تستعد السلطات الجزائرية لافتتاح أكبر مسجد في أفريقيا وثالث أكبر مسجد في العالم، في نوفمبر/تشرين الثاني القادم، بعدما تمّ الانتهاء من كافة التجهيزات اللوجيستية والترتيبات الفنية الخاصة به، بعد ثماني سنوات من بدء بنائه.
وأعلن الرئيس الجزائري، عبد المجيد تبون، اليوم الخميس، خلال زيارته إلى المسجد، أنّ التدشين الرسمي لـ"جامع الجزائر الأعظم"، سيكون في مطلع نوفمبر، المصادف للذكرى الـ66 لاندلاع الثورة التحريرية. ولمح تبون إلى التوافق على هذه التسمية للمسجد، بعد جدل وسلسلة اقتراحات قدّمتها عدة أطراف بشأن تسميته،كالفاتح عقلة بن نافع والإمام ابن باديس والشيخ البشير الإبراهيمي.
وأقيم "جامع الجزائر الأعظم"، قبالة البحر، في منطقة المحمدية في الضاحية الشرقية للعاصمة الجزائرية، على أنقاض كنيسة ومدرسة للآباء البيض، بناها الكاردينال لافيجري، قائد التبشير المسيحي في الجزائر في القرن التاسع عشر. وسُميت المنطقة باسمه في عهد الاستعمار الفرنسي، لكن السلطات الجزائرية تعمّدت تسمية المنطقة بالمحمدية بعد الاستقلال، نسبة إلى الرسول محمد صلى الله عليه وسلم، لمحو الأثر المسيحي المرتبط بالكولونيالية الفرنسية.
ويعدّ هذا الجامع، أكبر مسجد في الجزائر و أفريقيا، وثالث أكبر مسجد في العالم، بعد المسجد الحرام في مكة المكرمة، والمسجد النبوي الشريف في المدينة المنورة. وتعلوه أطول منارة في العالم، ويبلغ ارتفاعها 267 متراً، فيما يمتدّ الجامع على مساحة إجمالية تقدّر بأكثر من 27 هكتاراً. ويضمّ هذا المعلم، ذو الطابع المعماري الإسلامي بخصوصية جزائرية، بالإضافة إلى المسجد وساحته الخارجية، فضاء استقبال، وقاعة للصلاة تتجاوز مساحتها هكتارين، تتّسع لـ120 ألف مصلّ، ودارا للقرآن بقدرة استيعابية تقدّر بـ300 مقعد تعليمي لما بعد التدرّج، ومركزاً ثقافياً إسلامياً.
ويضمّ جامع الجزائر 12 مبنى ومكتبة، تتّسع لألفي مقعد وتحتوي على مليون كتاب وقاعة محاضرات، ومتحفا للفن والتاريخ الإسلامي، ومركزاً للبحث في تاريخ الجزائر. كما يحوي مركزاً ثقافياً يتّسع لثلاثة آلاف شخص، إضافة إلى قاعات ومقرّات إدارية، وموقف سيارات يتّسع لستة آلاف سيارة، على مستويين تحت الأرض.
وتمّ تزويد "جامع الجزائر الأعظم"، بنظام مضاد للزلازل، يسمح بتقليل نسبة الشعور بالهزات الأرضية بنسبة 70 بالمائة، بحيث تمتصّ الدعائم الموجودة أسفل المسجد قوّة الهزة الأرضية، وهذا لحماية هذا الصرح المعماري والثقافي من أيّ كوارث محتملة، بضمان يصل إلى 80 سنة. ويخضع هذا النظام إلى مراقبة دورية للوقوف على مدى جاهزيته.
وصمّم المسجد ضمن مسار خطّ ترامواي، يصل إليه من وسط العاصمة والضاحية الشرقية، وقرب الطريق السيار في مدخل العاصمة، ما يسمح له بأن يكون قبلة سياحية ودينية للمواطنين المقيمين وكذلك الأجانب الوافدين إلى الجزائر.
وكان الرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة قد قرّر، عام 2011، بناء هذا الجامع، وتمّ وضع حجر أساسه في 31 أكتوبر/تشرين الأول 2011. وفاز مكتب تصميمات ألماني بصفقة تصميم هندسته، وبدأت أشغال الإنجاز رسمياً في 20 مايو/أيار 2012، من قبل شركة إنجاز صينية، وقدّمت إيران سجاداً، هبة لفرشه.
وكان الرئيس عبد العزيز بوتفليقة، يأمل في أن يكون هو من يدشّن المسجد في عهده الرئاسي الخامس، لكن الحراك الشعبي أطاح به في الثاني من إبريل/نيسان 2019.
وأثيرت، في وقت سابق، قضايا فساد مالي مرتبطة بصفقة إنجازه، إذ ارتفعت تكلفته إلى ملياري دولار، فيما كان قد خصّص للمشروع بداية، ثلث هذا المبلغ. واحتجّت عدّة أطراف، خاصة العلمانية والتقدمية، على إنفاق هذا المبلغ على المسجد، بدلاً من تخصيصه لمشاريع البنية التحتية، وتمّت المطالبة من قبل الأطراف ذاتها، بضرورة تحويل جزء منه إلى مستشفى، لكن القوى الإسلامية والمحافظة، دافعت عن مشروع "جامع الجزائر الأعظم".