وسّعت الحكومة الجزائرية قائمة المنتجات الممنوعة من الاستيراد، لتواصل بذلك إجراءات الحد من فاتورة الواردات وتآكل احتياطي النقد الأجنبي، فيما أظهرت بيانات رسمية أن البنك المركزي ضخ سيولة محلية ضخمة تتجاوز تريليوني دينار، العام الماضي 2017، في إطار سياسة "التمويل غير التقليدي" التي تتضمن طباعة النقود لتدبير الاحتياجات التمويلية.
وجاءت السلع الجديدة الممنوع استيرادها في منشور لوزارة التجارة، اطلعت عليه "العربي الجديد"، لتضاف بذلك إلى قائمة تضم نحو ألف سلعة تم إصدارها في الأول من يناير/كانون الثاني 2018. وتشمل القائمة الجديدة 26 منتجا، منها البسكويت بمختلف أنواعه ومنتجات الخبز والحلويات.
ولم تتوقف الحكومة عند هذا الإجراء، بل قررت رفع الرسوم الجمركية على بعض المنتجات المسموح باستيرادها، كالمكسرات والفواكه المجففة، وأجهزة الاستقبال الرقمية، من 15% إلى 30%، بدءا من الأول من مارس/آذار الجاري.
وتهدف الحكومة إلى تقليص فاتورة الواردات التي استقرت العام الماضي عند حدود 47 مليار دولار، وهو رقم بعيد عن تطلعاتها، التي كانت ترمي إلى خفضها تحت عتبة 40 مليار دولار.
ورغم هذه الإجراءات، فإن أرقام الجمارك تشير إلى ارتفاع فاتورة استيراد المواد الغذائية بنسبة 12%، في يناير/كانون الثاني الماضي، مقارنة بنفس الفترة من العام الماضي، لتصل إلى 838 مليون دولار، مقابل 747 مليون دولار.
ويرى فرحات علي، الخبير الاقتصادي، أن "الحكومة لا تزال مصرّة على الوقوع في نفس الأخطاء، فقبل ثلاث سنوات أقرت نظام رخص الاستيراد، وحددت قائمة المواد الخاضعة لهذا النظام بطريقة إدارية بعيدة عن حقيقة السوق، فكانت النتائج كارثية، ومنها ارتفاع الأسعار في الأسواق، وهو نفس الأمر مع اتباع نظام قوائم السلع الممنوعة من الاستيراد، والذي جاء بعد تجميد العمل برخص الاستيراد نهاية العام الماضي".
ويقول علي: "في الحقيقة، هذه القرارات تضر أكثر بجيوب المواطنين، خاصة مع اقتراب شهر رمضان، الذي يكثر فيه استهلاك الفواكه الجافة والحلويات".
وشكلت قائمة المواد الممنوعة من الاستيراد، منذ الكشف عنها من طرف الحكومة، مشكلة للجزائر، على الصعيد الخارجي، خاصة مع شركائها الاقتصاديين، حيث تسارع السفارات الأجنبية ورجال الأعمال الأجانب إلى الاستفسار عن مستقبل قائمة السلع المحظورة ومتى يجمد العمل بها.
ومنذ بداية السنة، استقبل وزير التجارة الجزائري محمد بن مرادي، سفراء روسيا وفرنسا وإيطاليا وكندا، بطلب منهم، بقصد "جس نبض" الحكومة ومدى تمسّكها بقرار كبح الواردات.
كما أعرب الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، في زيارته الأخيرة إلى الجزائر يومي 26 و27 فبراير/شباط الماضي، عن عدم رضاه عن السياسة التي تعيق تطور التبادلات التجارية بين البلدين، والتي استقرت عند 3.5 مليارات دولار، في حين تستهدف أنقرة والجزائر رفعها إلى 5 مليارات دولار، ثم 10 مليارات دولار في المدى القريب والمتوسط.
وكان محافظ البنك المركزي، محمد لوكال، أعلن، أمام أعضاء المجلس الشعبي الوطني (الغرفة الأولى للبرلمان)، في فبراير/شباط الماضي، أن احتياطات بلاده من النقد الأجنبي تراجعت بمقدار 16.8 مليار دولار، خلال 2017، لتسجل 97.3 مليار دولار، مقابل 114.1 مليار دولار، نهاية 2016. وتعاني الجزائر، منذ أكثر من ثلاثة أعوام، من تراجع الإيرادات، بسبب تراجع أسعار النفط بأكثر من 55%.
في هذه الأثناء، ضخ البنك المركزي سيولة محلية في الأسواق بقيمة 2.18 تريليون دينار (19 مليار دولار)، العام الماضي، وفقا لما تضمّنه تقرير صادر عن البنك، حصلت "العربي الجديد" على نسخة منه.
واستند المركزي في ضخ هذه السيولة الضخمة إلى المادة 45 من قانون القرض والنقد، الذي عدلته الحكومة نهاية 2017، حتى تسمح للبنك المركزي بطباعة النقود، لتمويل المشاريع الحكومية وسداد الدين الداخلي للحكومة، خاصة ديون شركات البناء العالقة، في ظل تراجع عائدات النفط ودخول البنوك في أزمة سيولة حادة.
ولاقت الخطوة معارضة شديدة من طرف الأحزاب السياسية والخبراء الذين يتخوفون من الآثار السلبية لطبع النقود، كارتفاع التضخم وانخفاض قيمة العملة المحلية.
لكن رئيس الحكومة، أحمد أويحيى، قال، في مؤتمر صحافي يوم 20 يناير/كانون الثاني الماضي، إن الجزائر تعاني من أزمة مالية خانقة نتيجة تدهور أسعار النفط ونقص الموارد المالية.
ومنذ بداية أزمة تراجع أسعار النفط، منتصف سنة 2014، اتخذت الحكومة العديد من الإجراءات لتقليص الإنفاق والدعم، ومنها رفع أسعار الوقود وفرض المزيد من الضرائب والرسوم الجمركية على السلع.