الجلسات الختامية لمؤتمر المركز العربي بتونس:تركيز على دور الشباب...وتحديات الانتقال الديمقراطي

24 سبتمبر 2017
إحدى جلسات اليوم الختامي للمؤتمر (فيسبوك)
+ الخط -


اختتم "المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات" في تونس، مساء اليوم الأحد، جلسات مؤتمره السنوي السادس لقضايا الديمقراطية والتحول الديمقراطي، والتي ركّزت على محور الشباب وتحديات الانتقال الديمقراطي.

وشملت جلسات الختام مداخلات ضمن محور الديمقراطية المفاجئة، بعنوان "الشباب العربي وتحدّي الانتقال الديمقراطي"، للباحث التونسي محمد بالراشد، و"الشباب الجزائري بعد ثورات 2011 بين التضمين والاستبعاد" للباحث الهادي بووشمة، و"سياسات الدولة في المغرب ومأزق إدماج الشباب" للباحث محمد فاوبار، ومحاضرة للباحثة المصرية، فرح رمزي، عن جيل الثورة وتغيّر علاقة الشباب المصريين بالسياسة بعد 2011.

وأكد الباحث المغربي، محمد فاوبار، في تصريح لـ"العربي الجديد"، أنّ التحوّلات التي حصلت في البلدان العربية دفعت المغرب إلى توخّي سياسة جديدة مع الشباب المغربي، خاصة بعد حركة 20 فبراير 2011، مبيناً أن الحكومة المغربية راجعت الدستور وأعلنت عن مجلس للشباب في محاولة تجميعهم وتدارس مطالبهم، خصوصاً أنه في الأعوام 2000 و2005 لم تكن هناك معالم سياسة اجتماعية واضحة، ولم يرافقها حضور لفئات الشباب كأولوية، ولكن بعد الحراك السياسي الشبابي في 2011 تغيّر كثير من المسائل.

الباحث التونسي محمد فاوبار (فيسبوك) 


وقال فاوبار إنه في 2014 صدرت خطة استراتيجية للشباب، وأصبحت الدولة تركز على مشكلات الشباب واعتمدت سياسة إدماجهم من خلال التمثيل الانتخابي، والأمر ذاته بالنسبة للنساء، وضم البرلمان 30 نائباً دون سن الأربعين، وإدراج المسألة الشبابية في فصول الدستور.

وأوضح الباحث المغربي أنّ التشريك الجزئي للشباب والخطة الاستراتيجية لم تنفذها السلطة، وبدت كأنها محاولة للاحتواء الجزئي، ما ولّد إحباطاً جديداً في صفوف الشباب، فظهرت حركة الريف في المغرب.

وبيّن أن الإشكال يكمن في تعامل الدولة مع الشباب بمنطق ظرفي وكأن الحراك انتهى، ولكن اتضح في 2017 أن الحراك لم ينته، وأنه لا بد من التعاطي الاستراتيجي مع الشباب.

ورداً على سؤال عن دور الأنظمة السياسية في إقصاء الشباب، قال فاوبار: "إنّ الدول العربية لا تملك مشاريع للشباب، ولا تعطيها الأولوية في السياسات، ما يتطلب زيادة إشراك تلك الفئة والاهتمام بحاجاتها"، معتبراً أن النقاش في المغرب يدور حول تطبيق الدستور وإلزاميته وهذا خلق مجالاً للشباب لممارسة الضغط.

واعتبر الباحث الجزائري، الهادي بووشمة، والذي حاضر عن "الشباب الجزائريون بعد ثورات 2011 بين التضمين والاستبعاد"، أنّ التعامل مع الشباب لم يكن بوصفه طاقة مبدعة بل طاقة مهدورة، معتبراً أن الوضع في الجزائر أنتج شباباً مقصياً من أغلب أشكال المشاركة، وولد لديه عزوفاً عن المشاركة.

