرح قانون بسط المحكمة الإدارية سلطتها على المعابد وسنقوم بالتصويت عليه فوراً بالموافقة"، وفق تعبيره.
ويرى مراقبون أن الحكومة الكويتية ليست في صدد التفريط بـ"سلاح الجنسية" الذي أثبت فاعليته في مواجهة معارضيها، لا سيما أن الحكومة كانت جادة في رفض التعديل على القانون. وثباتها على موقفها ساهم بحرق ورقة النواب المترددين بين الحكومة والمعارضة، عبر إجبارهم على التصويت ضد التعديلات، وإجبار نواب الطائفة الشيعية المؤيدين لهذه التعديلات أصلاً على التصويت بالرفض.
وقال مصدر مقرب من المعارضة لـ"العربي الجديد" إن الحكومة "منفتحة على إعادة جميع الجنسيات المسحوبة بتهم سياسية مهما كان حجم هذه التهم، لكن بشرط ألا تكون الإعادة عن طريق قانون يقرّه المجلس بل عن طريق مكرمة حكومية فقط"، وفق وصفه. وأضاف المصدر أن "تعديل قانون الجنسية غير قابل للنقاش من وجهة نظر الحكومة، والاستجواب الذي تقدمت به مجموعة من النواب لرئيس الوزراء حول عدة قضايا ومن بينها قضية الجنسية لن يحوز عدداً كافياً يؤهل لإسقاط رئيس الوزراء أو حتى للتأثير على العلاقة بين المجلس والحكومة". وهذا يعني استبعاد حل مجلس الأمة في المدى المنظور، طالما أن الحكومة قادرة على منع تمرير أي قانون يمس بـ"سلاح الجنسية".
وأكد المصدر المقرب من المعارضة أن "أطرافاً نيابية" تحاول حالياً "إقناع النائب السلفي المستقل، وليد الطبطبائي، بعدم تقديم الاستجواب وتأخيره حتى إعادة الجنسيات وإخراج المعتقلين السياسيين، لكن الطبطبائي رفض رفضاً قاطعاً أي تمديد للهدنة مع الحكومة، مؤكداً على أنها قد أخذت فرصتها الكافية طوال ثلاثة شهور ماضية"، وفق ما ذكر المصدر.
وكان رئيس مجلس الأمة، مرزوق الغانم، قد حدد يوم 25 أبريل/نيسان الحالي موعداً لمناقشة الاستجواب الذي يعتزم ثلاثة نواب تقديمه، أبرزهم وليد الطبطبائي. ولا يبدو وفق الحسابات الحالية أن الاستجواب سيؤدي إلى إسقاط الحكومة، أو حل المجلس، إذ سيتمكن النواب الموالون للحكومة من إسقاطه، وسط تردد المعارضين، رغبةً منهم بحل أزمة الجنسيات المسحوبة اليوم، ضمن أعمال اللجنة التي شكلها أمير البلاد.