الحرب التجارية ومستقبل ترامب ينذران العالم بكارثة مالية

24 اغسطس 2018
الرئيسان ترامب وشي في بكين العام الماضي (Getty)
+ الخط -
تتزايد المخاوف بين المستثمرين من تداعيات أكبر حرب تجارية يشهدها العالم الحديث، على أسواق المال العالمية ومستقبل الاستقرار الاقتصادي العالمي، حيث تقدر مؤسسة "أكسفورد إيكونومكس" البريطانية للأبحاث الاقتصادية، أن اقتصادي الصين وأميركا سيخسران بسبب هذه الحرب مبالغ تراوح بين 30 و60 مليار دولار خلال العام الجاري. 

ورغم أن هذا الرقم ليس كبيراً، لكن المؤسسة البحثية ترى أن الأخطر من هذه الخسارة، هو اهتزاز الثقة الاستثمارية بين شركات القطاع الخاص وانقطاع خطوط الإمدادات والشكوك حول مستقبل النمو الاقتصادي العالمي، وهو ما قد يكون مقدمة لحدوث "هزة اقتصادية"، شبيهة بكوارث المال التي ضربت العالم خلال العقد الماضي.

من جانبها، قالت وكالة موديز للتصنيفات الائتمانية إنه "من المتوقع لهذه الإجراءات مجتمعة أن تحذف ما يصل إلى 0.3-0.5 نقطة مئوية من نمو الناتج الإجمالي الحقيقي للصين في 2019".

أما بالنسبة إلى أميركا فترى الوكالة الائتمانية، أن القيود التجارية ستمحو نحو ربع نقطة مئوية من نمو الناتج الإجمالي الحقيقي ليصبح 2.3% في 2019.

ومن المتوقع أن يكون للحرب التجارية في حال استمرارها تأثير سلبي في السلع والمواد الأولية الداخلة في الصناعة والوقود وتحديداً سعر النفط والمواد الأولية.

وفي الصدد ذاته، يقدر خبراء لوكالة فرانس برس، أن للرسوم تأثيراً مباشراً في نمو الاقتصاد الصيني في 2018 وربما يراوح بين 0.1 و0.3 نقطة مئوية، كما أن للحرب التجارية تأثيراً بنسبة أقل في الولايات المتحدة، لكن التأثير سيكون أكبر العام المقبل، فضلاً عن الإضرار بدول أخرى وشركات ترتبط بسلسلة التوريدات العالمية للصين.


ويتخوف المستثمرون في أوروبا وأميركا، من تصاعد الحرب التجارية لتشمل إجراءات صينية تنفذها بكين بخفض قيمة سعر صرف اليوان لزيادة تنافسية بضائعها في الخارج، وهو ما سيضر بالشركات الأوروبية والأميركية معاً، كما تتخوف شركات التقنية الأميركية من خسارة أسواقها في الصين.

وفرضت إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب أمس الخميس، مجموعة جديدة من الرسوم الجمركية المشددة على منتجات صينية مستوردة بقيمة 16 مليار دولار، ردت عليها الصين بالإعلان فوراً عن إجراء مماثل.

ومع هذه الرزمة الأميركية الجديدة من الرسوم الجمركية، ترتفع إلى 50 مليار دولار القيمة الإجمالية للمنتجات الصينية المستوردة إلى الولايات المتحدة الخاضعة لرسوم بنسبة 25%.

وقد تلي هذه الرزمة مجموعة جديدة من العقوبات في سبتمبر/أيلول تطاول 200 مليار دولار من المنتجات الصينية.

وحتى الآن، بدت أسواق المال أفضل حالاً من التوقعات المتشائمة، غير أن معهد بيترسون للدراسات الاقتصادية في واشنطن، يرى أن الرسوم الأميركية سترفع من كلفة المعيشة في أميركا وستؤثر تلقائياً في النمو الأميركي وفي أداء سوق وول ستريت، أما في الصين فقد حدث الارتباك فعلاً في خطط الشركات المصدرة للولايات المتحدة، وفي أوروبا ضربت الحرب أسهم شركات السيارات.

وتعرضت أسواق المال العالمية، أمس الخميس، لضغوط مكثفة مع تصاعد وتيرة الحرب التجارية بين واشنطن وبكين والشكوك المثارة حول مستقبل الرئيس الأميركي دونالد ترامب، بعد إدانة اثنين من مستشاريه. وبحسب رويترز، انخفض مؤشر "أم أس سي آي"، الذي يقيس أداء البورصات في 47 دولة بنسبة 0.1% في التعاملات الصباحية.


ولا تنحصر مخاوف المستثمرين هذا الصيف فقط في التداعيات السالبة للحرب التجارية وتأثيرها في النمو الاقتصادي العالمي، ولكنها تمتد إلى المستقبل المجهول للرئيس ترامب. وأظهرت الإدانات التي صدرت بحق اثنين من كبار مستشاريه السابقين يوم الثلاثاء، أن انتقاداته المتكررة فشلت في إعاقة التحقيق الذي يجريه المدعي الخاص روبرت مولر بشأن احتمال وجود تواطؤ بين فريق حملته الانتخابية وروسيا للتأثير في نتائج الانتخابات الرئاسية عام 2016 واحتمال عرقلة القضاء.

