الجزائر نحو اعتماد الأكياس الورقية

26 يناير 2020
قريباً ينتهي استخدام الأكياس البلاستيكية (فايز نورالدين/ فرانس برس)
+ الخط -
عاد الجدال في المجتمع الجزائري حول مخاطر الأكياس البلاستيكية واستعمالاتها، خصوصاً التي تستخدم لحفظ المواد الغذائية كالخبز والخضار والفاكهة بسبب تأثيرها على البيئة، على الرغم من أن العائلة الجزائرية كانت تقتني مختلف المأكولات في ما يُسمى "القفة" أو "السلة" المصنوعة من خشب الدوم.

ويكثر الحديث عن أضرار الأكياس البلاستيكية التي تستخدم في الأسواق باعتبارها ظاهرة غير صحية، بحسب جمعيات مدنية لحماية المستهلك، وجمعيات حماية البيئة. وتعتزم السلطات الجزائرية منع استخدام الأكياس البلاستيكية في محلات ومتاجر بيع الخبز، واستبدالها بالأكياس الورقية. وأعلنت عن إنتاج ما لا يقل عن 100 ألف كيس ورقي دفعة أولى خلال الثلث الأول من عام 2020.

من جهته، قال وزير التجارة الجزائري الجديد كمال رزيق في ندوة مع اتحاد التجار والموردين ومسؤولي الوزارة أنه اتخذ قرارات لفرض رقابة على كل الأسواق والتجار لتطبيق حرفي للقرارات التي تخص تنظيم الأسواق وحماية صحة المواطنين.

وفي وقت سابق، أعلن رئيس الاتحادية الوطنية للخبازين يوسف خلفات أنّه سيتم توزيع الأكياس الورقية على مختلف المخابز عبر الوطن، والتي يقدّر عددها بـ 7200. ويأتي هذا القرار في إطار الحملة الوطنية للقضاء على استعمال الأكياس البلاستيكية لتغليف المواد الغذائية، خصوصاً الخبز. ويُنتظر توزيع الأكياس الورقية على كل المخابز في البلاد قبل نهاية أبريل/ نيسان المقبل. وأحصت وزارة التجارة ما يزيد عن 630 مخبزاً في العاصمة الجزائرية، و540 في ولاية وهران، و370 في ولاية وادي سوف. وينتظر القضاء على استعمال الأكياس البلاستيكية في معظم الولايات الجزائرية قبل انتهاء الثلث الأول من العام الجاري.

ويتخوّف أصحاب المخابز من تأثير هذه الأكياس على سعر الخبز، على الرغم من تطمينات الاتحادية الوطنية للخبازين، لافتاً إلى أن الحكومة الجزائرية وعدت بدعم هذه الأكياس، علماً أنه يتم التسويق لها مجاناً من خلال مختلف المخابز. وفي ما يتعلق بتمويل الأكياس الورقية، ينتظر تغطية مصاريف الأكياس التي ستعطى إلى المخابز من قبل شركاء اقتصاديين.



وتخشى جمعيات حماية المستهلك من أضرار الأكياس البلاستيكية على الصحة، وشنت جمعيات عدة متخصصة في الصحة والبيئة حملات توعية حول خطورة المواد البلاستيكية على المواد الغذائية، خصوصاً الخبز، الذي يعد غذاء أساسياً للجزائريين. وتطالب بسن قانون لحماية المستهلك واتخاذ قرارات لحماية البيئة من خلال الأكياس التي تستخدم في اقتناء المأكولات وتغليفها وتعليبها.

ويؤكّد المهتمّون بالصحة والبيئة في الجزائر، أن استخدام "القفة" المصنوعة من ألياف الدوم أفضل بكثير من استعمال الأكياس البلاستيكية للحفاظ على الصحة والبيئة في آن. وسبق لوزارة البيئة أن وزعت 10 آلاف سلة في أسواق العاصمة الجزائرية، على أن تشمل العملية كامل أسواق ولايات الجزائر في مبادرة من شأنها التقليل من استعمال الأكياس البلاستيكية من جهة، والنفايات البلاستيكية وبالتالي التلوث من جهة أخرى.

وتُحصي الجزائر استهلاك ما يزيد عن 5،5 مليار كيس بلاستيكي سنوياً، علماً أنّه يُعاد تدوير 50 في المائة من النفايات البلاستيكية من بين أكثر من 14 مليون طن من النفايات سنوياً، بحسب إحصائيات وزارة البيئة. وأعلنت الأخيرة عن برنامج للانتقال مرحلياً من استخدام الأكياس البلاستيكية إلى تلك الورقية لحفظ الخبز واستخدام سلة الدوم المصنوعة طبيعياً، ما يتطلّب مبادرة تشرف عليها قطاعات عدة، أهمها: وزارات التجارة والبيئة والصحة، إضافة إلى تنظيم حملات صحية يشارك فيها مختلف الفاعلين والاقتصاديين والأطباء وجمعيات حماية البيئة والمستهلك. والهدف منها توعية المواطنين لتغيير سلوكهم والحفاظ على البيئة لتحقيق التنمية المستدامة المرجوة.



قديماً، كانت "القفّة" أو "سلة" السعف المصنوعة من الدوم الوسيلة الوحيدة لحفظ الغذاء، إلا أنها تراجعت مع مرور الوقت. وفرضت الحياة الاستهلاكية السريعة على الجزائريين التخلّي عن "القفة" وتبديلها بالأكياس البلاستيكية التي تقتنيها من أي محلّ.

وقليلة هي العائلات التي ما زالت تحافظ على "القفة" أو "السلة" كتراث. ويقول الحاسن بودومي لـ "العربي الجديد": "لم يعرف الجزائريون الأكياس البلاستيكية لاقتناء الخبز إلا خلال السنوات الأخيرة، وتراجع بيع القفة العتيقة في الأسواق على الرغم من كونها أكثر أماناً على صحة الإنسان". والتوعية حول مدى خطورة البلاستيك على صحة الإنسان تحتاج إلى وقت، بحسب الناشط في جمعية "البيئة والصحة للجميع" فريد قماس. ويلفت إلى أهمية تحول سلوك المواطن من سلوك استهلاكي إلى سلوك صحّي، من خلال تبنّي استراتيجية موجهة لتلاميذ المدارس وتحفيز العائلات. يضيف لـ "العربي الجديد": "الصحة أهم شيء والمحيط النظيف يحمينا من الأمراض المنتشرة نتيجة النفايات البلاستيكية التي لا نعرف مدى خطورتها على الصحة وعلى البيئة".
المساهمون