لم يعد في مقدور المواطن السوداني مجاراة ارتفاع الأسعار الجنوني. هذه المشكلة تحولت إلى كابوس لدى متوسطي الدخل، فماذا عن الذين يتقاضون الحد الأدنى للأجر؟ فقد حددت الحكومة الحد الأدنى بـ 425 جنيهاً سودانياً (حوالي 74 دولاراً)، في حين أن سعر سندويش الفلافل الواحد لا يقل حالياً عن خمسة جنيهات. وفي حال اكتفى أفراد عائلة واحدة مؤلفة من أربعة أشخاص بوجبة مؤلفة من سندوش واحد من الفلافل يومياً لكل شخص، تكون الحصيلة 600 جنيه شهرياً، بما يزيد عن الحد الأدنى للأجور بحوالي 175 جنيهاً... وطبعاً لن نتطرق إلى وجبة الفول لشخصين التي يصل سعرها إلى 15 جنيهاً. ولن نحلم بتعميم سندويش "الكرسبي" على السودانيين، كون سعره أصبح 21 جنيهاً!
أوضاع صعبة
إذ يعمل محمد صلاح الدين سائقاً في إحدى الشركات الخاصة في الخرطوم، متزوج ولديه ثلاثة أطفال، وقال صلاح الدين لـ"العربي الجديد" إن راتبه الشهري في حدود 1500 جنيه، يتبقى منه فقط 350 جنيهاً، بعد أن يقتطع شهرياً ثمن إيجار المنزل بقيمة 800 جنيه، و350 جنيهاً لروض الأطفال.
واشتكى صلاح الدين من عدم قدرته على تلبية كافة احتياجات أسرته "عادة أكون مطالباً شهرياً بدفع دين محل البقالة. فعلياً أعتبر بداية الشهر كالمأساة الحقيقية، حيث لا يكفيني الراتب لتغطية المصاريف البسيطة لعائلتي".
وأوضح صلاح الدين أنه عادة لا يعتمد على الراتب، ويعمد للعمل ساعات إضافية طمعاً في الأجر الإضافي، ويلجأ كذلك لإخوته الميسورين لمساعدته بمبالغ مالية من حين لآخر تغطي جزءاً من التزاماته.
أما عاملة النظافة نفسية إبراهيم، فتتقاضى 500 جنيه شهرياً، وأكدت لـ "العربي الجديد" أنها وزوجها وأبناءها الثلاث، يخرجون معاً للعمل، وبعد الأسبوع الأول من تسلّم الراتب، يبدأون في عملية استلاف الأموال، إما سلفة على الراتب، أو الاستدانة من الأصدقاء والأقارب. وذلك لتأمين الاحتياجات الأساسية للأسرة.
وقالت الموظفة رقية، لـ"العربي الجديد" إنها تلجأ عادة إلى استغلال وظيفتها في بيع الاكسسوار والملابس مقابل عمولة من التاجر، وذلك عبر بيع المأكولات السريعة للعاملين في المؤسسة القريبة من مقر عملها. ورغم قلة المكسب، تفضل رقية الاستمرار لتوفير كسرة خبز لأبنائها.
وتأتي هذه الأزمات مع اقتراب المصادقة على الميزانية الجديدة للدولة في البرلمان. وعند كل مناقشة للميزانية، يكثر الجدل حول زيادة الأجور، لكن غالباً ما تظل الأجور على حالها.
وحين يُعرف السبب، يبطل العجب. إذ صرح رئيس اللجنة الاقتصادية بالبرلمان السوداني سليمان الصافي لـ"العربي الجديد"، أنه شخصياً لا يؤيد أن زيادة الأجور، باعتبار أن الخطوة غير مجدية، "لأن الزيادة أيا كانت نسبتها لن تتجاوز الـ30% وسيمتصها السوق، وستقود لانعكاسات سلبية، متمثلة في ارتفاع التضخم وزيادة الأسعار".
وأوضح المتحدث ذاته أن "أي زيادة في الأجور يقابلها زيادة في الاستهلاك". وأضاف "لذا لابد من التفكير في حلول بديلة، عوض منح كل موظف 100 أو 200 جنيه زيادة على راتبه". واقترح الصافي من بين الحلول، دعم الجمعيات التعاونية في المؤسسات الحكومية والهيئات والأحياء السكنية لتوفير السلع الاستهلاكية التي تدعمها الدولة، بالأسعار المحلية كالسكر وغيره. وشدد على أن "زيادة المرتبات عبء على الدولة وعلى مواردها. ولا يوجد ما يمنع من أن تعتمد سياسة رفع علاوات غلاء المعيشة كل سته أشهر، ودعم المواطن في السكن... في حال توافرت الموارد ".
إلا أن وكيل وزارة المالية الأسبق شيخ المك، يقول أن الزيادة في الأجور لها آثار سلبية على التضخم والأسعار، ولكن وفي الوقت ذاته، يؤكد أنها ضرورية لتلبية الظروف المعيشية، وزيادة الانتاجية لدى الموظفين. وقال المك لـ"العربي الجديد" "صحيح زيادة الرواتب تقود عملياً إلى ارتفاع الأسعار، كما أنها في العادة تمول بالاستدانة وليس بموارد حقيقة من الدولة، لكن في المقابل الأجور في السودان لم يتم رفعها منذ فترة طويلة، باستثناء منحة من الرئيس السوداني عمر البشير (200 جنيه)، الشيء الذي أثّر في القدرة الشرائية". وأردف المك أن عدداً من العاملين في الدولة، وصلوا حد الفقر ومعظمهم لا تفي أجورهم بمتطلبات الحياة. وأكد أن الحد الادنى للأجور ضعيف جداً "أنا خرجت على المعاش من منصب وكيل وزارة، وأتقاضى راتب تقاعد لا يتعدى 850 جنيهاً في الشهر".
