ووسط انتشار أمني كثيف، خرجت التظاهرات من حي باب الوادي في قلب العاصمة الجزائرية، وصولاً إلى ساحة البريد المركزي، رُفعت خلالها شعارات "مدنية لا عسكرية" و"لا حوار مع رموز العصابة"، علاوة على رفع العلم الوطني وشعارات تطالب برحيل رموز النظام وتنتقد تماطل السلطة والجيش في الاستجابة وتحقيق مطالب الشعب.
وفي ساحة صغيرة قرب ساحة البريد المركزي هتف المتظاهرون: "ياحنا يانتوما ماراناش حابسين"، ويقصد بها (إما نحن وإما أنتم ولن نتوقف مطلقاً)، في رسالة إصرار من المتظاهرين بعد محاولات إنهاء الحراك الشعبي قبل تحقيق مطالبه.
وطالب المتظاهرون السلطات بالإفراج عن الشباب من الناشطين، الذين اعتقلوا في التظاهرات السابقة بسبب رفعهم الراية الأمازيغية، وهتفوا: "أطلقوا أولادنا يعيدو (لقضاء العيد) معن".
وفي خطوة وصفت بالاستفزازية، حاولت مصالح الأمن تفريق المتظاهرين في ساحة صغيرة كانوا يتجمعون فيها قرب ساحة البريد المركزي، ما أدى إلى مناوشات طفيفة، وهو سلوك باتت تلجأ إليه قوات الشرطة أسبوعياً، قبل أن تنسحب بعد تدفق المتظاهرين عقب صلاة الجمعة.
وأغلقت الشرطة بجدار أمني شارع ديدوش مراد، لمنع مناصري حزب "التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية" من التوجه إلى ساحة البريد المركزي. كما ضربت طوقاً أمنياً حول المقر الذي يقصده مناصرو الحزب، للتحضير للشعارات قبل الانطلاق إلى المسيرات.
واستمرت السلطات في نشر مزيد من قوات الأمن في الشوارع الرئيسية، وقرب الساحات المركزية للتظاهرات، وسط العاصمة.
وقال شهود عيان لـ"العربي الجديد"، إن عدداً كبيراً من الشاحنات والمركبات التابعة لمصالح الأمن ركنت على امتداد الشارع الذي يمتد بين ساحتي البريد المركزي وساحة موريس أودان، وبالقرب من النفق الجامعي.
ونشرت السلطات حواجز للدرك الوطني عند منافذ ومداخل العاصمة، وخصوصاً الشرقية منها التي تربطها بولايات منطقة القبائل القريبة شرقي الجزائر، مثل تيزي وزو وبومرداس والبويرة وبجاية، في خطوة تعبّر عن رفض السلطات تنفيذ أي من تدابير وإجراءات التهدئة التي تطالب بها القوى السياسية والمدنية وهيئة الحوار الوطني، التي جدّدت المطالب ذاتها أمس الخميس.
وانتقد ناشطون استمرار هذه الإجراءات الأمنية التي تستهدف حق التنقل وحق التظاهر، وخاصة أن بدء لقاءات الحوار السياسي تفرض أن ترافقها إجراءات "حسن نوايا" من قبل السلطة.
ويأتي هذا التصعيد، بعد وصف قايد صالح في خطاب جديد أمس الخميس، الرافضين للحوار بـ "المجموعات الصغيرة المرتبطة بالعصابة"، وهو الوصف الذي أصبح يطلقه على الدائرة الضيقة للرئيس السابق.
ويوم أمس، دعت هيئة الحوار إلى إجراء الانتخابات الرئاسية سريعاً، لكن بدون تدخل حكومة نور الدين بدوي الذي وصفوه بأنه "ممثل التزوير"، كما أن رحيله من بين أبرز مطالب الحركة الاحتجاجية باعتباره من رموز نظام عبد العزيز بوتفليقة.
وتدخل الجزائر في اليوم الـ168 منذ بدء الاحتجاجات والحراك الشعبي، في انتظار تحقيق المطلب الرئيسي، وهو تنحي رموز الفساد والشخصيات المحسوبة على الرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة، ودعوة الجماهير لاستقالة الحكومة وتنحي الرئيس المؤقت من السلطة، عبد القادر بن صالح.