تطورت مهام الجيوش الإلكترونية في العراق من تلميع شخص أو الدفاع عنه إلى عمليات قرصنة الحسابات أو الإبلاغ عنها أو إيصال رسائل تهديد بالقتل أو الابتزاز المالي، ما جعل غالبية العراقيين اليوم يلجؤون إلى المجموعات السرية أو المغلقة، للتحدث بحرية مع من يثقون بهم، بعيداً عن الصفحات العامة.
ويعتبر رئيس الوزراء العراقي السابق، نوري المالكي، أول من ابتدع الجيوش الإلكترونية في العراق، إذ أكّدت وثائق ومعلومات مسرّبة، في عام 2012، أنّه جنّد عشرات الصحافيين والناشطين على مواقع التواصل الاجتماعي للدفاع عنه ومهاجمة منتقديه ومنافسيه.
"العربي الجديد" التقت أحد أعضاء الجيش الإلكتروني في بغداد. العضو يُدعى "ح. ع"، في الـ 21 من عمره، أنهى دراسته في المعهد التقني في العاصمة العراقية بغداد، يمارس عمله من منزله، ويتلقى مقابله نحو 600 دولار أميركي شهرياً.
وافق "ح. ع" على الحديث، شرط الحفاظ على سريته، لأن "رقبتي تطير إذا أحد عرف هويتي" على حدّ تعبيره، مشيراً إلى أنه يعمل لصالح أشخاص عديدين، في آن واحد، وكلهم من رجال السياسة.
أفاد العضو في الجيش الإلكتروني بأنه دخل في هذا المجال، بعدما فشل في الحصول على وظيفة، وقضى معظم وقته على شبكة الإنترنت. وتعرف بشاب من "طائفته نفسها" عن طريق الصدفة، فحدثه عن العمل الذي فرض عليه حينها الدفاع عن نوري المالكي، ومهاجمة من يحمله مسؤولية "مجزرة سبايكر"، وهي مجزرة جرت بعد أسر طلاب القوة الجوية العراقيين في قاعدة سبايكر الجوية (2000-2200 طالب)، في 12 يونيو/حزيران عام 2014، بعد سيطرة "تنظيم الدولة الإسلامية" (داعش) على مدينة تكريت العراقية، وقادوهم إلى القصور الرئاسية في المدينة، وقتلوهم هناك، وفي مناطق أخرى قُتلوا رمياً بالرصاص ودُفن بعضهم أحياء.
وقال "ح. ع": "وصلتني أول مرة 200 دولار أميركي من صديق التقيت به، وقال لي (هذه حصتك، بس شد حيلك اليوم نعمل هجوم على حساب قاضي عراقي سابق مناهض لسياسة المالكي). وفعلاً، هاجمناه وبلّغنا عن صفحته إلى أن أغلقت مؤقتاً".
وأضاف "كلما نشر موضوعاً، أغرقناه بالشتائم التي جهزناها مسبقاً، أي لم نفعل سوى النسخ واللصق على صفحته. وهكذا استمر الحال، وتعرفنا على آخرين مثلنا يعملون لصالح سياسيين ومسؤولين آخرين".
وأوضح "موضوع وجود جيش إلكتروني منظم غير صحيح، إذ هناك الكثيرون مثلنا، وكل فريق يعمل لصالح شخص، ما يعني الأصح وجود فرق إلكترونية"، وتابع "أنا حالياً أحصل على مبلغ أقصاه 600 دولار أميركي، وأكثر ما يضحك في الموضوع أن أمي تلح عليّ كي تعرف مصدر المال، خاصة أنني لا أخرج من المنزل".
وأفاد "نحن الآن على موقعي تويتر وفيسبوك، لكن تواجدنا يتركز على الأخير، بسبب شعبيته في العراق. وأعتقد أن الفرق الإلكترونية المجندة حالياً ليست للسياسيين فقط، بل تشمل سفارات معينة، مثل السفارتين الإيرانية والأميركية"، وأضاف "أعرف أحدهم شخصياً، ويسكن في الشارع الثاني مني".
وتابع "هناك أيضاً فرق إلكترونية لرجال دين، لكن لا أفضلهم، إذ إن العمل معهم يدخلنا في دماء أبرياء، فعادة ما يطرحون الفتنة ويثيرون البغض بين العراقيين".
كما قال "ح. ع": "شخصياً، أنا اتجنب شتم الأم أو الأخت، كما يفعل الآخرون من زملاء المهنة. ولا أتناول العرض إطلاقاً، لكن لي أسلوبي في الشتم، بعيداً عن الأعراض. كما لا أتناول الدين أو الطائفة، ما يجعلني أقل زملائي في استهلاك حسابات، إذ يضطر الآخرون إلى إنشاء حسابين أو ثلاثة في اليوم الواحد، بسبب مخالفتهم شروط النشر".