وذكر المك أن على الدولة تشجيع التقاعد المبكر، وإجراء تحسينات في الخدمات والتأمين الصحي والعلاج المجاني للحالات الطارئة.
أوضاع صعبة
إذ يعمل محمد صلاح الدين سائقاً في إحدى الشركات الخاصة في الخرطوم، متزوج ولديه ثلاثة أطفال، وقال صلاح الدين لـ"العربي الجديد" إن راتبه الشهري في حدود 1500 جنيه، يتبقى منه فقط 350 جنيهاً، بعد أن يقتطع شهرياً ثمن إيجار المنزل بقيمة 800 جنيه، و350 جنيهاً لروض الأطفال.
واشتكى صلاح الدين من عدم قدرته على تلبية كافة احتياجات أسرته "عادة أكون مطالباً شهرياً بدفع دين محل البقالة. فعلياً أعتبر بداية الشهر كالمأساة الحقيقية، حيث لا يكفيني الراتب لتغطية المصاريف البسيطة لعائلتي".
وأوضح صلاح الدين أنه عادة لا يعتمد على الراتب، ويعمد للعمل ساعات إضافية طمعاً في الأجر الإضافي، ويلجأ كذلك لإخوته الميسورين لمساعدته بمبالغ مالية من حين لآخر تغطي جزءاً من التزاماته.
أما عاملة النظافة نفسية إبراهيم، فتتقاضى 500 جنيه شهرياً، وأكدت لـ "العربي الجديد" أنها وزوجها وأبناءها الثلاث، يخرجون معاً للعمل، وبعد الأسبوع الأول من تسلّم الراتب، يبدأون في عملية استلاف الأموال، إما سلفة على الراتب، أو الاستدانة من الأصدقاء والأقارب. وذلك لتأمين الاحتياجات الأساسية للأسرة.
وقالت الموظفة رقية، لـ"العربي الجديد" إنها تلجأ عادة إلى استغلال وظيفتها في بيع الاكسسوار والملابس مقابل عمولة من التاجر، وذلك عبر بيع المأكولات السريعة للعاملين في المؤسسة القريبة من مقر عملها. ورغم قلة المكسب، تفضل رقية الاستمرار لتوفير كسرة خبز لأبنائها.
وتأتي هذه الأزمات مع اقتراب المصادقة على الميزانية الجديدة للدولة في البرلمان. وعند كل مناقشة للميزانية، يكثر الجدل حول زيادة الأجور، لكن غالباً ما تظل الأجور على حالها.
وحين يُعرف السبب، يبطل العجب. إذ صرح رئيس اللجنة الاقتصادية بالبرلمان السوداني سليمان الصافي لـ"العربي الجديد"، أنه شخصياً لا يؤيد أن زيادة الأجور، باعتبار أن الخطوة غير مجدية، "لأن الزيادة أيا كانت نسبتها لن تتجاوز الـ30% وسيمتصها السوق، وستقود لانعكاسات سلبية، متمثلة في ارتفاع التضخم وزيادة الأسعار".
وأوضح المتحدث ذاته أن "أي زيادة في الأجور يقابلها زيادة في الاستهلاك". وأضاف "لذا لابد من التفكير في حلول بديلة، عوض منح كل موظف 100 أو 200 جنيه زيادة على راتبه". واقترح الصافي من بين الحلول، دعم الجمعيات التعاونية في المؤسسات الحكومية والهيئات والأحياء السكنية لتوفير السلع الاستهلاكية التي تدعمها الدولة، بالأسعار المحلية كالسكر وغيره. وشدد على أن "زيادة المرتبات عبء على الدولة وعلى مواردها. ولا يوجد ما يمنع من أن تعتمد سياسة رفع علاوات غلاء المعيشة كل سته أشهر، ودعم المواطن في السكن... في حال توافرت الموارد ".
إلا أن وكيل وزارة المالية الأسبق شيخ المك، يقول أن الزيادة في الأجور لها آثار سلبية على التضخم والأسعار، ولكن وفي الوقت ذاته، يؤكد أنها ضرورية لتلبية الظروف المعيشية، وزيادة الانتاجية لدى الموظفين. وقال المك لـ"العربي الجديد" "صحيح زيادة الرواتب تقود عملياً إلى ارتفاع الأسعار، كما أنها في العادة تمول بالاستدانة وليس بموارد حقيقة من الدولة، لكن في المقابل الأجور في السودان لم يتم رفعها منذ فترة طويلة، باستثناء منحة من الرئيس السوداني عمر البشير (200 جنيه)، الشيء الذي أثّر في القدرة الشرائية". وأردف المك أن عدداً من العاملين في الدولة، وصلوا حد الفقر ومعظمهم لا تفي أجورهم بمتطلبات الحياة. وأكد أن الحد الادنى للأجور ضعيف جداً "أنا خرجت على المعاش من منصب وكيل وزارة، وأتقاضى راتب تقاعد لا يتعدى 850 جنيهاً في الشهر".
وذكر المك أن على الدولة تشجيع التقاعد المبكر، وإجراء تحسينات في الخدمات والتأمين الصحي والعلاج المجاني للحالات الطارئة.