فشلت الحكومة الأردنية بكسر إضراب المعلمين اليوم الأحد، مع بدء أسبوعه الثالث في المدارس الحكومية، وتنفذه نقابة المعلمين في ظل أجواء لا تنبئ بانفراج قريب للأزمة التي تؤرق حكومة عمر الرزاز، وتقلق الشارع الأردني.
وامتنع أولياء الأمور بشكل عام عن أرسال أبنائهم المدارس، وأسفرت دعوة مديري التربية للأهالي المطالبة بإرسال التلاميذ إلى المدارس عن حضور عشرات الطلاب إلى غرفهم الصفية، من أصل ما يزيد عن مليون ونصف المليون طالب يتلقون تعليمهم في المدارس الحكومية.
وتطالب نقابة المعلمين، التي أعلنت إضراباً مفتوحاً عن العمل منذ 8 سبتمبر/أيلول الحالي، بزيادة 50 في المائة على رواتب المعلمين الأساسية، باعتبارها حقاً مستحقاً منذ عام 2014، فيما ترفض الحكومة الأردنية الموافقة على هذا المقترح، وتطرح بديلاً وهو المسار المهني، علاوة على الأداء، وبعض البدائل الأخرى.
وفي إطار الفعاليات التصعيدية الاحتجاجية التي تنفذها النقابة، شارك آلاف المعلمين في مهرجان حاشد احتضنه لواء الحسا (130 كيلومتراً جنوب العاصمة عمّان)، مسقط رأس نقيب المعلمين الراحل أحمد الحجايا، بمحافظة الطفيلة، اليوم الأحد، حيث أكد المعلمون إصرارهم على انتزاع حقهم بالحصول على علاوة الـ50 في المائة.
وقال القائم بأعمال نقيب المعلمين، ناصر النواصرة، في كلمة له بالمهرجان إن النقابة ومجلسها يملكون عدة خيارات لممارسة مزيد من الضغط على الحكومة من أجل تحصيل حقوقهم. وأضاف "في جعبتنا الكثير"، مشيراً إلى ضمان النقابة لحقّ الطلبة وتعويضهم عن كلّ الدروس التي فاتتهم.
وأشاد بالتفاف الشارع الأردني حول المعلمين ومطالبهم، مشيرا إلى أنه ورغم كلّ التحشيد والتهديد والوعيد الصادر عن الحكومة عبر وسائل الاعلام الرسمية وشبه الرسمية أمس، إلا أن كلمة المعلمين هي ما نُفّذت اليوم على الأرض.
كما احتشد الآلاف من معلمي محافظة المفرق (80 كيلومترا شمال العاصمة عمّان) وأولياء أمور طلبة، اليوم الأحد، في الساحة المقابلة لمجمع النقابات المهنية، وذلك استجابة لدعوة فرع النقابة في المفرق.
وشهدت الوقفة هتافات تؤكد على مطالب المعلمين، بالإضافة إلى المطالبة بإقالة حكومة عمر الرزاز ومحاسبة وزير الداخلية سلامة حماد. كما شن المعلمون هجوما على وزير التربية والتعليم وليد المعاني ومديري التربية في المحافظات.
ودعت وزيرة الدولة لشؤون الإعلام، الناطق الرسمي باسم الحكومة، جمانة غنيمات، نقابة المعلمين إلى تعليق الاضراب وتغليب المصلحة العامة، مشيرة إلى ضرورة تعليق إضراب المعلمين وعودة الطلبة إلى مقاعد الدراسة.
وقالت غنيمات في تصريحات صحافية لعدد من قنوات التلفزة اليوم الأحد في دار رئاسة الوزراء، إن الحوار لا يزال مفتوحا مع نقابة المعلمين، وجميع قضايا ومطالب المعلمين تخضع للدراسة والنقاش من قبل الحكومة، للوصول إلى نقطة التقاء لحل جميع القضايا العالقة.
وأشارت إلى أن الحكومة تؤمن بأن نقابة المعلمين شريك أساسي في تطوير العملية التربوية، مؤكدة أهمية دور المعلم ورسالته المقدسة، ومهنته السامية التي تسهم بشكل كبير في بناء النشء وتجهيزه للمستقبل.
وبحثت اللجنة الإدارية في مجلس الأعيان، اليوم الأحد، رواتب العاملين في القطاع العام، ومطالب المُعلمين، بحضور وزيرة الدولة لتطوير الأداء المؤسسي ياسرة غوشة، ورئيس ديوان الخدمة المدنية سامح الناصر، وأمين عام ديوان الخدمة المدنية بدرية البلبيسي، وأمين عام دائرة الموازنة العامة مجدي الشريقي.
وقال رئيس اللجنة مازن الساكت، إن من حق المعلمين المطالبة بزيادة رواتبهم، كما هو حق لمعظم موظفي الدولة، إلا أن الإضراب له تبعاته الاقتصادية والاجتماعية على المصلحة الوطنية، لافتًا إلى أهمية وجود رؤية شاملة لموظفي القطاع العام.
وأشار إلى أن هناك "إشكالية" في المكافآت والحوافز لموظفي القطاع العام في المملكة، وعدم وجود معايير لتقييم الأداء المتميز، الأمر الذي يدعو إلى تطبيق معايير وأسس تقوم على الكفاءة والتنافسية مرتبطة بشكل مباشر على التميز في الأداء.
بدورها، أكدت غوشة أهمية متابعة الأداء الحكومي واستراتيجية القرارات الحكومية، مشيرة إلى أن الإدارة العامة تُعاني من "تغيير السياسات" إلى حدّ كبير، مؤكدة أهمية "الثبات" في تطبيق الاستراتيجيات والمنهجيات مع مراجعتها بشكل دوري، وليس تغييرها باستمرار.
وقال الشريقي إن فاتورة رواتب الجهاز المدني تقدر بنحو مليار و600 مليون دينار(2.2 مليار دولار)، يذهب منها نحو 800 مليون دينار (1.1 مليار دولار) إلى وزارة التربية والتعليم، لافتًا إلى أن معدل نمو الزيادات السنوية تقدر بنحو 30 مليون دينار ومثلها للموظفين الجدد.
كما ناقش الأعيان بشكل شامل وعميق رواتب القطاع العام ومطالب المعلمين، حيثُ تقدمت اللجنة الإدارية بمقترح للمساهمة في الوصول إلى حلول مع التأكيد على ضرورة أن يكون هناك رؤية ومعالجة شاملة لموضوع الرواتب في القطاع العام، وبما يتلاءم مع إمكانيات الموازنة العامة، والضغوط الاقتصادية والمعيشية على قطاع الموظفين.