أما أحد مسؤولي صفحة تدعو إلى عراق علماني على "فيسبوك"، واسمه الحركي طلال حميد، فاعتبر أن "الجيوش الإلكترونية أفسدت متعة التواصل بين الناس، وأصبحت الفتاة تخشى الإدلاء برأيها كي لا تُشتم وتُهدد"، في حديثه لـ "العربي الجديد".
وفي سياق متصل، أشار الخبير في أمن المعلومات، ماجد الدليمي، إلى أنه "في الآونة الأخيرة لاحظنا تصاعد عمليات اختراق وسرقة حسابات الناشطين والكتاب والإعلاميين، فقمنا بتشكيل خلية من الشباب المتخصصين لمعرفة الأسباب، وتبين وجود جيش إلكتروني يدار من المنطقة الخضراء في بغداد ".
وأضاف الدليمي لـ "العربي الجديد" أن "الشباب تمكنوا من اخترق حواسيب عدد من عناصر "الحشد الإلكتروني" وحصلنا على معلومات مهمة تبين خطة عملهم ومصادر تمويلهم ومهامهم التي تتلخص بملاحقة الكتاب والإعلاميين والناشطين وجمع المعلومات عنهم وتلميع صورة الحكومة وبث الدعايات ".
وتابع الدليمي "كما أوكلت لعناصر "الحشد الإلكتروني" مهمة السب والشتم واختراق حسابات الناشطين وسرقتها وبث الدعايات الكاذبة على مواقع التواصل الاجتماعي".
وفي السياق نفسه، أوضح المهندس المتخصص في القرصنة الإلكترونية، وارد الربيعي، أن "الأشخاص في "الحشد الإلكتروني" مدربون على طرق الاختراق وسرقة الحسابات فضلاً عن بث الدعايات والأكاذيب لذلك يجب الحذر خلال تصفح مواقع التواصل الاجتماعي".
وحذّر الربيعي "يجب الانتباه جيداً وعدم فتح أي رابط مجهول يرسل على الخاص من الغرباء، كما يجب الحذر جداً من وضع المعلومات والصور الشخصية على الصفحات الخاصة للناشطين والكتاب المؤثرين الذين يشعرون بالخطر في مناطقهم ويفضل استخدام أسماء مستعارة في حساباتهم إذا كانوا داخل المناطق التي تسيطر عليها الحكومة العراقية".
اقــرأ أيضاً
ويعتبر رئيس الوزراء العراقي السابق، نوري المالكي، أول من ابتدع الجيوش الإلكترونية في العراق، إذ أكّدت وثائق ومعلومات مسرّبة، في عام 2012، أنّه جنّد عشرات الصحافيين والناشطين على مواقع التواصل الاجتماعي للدفاع عنه ومهاجمة منتقديه ومنافسيه.
"العربي الجديد" التقت أحد أعضاء الجيش الإلكتروني في بغداد. العضو يُدعى "ح. ع"، في الـ 21 من عمره، أنهى دراسته في المعهد التقني في العاصمة العراقية بغداد، يمارس عمله من منزله، ويتلقى مقابله نحو 600 دولار أميركي شهرياً.
وافق "ح. ع" على الحديث، شرط الحفاظ على سريته، لأن "رقبتي تطير إذا أحد عرف هويتي" على حدّ تعبيره، مشيراً إلى أنه يعمل لصالح أشخاص عديدين، في آن واحد، وكلهم من رجال السياسة.
أفاد العضو في الجيش الإلكتروني بأنه دخل في هذا المجال، بعدما فشل في الحصول على وظيفة، وقضى معظم وقته على شبكة الإنترنت. وتعرف بشاب من "طائفته نفسها" عن طريق الصدفة، فحدثه عن العمل الذي فرض عليه حينها الدفاع عن نوري المالكي، ومهاجمة من يحمله مسؤولية "مجزرة سبايكر"، وهي مجزرة جرت بعد أسر طلاب القوة الجوية العراقيين في قاعدة سبايكر الجوية (2000-2200 طالب)، في 12 يونيو/حزيران عام 2014، بعد سيطرة "تنظيم الدولة الإسلامية" (داعش) على مدينة تكريت العراقية، وقادوهم إلى القصور الرئاسية في المدينة، وقتلوهم هناك، وفي مناطق أخرى قُتلوا رمياً بالرصاص ودُفن بعضهم أحياء.