الباحث الجزائري الهادي بووشمة (فيسبوك) 






وأضاف في تصريح لـ"العربي الجديد" أن السياسة العامة في الجزائر لم تستطع توفير وتحقيق فرص اندماج للشباب، وأصبحت تمارس دوراً استبعادياً لهذه الفئة، فالشباب يستهلك ولا يبحث عن حلول وأغلب الفئة الشبابية رافضة للمشاركة السياسية.

وخلص من خلال الدراسة التي أعدها إلى أن الشباب لا يهتم بالمشاركة في الشأن العام وبالسياسة، وإن 86.3 بالمائة من الشباب الجزائري لا يشاركون في الجمعيات الثقافية والسياسية والاقتصادية والرياضية في أحيائهم، وأكثر من 87 بالمائة لا يشاركون في الأنشطة بالمدن.

وأكد أن أقل من 7 بالمائة من الشباب منضوون في أحزاب أو يشاركون في حملات انتخابية، معتبراً أن ما يقارب 96 بالمائة منهم معتزلون للسياسة بحجج مختلفة أهمها انعدام الثقة والفساد المتفشي، فالسلطة لم تعد جاذبة للشباب، وهذا مأزق حقيقي للسياسة العمومية.

بدوره، اعتبر الباحث التونسي، محمد بالراشد، في تصريحٍ لـ"العربي الجديد"، أن تغييب ثقافة الديمقراطية سينتج عنه الاستبداد، فكلما تغيّبت الديمقراطية عن الناشئة غابت الممارسات الديمقراطية، معتبراً أن كل الأنظمة السياسية السابقة في المنطقة العربية تعاملت مع هذه الثقافة على أنها أمر مؤجل.




واعتبر بالراشد أن الأنظمة السياسية اختارت ألا تزرع ثقافة الديمقراطية حتى لا تطالَب بها، واختارت تأجيلها، وهي بذلك إنما تؤجّل بناء جيل ناقد يثق بنفسه ويبادر بصنع التغيير، مشيراً إلى أن الأنظمة السياسية لم تتوقّع الثورات العربية التي فاجأتها ولم تعرف كيف تدير الأزمة جيداً، والنخب السياسية بدورها لم تتوقع هذا الحراك الذي فاجأ المعارضة أيضاً، والتي سارت في سياقه لاحقاً.

وقالت الباحثة المصرية، فرح رمزي، والتي قدمت محاضرة عن جيل الثورة وكيف تغيرت علاقة الشباب المصريين بالسياسة بعد 2011، إنّها حاولت البحث في ارتباط ثورة 25 يناير 2011 بجيل معين، ومن خلال البحث الميداني الذي أجرته مع مجموعة من طلبة كلية العلوم السياسية بجامعة القاهرة، حاولت معرفة كيفية تطور علاقة الجيل بالسياسية، وموقفهم من الشأن العام والقضايا والأحداث السياسية.






وأوضحت رمزي في تصريح لـ"العربي الجديد" أنّها أجرت 50 استبياناً ومقابلات مطولة مع العينة بدءاً من شهر يناير/ كانون الثاني 2013 إلى مايو/ أيار 2013 وهي الفترة التي من المفروض أن تختزن قمة التحول الديمقراطي، معتبرة أن أبرز ما توصلت إليه أن هناك نوعاً من التحول من وضع الجيل الموجود في سياق تهيمن عليه مشاكل معينة وجيل لعب دوره التاريخي، ولكن العملية ظلّت غير مكتملة لأنها لم تترجم في حراك واسع وجمعي، فالوعي الجيلي يتوقف عند المستوى الكلامي.

وأكدت أن الوعي الجيلي موجود ولكنه لا يترجم على أرض الواقع، فالشباب يعي موقعه الجيلي بعد الثورة ولكن التحولات لا تسمح بالحديث عن وحدة جيلية تتحرك بوصفها كلاً واحداً.


 
المساهمون