الحركة النقابية اللبنانية غافية... والعمال بلا مظلّة

17 نوفمبر 2014
مطالب عمالية لتأمين لقمة العيش(أنور عمرو/فرنس برس/getty)
+ الخط -
من يمثًل من؟ سؤال يُطرح في كل مرة يتم طرح أزمة الحركة النقابية في لبنان. إذ إن الاتحاد العمالي العام وما يمثله من ركيزة للدفاع عن حقوق العمال نظرياً، تحوّل إلى مدافع عن حقوق أرباب العمل، عملياً، وفق عدد من النقابيين.
وفي حين لم ينفذ الاتحاد العام أي تحرك فاعل منذ أكثر من 10 سنوات، تغط النقابات العمالية والاتحادات المعارضة لقيادة الاتحاد العمالي العام، في نوم بعيد عن شوارع لبنان وعن حقوق العمال.
وبذلك، أصبح العمل النقابي اليوم يقتصر على حراك الموظفين في القطاع العام (هيئة التنسيق النقابية)، وعلى تحركات عدد من الأطر العمالية التي لم تتخذ بعد صفة النقابية.

خبايا "العمالي العام"

يقول نقابيون معارضون، "خلال السنوات الماضية أظهر الاتحاد العمالي العام ولاء مطلقاً لمصالح أرباب العمل، وخاض معارك ضد زيادة الحد الأدنى للأجور في عام 2012. وافق على حد أدنى لا يتجاوز 450 دولاراً بدلاً من مطلب كان قد رفعه هو نفسه في السابق بزيادة الحد الأدنى إلى 550 دولاراً". ويلفتون إلى أن "الاتحاد غرد خارج السرب في تظاهرات هيئة التنسيق النقابية، المطالبة بإقرار سلسلة الرتب والرواتب. ووقف متفرجاً أمام مطالب العمال المياومين في مؤسسة كهرباء لبنان".
ويشرح النقيب أديب أبوحبيب أن التشرذم والانقسام سيدا الموقف في قرارات الاتحاد العمالي العام في لبنان، "إذ فشل الاتحاد العمالي في قيادة الحركة النقابية خلال سنوات، لأسباب عديدة، أبرزها أنه تحول إلى أداة بيد الطبقة السياسية". ويشرح أبوحبيب لـ"العربي الجديد" أنه: "بعد اتفاق الطائف، جرى تقسيم الحركة النقابية، حيث سعى وزير العمل الأسبق عبد الله الأمين إلى وضع قانون ينظم من خلاله العمل النقابي، حيث تم إدراج 36 مادة، يحق خلالها للسلطات السياسية التدخل في شؤون الاتحاد، وهو ما يعد مخالفة صريحة للعمل النقابي".
ويتابع: "رفضنا هذا القانون، الأمر الذي دفع الطبقة السياسية إلى التدخل في الحركة النقابية، عبر إنشاء نقابات واتحادات مستقلة لشل العمل النقابي".
وبالنتيجة، كان الاتحاد العمالي العام يضم 22 اتحاداً نقابياً و225 نقابة، أما اليوم فأصبح يضم أكثر من 60 اتحاداً و525 نقابة، وهمية في معظمها. وهذا الكم الهائل من النقابات، بحسب أبوحبيب، فكك العمل الموحد للحركة النقابية. وبات العامل رهينة القوى السياسية، التي نجحت في العزف على وتر الطائفية لتجنيد العمال.
التخاذل في مواقف الاتحاد العمالي ظهر بشكل واضح من خلال غيابه المقصود عن الإضرابات العمالية في السنتين الماضيتين؛ حيث نأى بنفسه عن السجال الدائر بين العمال والأطراف السياسية.
التضخم في عدد النقابات والاتحادات العمالية المنضوية تحت جناح الاتحاد العمالي العام لا يعتبر مؤشراً إيجابياً، "بل هو ورم سياسي"، بحسب منسق المرصد اللبناني لحقوق العمال والموظفين، أحمد ديراني.

ويقول ديراني لـ"العربي الجديد": "أدى ارتفاع عدد الهيئات النقابية إلى إفراغ محتوى الحركة، حيث تجاوز عدد الاتحادات في لبنان الـ60 اتحاداً. ولا توجد إحصائية دقيقة عن العدد، إلا أنه وبصرف النظر عن حجم الزيادة الفعلية، فإن الفحوى التنظيمية للاتحادات معدومة".
ويشير إلى أن الطبقة السياسية نجحت في تشتيت الحركة النقابية. ويعود سبب ذلك، وفق ديراني، إلى "قرارات سلطات الوصاية السورية بعد اتفاق الطائف، التي سعت إلى إفراغ العمل النقابي في لبنان من محتواه. واليوم يدفع العمال اللبنانيون ثمن هذا التدخل من لقمة عيشهم".
ويعتبر ديراني أن المشكلة الأساسية تكمن في بنية هذه الحركة النقابية، وتبعيتها للسياسيين، "فلم يتمكن الاتحاد العمالي الممثل الشرعي للعمال من تحسين ظروف أي عامل في لبنان، بل على العكس، خذلهم في مواقف كثيرة".
إلا أن رئيس الاتحاد العمالي العام، غسان غصن، يعتبر أن الاتحاد العمالي لطالما كان يحمي العمال. ويقول لـ"العربي الجديد": "نضالات الاتحاد العمالي العام من أجل لقمة العيش والكرامة خلال السنوات الماضية، تشهد على أن الاتحاد كان راعيا لحقوق العمال". ويلفت إلى أن "الحديث عن تخاذل الاتحاد في المطالبة بحقوق العمال ليس سوى اتهامات، يرفضها الاتحاد جملة وتفصيلاً". ويضيف: "الوضع السياسي المتشنج خلال السنوات الماضية في لبنان، قوض عمل الاتحاد، إلا أن ذلك لا يعني أننا أهملنا حقوق العمال ومطالبهم".
دلالات
المساهمون