الحجاب يؤرق القارة العجوز

27 يونيو 2014
+ الخط -

"جريمة كراهية وعنصرية" ... تصريح مقتضب أدلى به المتحدث باسم الشرطة البريطانية، إسكوتلانديارد، في إجابته عن الدافع وراء قتل فتاة سعودية، في جريمة بشعة وقعت في أحد شوارع مدينة كولشيستر، في الثامن عشر من الشهر الجاري.

عشر دقائق فقط، كانت كافية لتلقي الفتاة ناهد المانع ست عشرة طعنة، على يد شخص تجرد من كل المعاني الإنسانية، وأقدم على عملية الطعن التي أججت لدى كثيرين مشاعر الحزن والأسى والغضب من التطرف والتعصب وكراهية الحجاب.

تذكرنا هذه الحادثة المؤلمة بكارثة مشابهة، وقعت عام 2009 في ألمانيا، إذ طعنت فتاة مصرية طعنات بسكين حتى الموت، أيضاً، لارتدائها الحجاب. فبأي حق يقتل شخص ما بسبب طريقة لباسه، خصوصاً في حال ارتبط هذا اللباس بجانبٍ متعلق بالعبادات الدينية والمعتقدات الإيمانية.

مروة الشربيني صيدلانية مصرية كانت تعيش في ألمانيا في مدينة دريسدن، وتعرضت للطعن بالسكين أمام زوجها وطفلها. وفي قاعة المحكمة، ومن دون أي تدخل من حراس الأمن، أو أيٍّ من الحاضرين، حتى انتهت الجريمة التي شاهدها عشرات بأعينهم بمقتل الفتاة. كل ذنبها أنها كانت ترتدى الحجاب، هو أيضا السبب نفسه الذي قتلت على خلفيته ناهد المانع.

يشترك القاتلان، في الجريمتين، بغلبة الحقد والكراهية على قلوبهما، وعدم تقبلهما فكرة وجود شخص يرتدي حجاباً، أو يدين بغير معتقداتهم، وليست هذه الجرائم وليدة الفراغ، فللإعلام الدعائي، المُهَيمن عليه من رؤوس الأموال اليمينية المتطرفة، دور شاسع في إذكاء الحس العنصري كاره الإسلام، بل ولكل ما هو قادم من الشرق، تأجيج هذه المشاعر الرافضة للآخر، لا يأتي نتاج عملية بناء ثقافية سليمة، بل يتولد عن مصالح سياسية اقتصادية لنخبة مهيمنة، توجه مجتمعاتها نحو ما يخدم موقعها النخبوي، مستغلة العوز والبطالة، والمشكلات الاجتماعية الأخرى، لتلصقها بالمهاجرين من غير الأوروبيين المقيمين في البلدان الأوروبية.

منع الفرنسيون ارتداء الحجاب، وفرضوا غراماتٍ على من تخالف هذا القانون، وألمانيا وانجلترا شهدتا عمليات اغتيال فتيات محجبات، بينما تمنع هولندا المحجبات من العمل في أماكن كثيرة، وبلجيكا تحذو حذواً مماثلاً كذلك.

إذا ما نظرنا إلى مصير قاتل مروة الشربيني، نكتشف أنه حصل، في البداية، على حكم مخفف، قوامه سنةً في السجن، بحجة أنه مريض نفسياً، وبعد الاستئناف والضغط من الجاليات العربية، ومناصري حقوق المهاجرين، أعيدت محاكمته ثانية، وصدر حكم بسجنه مدى الحياة.

أمام الموجة العنصرية المتطرفة، وتصاعد التيارات اليمينية أوروبياً، بل وحضورها الطاغي ضمن الانتخابات المحلية الأوروبية، كما انتخابات الاتحاد الأوروبي، يستحسن من الجاليات العربية في الدول الأوروبية أن تعيد النظر في الظروف التي تتنامى حولها يوماً بعد آخر، وأن يكون هناك تفكير معمق في إيجاد مخارج لحالة البروباغندا الموجهة ضد العرب والمسلمين، أينما حلوا، كذلك أن يعزز توجه التكاتف بين الجاليات، والتشارك في الهموم ومواجهتها، نظراً لأن المصائر واحدة، والتحديات متداخلة. 

avata
avata
حسام العايدي (مصر)
حسام العايدي (مصر)