وقال "ح. ع": "وصلتني أول مرة 200 دولار أميركي من صديق التقيت به، وقال لي (هذه حصتك، بس شد حيلك اليوم نعمل هجوم على حساب قاضي عراقي سابق مناهض لسياسة المالكي). وفعلاً، هاجمناه وبلّغنا عن صفحته إلى أن أغلقت مؤقتاً".
وأضاف "كلما نشر موضوعاً، أغرقناه بالشتائم التي جهزناها مسبقاً، أي لم نفعل سوى النسخ واللصق على صفحته. وهكذا استمر الحال، وتعرفنا على آخرين مثلنا يعملون لصالح سياسيين ومسؤولين آخرين".
وأوضح "موضوع وجود جيش إلكتروني منظم غير صحيح، إذ هناك الكثيرون مثلنا، وكل فريق يعمل لصالح شخص، ما يعني الأصح وجود فرق إلكترونية"، وتابع "أنا حالياً أحصل على مبلغ أقصاه 600 دولار أميركي، وأكثر ما يضحك في الموضوع أن أمي تلح عليّ كي تعرف مصدر المال، خاصة أنني لا أخرج من المنزل".
وأفاد "نحن الآن على موقعي تويتر وفيسبوك، لكن تواجدنا يتركز على الأخير، بسبب شعبيته في العراق. وأعتقد أن الفرق الإلكترونية المجندة حالياً ليست للسياسيين فقط، بل تشمل سفارات معينة، مثل السفارتين الإيرانية والأميركية"، وأضاف "أعرف أحدهم شخصياً، ويسكن في الشارع الثاني مني".
وتابع "هناك أيضاً فرق إلكترونية لرجال دين، لكن لا أفضلهم، إذ إن العمل معهم يدخلنا في دماء أبرياء، فعادة ما يطرحون الفتنة ويثيرون البغض بين العراقيين".
كما قال "ح. ع": "شخصياً، أنا اتجنب شتم الأم أو الأخت، كما يفعل الآخرون من زملاء المهنة. ولا أتناول العرض إطلاقاً، لكن لي أسلوبي في الشتم، بعيداً عن الأعراض. كما لا أتناول الدين أو الطائفة، ما يجعلني أقل زملائي في استهلاك حسابات، إذ يضطر الآخرون إلى إنشاء حسابين أو ثلاثة في اليوم الواحد، بسبب مخالفتهم شروط النشر".
أما أحد مسؤولي صفحة تدعو إلى عراق علماني على "فيسبوك"، واسمه الحركي طلال حميد، فاعتبر أن "الجيوش الإلكترونية أفسدت متعة التواصل بين الناس، وأصبحت الفتاة تخشى الإدلاء برأيها كي لا تُشتم وتُهدد"، في حديثه لـ "العربي الجديد".
وفي سياق متصل، أشار الخبير في أمن المعلومات، ماجد الدليمي، إلى أنه "في الآونة الأخيرة لاحظنا تصاعد عمليات اختراق وسرقة حسابات الناشطين والكتاب والإعلاميين، فقمنا بتشكيل خلية من الشباب المتخصصين لمعرفة الأسباب، وتبين وجود جيش إلكتروني يدار من المنطقة الخضراء في بغداد ".
وأضاف الدليمي لـ "العربي الجديد" أن "الشباب تمكنوا من اخترق حواسيب عدد من عناصر "الحشد الإلكتروني" وحصلنا على معلومات مهمة تبين خطة عملهم ومصادر تمويلهم ومهامهم التي تتلخص بملاحقة الكتاب والإعلاميين والناشطين وجمع المعلومات عنهم وتلميع صورة الحكومة وبث الدعايات ".
وتابع الدليمي "كما أوكلت لعناصر "الحشد الإلكتروني" مهمة السب والشتم واختراق حسابات الناشطين وسرقتها وبث الدعايات الكاذبة على مواقع التواصل الاجتماعي".
وفي السياق نفسه، أوضح المهندس المتخصص في القرصنة الإلكترونية، وارد الربيعي، أن "الأشخاص في "الحشد الإلكتروني" مدربون على طرق الاختراق وسرقة الحسابات فضلاً عن بث الدعايات والأكاذيب لذلك يجب الحذر خلال تصفح مواقع التواصل الاجتماعي".
وحذّر الربيعي "يجب الانتباه جيداً وعدم فتح أي رابط مجهول يرسل على الخاص من الغرباء، كما يجب الحذر جداً من وضع المعلومات والصور الشخصية على الصفحات الخاصة للناشطين والكتاب المؤثرين الذين يشعرون بالخطر في مناطقهم ويفضل استخدام أسماء مستعارة في حساباتهم إذا كانوا داخل المناطق التي تسيطر عليها الحكومة العراقية".