الحكومة التونسية: الكفاءات لا تلغي الانتقادات

29 يناير 2014
+ الخط -

منذ اعلان رئيس الوزراء التونسي، مهدي جمعة، عن تشكيلته الحكومية، تباينت الآراء حيالها. وقد نال وزير الداخلية، لطفي بن جدو، الذي احتفظ بمنصبه، النصيب الأكبر من الانتقادات، وتحديداً من "الجبهة الجبهة الشعبية"، التي اعتبرت أن جمعة وجه رسالة سلبية من خلال تمسكه بالوزير.

موقف "الجبهة" الرافض لاحتفاظ بن جدو بمنصبه، استند إلى جرائم الاغتيال التي حصلت خلال توليه حقيبة الداخليةـ وطالت المعارضَين شكري بلعيد ومحمد البراهمي من دون الكشف عن مرتكبيها.

وبينما التزم بن جدو بالكشف عن حقيقة اغتيال البراهمي كإحدى أولوياته، يؤخد عليه عدم علمه بوثيقة استخبارية نبّهت إلى عملية اغتيال كانت ستستهدف البراهمي.


ولم يخفف تعيين رضا صفر كوزير معتمد لدى وزير الداخلية مكلفاً بالأمن، من حدة الانتقادات لبن جدو، ذلك أن التعيين من وجهة نظر المعترضين لا يعني الكثير بالنسبة للتحديات الأمنية المطروحة، فضلاً عن أنه كان يفترض مراعاة التوافق وعدم الابقاء على بن جدو.

ويرى متابعون أن وجود وزيرين في وزارة الداخلية يعني أن الوزارة سيكون لديها وزير اداري هو بن جدو، نظراً لاطلاعه على جل الملفات في مؤسسته، في حين سيكون صفر بمثابة الوزير الميداني.

ويمتاز صفر بأنه ابن المؤسسة الأمنية، وبالتالي لديه القدرة على العمل مع جميع الفرق الأمنية نتيجة خبرته منذ عمله ضمن فريق مجلس وزراء الداخلية العرب وإدارة أمن الدولة. ويبدو أن جمعة اختار الابقاء على بن جدو نظراً للتحسن النسبي في الوضع الأمني. كما سبق له أن دعم النقابات الأمنية بعد نجاحه في إيجاد أرضية حوار معها، وهي ورقة يبدو أنها شكّلت ضغطاً على قرار جمعة، اضافةً إلى تلويح أبناء منطقة القصرين بالتحرك رفضاً لفكرة التنازل عن ابن منطقتهم. وكان بن جدو قد عمل لسنوات في القصرين كقاضي تحقيق، وكان له دور كبير في اطلاق سراح الشباب الذين شاركوا في الاحتجاجات خلال الثورة التونسية.

ورغم الجدل حول بن جدو، حرص رئيس الوزراء على التأكيد أنه اعتمد في اختيار تشكيلته على ثلاثة معايير: الاستقلالية والكفاءة والنزاهة.

وضمت حكومة التوافق 21 وزيراً و7 كتاب دولة من الكفاءات التونسية من داخل البلاد وخارجها. وبينما شكّل اختيار حكيم بن حمودة وزيراً للاقتصاد والمالية، خياراً صائباً لتجاوز الأزمة الإقتصادية التي تعيشها تونس بوصفه واحداً من أبرز رجال التنمية والاقتصاد في أفريقيا، يؤخد على الحكومة الجديدة أن جل وزرائها هم من الشخصيات التي عاشت لأكثر من عقد خارج تونس.

كذلك فإن بعض الوزراء جاؤوا من شركات متعددة الجنسيات ذات نفوذ دولي، ما سيطرح مسألة تضارب المصالح، ولا سيما في قطاعات الطاقة والاتصالات والمناجم.

كما ان وزير الصناعة والطاقة والمناجم، محمد بالناصر، الذي عمل كمدير أبحاث في شركات أميركية وفرنسية مختصة في الغاز والنفط، لا يزال عضواً في الادارة العامة لشركة المهندسين في النفط، ورئيساً اقتصادياً في شركة "شالمبر جوفي" الالمانية والتي لديها علاقة بأنشطة النفط.

وجوه النظام السابق كانت أيضاً سبباً في توجيه المزيد من الانتقادات لحكومة جمعة، اذ اتهم عدد من النواب رئيس الوزراء برهانه عليهم، نتيجة عمل عدد منهم كسفراء في واشنطن وجنوب افريقيا.

كما اتُهم وزير التربية، فتحي جراي، بالتعاون مع نظام بن علي، فيما واجه جمعة نقداً لاذعاً على خلفية اختياره لحافظ بن صالح وزيراً للعدل وحقوق الانسان والعدالة الانتقالية، نظراً لدوره في الانتخابات زمن بن علي، وفي محاكمات "الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان".

أما وزيرة السياحة، آمال كربول، التي اتُّهمت بالتطبيع مع اسرائيل على خلفية مشاركتها في تدريب تابع للأمم المتحدة في مدينة رام الله، فلم تمر ساعات على أدائها اليمين الدستورية حتى قدمت استقالتها، لتكون أول وزيرة تستقيل من حكومة جمعة.