ويعتقد اقتصاديون أن هذين العاملين سيكون لهما تأثير سلبي عميق في نفسيات المستثمرين خلال الصيف الجاري، وذلك وسط تضاؤل فرص التسوية التجارية بين الصين والولايات المتحدة. كما يرون أن فرض رسوم على واردات بـ100مليار دولار بين أكبر اقتصادين في العالم، سيقلص التجارة العالمية بنحو 0.5%. ومن المتوقع أن يكون للحرب التجارية في حال استمرارها تأثير سلبي في السلع والمواد الأولية الداخلة في الصناعة والوقود وتحديداً سعر النفط والمواد الأولية.

وفي خطوات تصاعد النزاع التجاري، قالت وزارة التجارة الصينية، في بيان أمس، إن بكين "تعارض بشدة الرسوم الجمركية ولا خيار لديها سوى الاستمرار في القيام بالهجوم المضاد الضروري". وأشارت إلى "شبهات واضحة" بأن الرسوم الأميركية تنتهك قواعد منظمة التجارة العالمية.

وأكدت عزمها على تقديم شكوى بهذا الصدد إلى آليّة فض النزاعات في المنظمة. ويأتي هذا التصعيد في اليوم الثاني من محادثات أميركية - صينية تجري في واشنطن، سعياً إلى وضع حد للحرب التجارية بين القوتين الاقتصاديتين الأوليين في العالم.

من جانبه، هدد الرئيس الأميركي دونالد ترامب بفرض رسوم جمركية على جميع السلع الصينية المُصدرة إلى الولايات المتحدة تقريباً والبالغة قيمتها أكثر من 500 مليار دولار سنوياً، ما لم توافق بكين على إجراء تغييرات كبيرة في ممارساتها بشأن الملكية الفكرية وبرامج الدعم الصناعي وهياكل الرسوم وشراء المزيد من السلع الأميركية.

ويزيد الرقم الذي أعلنه ترامب بكثير عما تستورده الصين من الولايات المتحدة، مما يثير مخاوف من أن بكين قد تدرس أشكالاً أخرى للرد مثل زيادة صعوبة عمل الشركات الأميركية في الصين أو السماح لعملتها اليوان بالانخفاض أكثر لدعم مصدريها.

ويقدر حجم الاقتصاد الصيني بحوالى 12 ترليون دولار وينمو بنسبة 6.6% بحسب التقديرات الصينية الأخيرة، وهو معدل أقل من التقديرات السابقة التي وضعت له فوق 6.7%. وفي المقابل، فإن الاقتصاد الأميركي البالغ حجمه 19 ترليون دولار ينمو بنسبة تفوق 2.0%.

وقال وزير التجارة الأميركي ويلبور روس، على تلفزيون سي.ان.بي.سي، يوم الأربعاء: ”لن يستسلموا بسهولة. من الطبيعي أن يردوا بعض الشيء“. وأضاف: ”لكن في نهاية المطاف، لدينا ذخيرة أكثر بكثير مما لديهم. يعرفون هذا. لدينا اقتصاد أقوى بكثير مما لديهم“.

لكن ترامب أبلغ رويترز يوم الإثنين أنه لا "ينتظر الكثير" من المحادثات التي يقودها وكيل وزارة الخزانة الأميركية ديفيد مالباس ونائب وزير التجارة الصيني وانغ شو ون.

من جهة ثانية، أعلن الرئيس الأميركي دونالد ترامب في مقابلة بثت الخميس، أن أسواق المال "ستنهار" في حال تم عزله في سياق تصريحات محاميه السابق مايكل كوهن الذي انقلب ضده. وقال لبرنامج "فوكس اند فريندس" التلفزيوني: "أقول لكم إنه في حال تم عزلي، أعتقد أن الأسواق ستنهار. أعتقد أن الجميع سيصبحون فقراء جدًا".

وكان ترامب يرد على سؤال حول متاعبه القانونية، بعد أن قال محاميه السابق كوهن تحت القسم أنه تحرك بتعليمات منه بهدف "التأثير في الانتخابات" الأميركية.

ثم استفاض الرئيس الأميركي في تصريحات حول خلق وظائف وغير ذلك من التقدم الاقتصادي، الذي قال إنه تحقق خلال رئاسته، مشدداً على أنه لو فازت هيلاري كلينتون في انتخابات 2016 لكان الأميركيون في حال أسوأ بكثير. وقال ترامب: "لا أعرف كيف يمكن عزل شخص قام بعمل رائع".

ووجّه كوهن ضربة سياسية موجعة لترامب، بعد أن أقر في محكمة في نيويورك الثلاثاء بتهم تضمنت تسديد مبالغ بشكل غير قانوني في الحملة الانتخابية، مشيراً إلى أن الرئيس كان متواطئاً معه في ذلك.

وفي هذا السياق، اعترف كوهن بأنه دفع مبلغي 130 و150 ألف دولار لامرأتين تقولان إنهما أقامتا علاقة مع ترامب لقاء التزامهما الصمت، مؤكداً أن ذلك تم "بطلب من المرشح" ترامب، وكان الهدف تفادي انتشار معلومات "كانت ستسيء إلى المرشح".