الحظ من خلال الطيور

09 ابريل 2019
البعض يكرّم الغراب (Getty)
+ الخط -
كما التوقعات الفلكية وتوقعات الأبراج، فإن القدماء عند البشر اكتشفوا التوقعات من خلال الطيور وقدموا التفسيرات لها مع اختلاف بسيط بينها من قارة إلى أخرى وبلد إلى آخر. لكن جميعها يكاد يتعلّق بالحظ الجيد أو السيئ. نجد مثلاً أن العديد من الثقافات ترى أن دخول الطائر إلى المنزل هو حظ جيد، لكن البعض يعتقد أنه سيئ. لذلك، فإننا سنعطي في ما يلي تفسيرات لدى الإنسان عن الطيور وتصرفاتها، مع الإشارة إلى أن معظم التفسيرات والتوقعات تبدو متفائلة لأنها مبعث نشاط ودفع باتجاه الأمل. إذا ما دخل طائر ما إلى المنزل فهو لدى البعض حامل للرسائل إلى الإنسان ويحاول أن يلفت انتباهه أو ينبهه إلى شيء ما، وهذا شيء جيد. بينما يعتقد البعض الآخر من الناس أن هذه علامة على أن شخصاً ما سيموت قريباً، لكن آخرين يرون ذلك بمثابة نوع من أنواع التحول المأساوي. فإذا كان الطائر أبيض اللون، فقد يعني ذلك أنه سيكون هناك موت لشخص أو تغير في العمل أو نهاية غير مرضية في المتجر.

وهناك مجتمعات أو ثقافات ترى أن الطيور هي أرواح أحبائهم الذين مروا. فإذا ما نقر الطائر على النافذة فذلك يعني أن الطائر هو روح شخص عرفته من قبل، كأن يكون أحد الأصدقاء أو الأقرباء من الأسلاف يحاول إرسال رسالة إليك. ولكن اصطدام الطائر بالنافذة يعني أن حاجزاً سيعترض حياتك قريباً. لذا، عليك أن تفتح عيونك جيداً لتفادي المطبات والحواجز، وحتى لا تقع في فخ نصبه لك أحدهم. لكن إذا مات الطائر المصطدم بالنافذة أو غاب عن الوعي، فإن ذلك يعني عند معظم المجتمعات أن عليك أن تتنبه إلى أنك ستتعرض لأحداث درامية في طريقها إليك. أما إذا دخل الطائر إلى المنزل ثم حاول الخروج وهو يصطدم بالحيطان أو الزجاج، فيعني ذلك أنك وقعت في ورطة ستصلك أخبارها قريباً جداً.

وعن الأساطير اليونانية التي تربط الغربان بأبولو، إله النبوة، يُقال إن أبولو كان قد استخدم الغربان كحراس ورسل وجواسيس لمعرفة ما كان يحدث في العالم. وفي لندن، كانوا يعتقدون أن وجود الغربان في برج لندن هو ضمانة للمملكة. وعندما تغادر الغربان هذا البرج، فإن المملكة ستنهار. هذا الاعتقاد ما زال سارياً حتى اليوم، بدليل أنه حتى يومنا هذا، يتم قص أجنحة الغربان للتأكد من أنها لا تغادر البرج. وتدفع كلفة رعاية الطيور من قبل الحكومة البريطانية، ويعين أحد العاملين في البرج لرعاية الغربان وهو يعتني بفراخها في منزله لمدة ستة أسابيع تقريباً لبناء علاقة مع الطيور النامية. وعندما تنمو بالكامل، يتم إيواؤها بشكل مريح بالقرب من برج ويكفيلد. وللمناسبة، فلقد كانت أخطر فترة بالنسبة للغربان في برج لندن خلال الحرب العالمية الثانية، عندما نفق كثير منها بسبب الصدمة في أثناء الغارات الألمانية. وكان هناك أحد الناجين اسمه Grip. قبل إعادة فتح برج لندن أمام الزوار في عام 1946، حرصت الحكومة على أن جيلاً جديداً من الغربان قد تمت تربيته من أجل طمأنة الجمهور بأن المملكة آمنة. أما في منطقة الشرق الأوسط، فإن الاعتقاد بين بعض الناس هو أن الغربان نذير شؤم باعتبار أن نعيب أصواتها الناشزة يسبب البلاء ولكون لونها هو لون أثواب الحداد.



ويقال أيضاً إن الغراب لا يعاشر سوى زوجة واحدة، فإذا شوهد منفرداً فإن ذلك دليل على موت أنثاه. لهذا، وبسبب استشعار الموت، أصبح الغراب رمزاً للشؤم. ويقوم البعض بحماية الغربان أو الامتناع عن صيدها بسبب ورود ذكرها في القرآن الكريم، عندما علم الغراب قابيل كيف يدفن أخاه هابيل؛ وفي الإنجيل المقدس عندما أرسل النبي نوح أحد الغربان بعد الطوفان ليرى إذا ما انحسرت المياه أم لا. أما من تفوق في حماية الغربان فهي مقاطعة يوكون الكندية التي تعد الغراب طائرها الرسمي، ومقاطعة يوغرا الروسية التي رفضت قرار الحكومة
تخفيض عدد الغربان فيها لأن السكان المحليين في هذه المنطقة يكرِّمون الغراب ويحتفلون بيوم الغراب استناداً إلى أسطورة قديمة. وتقول الأسطورة إنه عندما تأتي الغربان إلى الشمال، تنتعش الأنهار ويصبح صيد الحيوانات وافراً.. ولأن الغربان هي أول الطيور التي تصل إلى تلك المنطقة الشمالية، يرى السكان أنها تعمل كوسيط بين فصلي الشتاء والصيف، وتفتح الطريق لغيرها من الطيور، ويربطون ذلك بتجدد الحياة في الطبيعة.

(اختصاصي في علم الطيور البرية)
دلالات
المساهمون